إن أردنا أن نعالج مسألة وجود الله، ينبغي لنا أن نعالج في الوقت عينه مسألة وجود الإنسان. منذ زمن طويل مات الله في فكر الكثيرين من معاصرينا. لكن ما يزيد على هذه المأساة أنّ الإنسان أيضًا يوشك أن يموت. إذ فقد البعض الإيمان بالإنسان، وراحوا يشبّهونه بآلة إلكترونيّة، زاعمين أنّ كلّ ما في الإنسان يمكن تفسيره كما تُفسَّر الآلة، وأنّ سرّ أفكارنا ومشاعرنا يكمن في عمل خلايا جسمنا. لا شكّ أنّنا في كثير من الأحيان نتصرَّف كما تتصرّف الآلة، إذ تأتي أعمالنا كردّة فعل تصدر عن أهوائنا وليس عن اقتناع ينبع من عمق شخصيّتنا. فعندما يكون الإنسان سجين غرائزه، لا يعود هناك فرق بينه وبين الحيوان الذي لا عقل له بل مجموعة غرائز تسيّر حركاته وتصرّفاته. ما هو السبيل للارتقاء بالإنسان إلى ما فوق الحيوان؟ كيف يستطيع الإنسان أن يتحرّر من عبوديّة أهوائه وشهواته الحيوانيّة؟ يقول السيّد المسيح: "الحقّ الحقّ أقول لكم: إنّ من يعمل الخطيئة هو عبدٌ للخطيئة. والعبد لا يقيم في البيت على الدوام. أمّا الإبن فيقيم على الدوام. فإن حرّركم الابن (أي ابن الله) كنتم في الحقيقة أحرارًا" (يوحنّا 34:8-35). مشكلة الإنسان الكبرى هي في عجزه عن السيطرة على أهوائه وغرائزه، ومشكلة الكثيرين من الناس أنّهم...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول