الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

.. ومتى يحتفل الجيش بنصره؟

المصدر: "النهار"
سابين عويس
سابين عويس
.. ومتى يحتفل الجيش بنصره؟
.. ومتى يحتفل الجيش بنصره؟
A+ A-

بالامس، أعلن الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله "عيد التحرير الثاني" في 28 آب 2017 "بعد إندحار آخر مسلح من تنظيم داعش عن الاراضي اللبنانية"، معتبرا أن هذا التاريخ كتبته دماء شهداء الجيش اللبناني والجيش السوري والمقاومة، وتاركا للحكومة الاعتراف بهذا اليوم أو تحديد يوم آخر، وداعيا إلى زحف بشري إلى بعلبك يوم الخميس للاحتفال بهذا النصر، في خطوة وُصفت بأنها دعوة الى استفتاء شعبي على خيارات الحزب وقراراته.

كان اللبنانيون الذين يترقبون بألم وحزن عميقين، إلى جانب ذوي العسكريين المخطوفين، نتائج فحص الحمض النووي لرفات الشهداء لتأكيد هوياتهم، ينتظرون صدور مثل هذا الاعلان عن قائد الجيش، معطوفا على إعلان منه عن إنتهاء معركة "فجر الجرود". لكن ما حصل أن قيادة الجيش غابت أخيرا عن السمع كما غابت بيانات مديرية التوجيه، واقتصرت المعلومات المتوافرة عن قيام الجيش بتمشيط منطقة الجرود بحثا عن جثة الجندي الثامن الشهيد مدلج، ورفع العلم اللبناني فوق تلّة القريص على الحدود اللبنانية السورية، بالتزامن مع تسلّمه المواقع المحررة من "حزب الله"!

وكان اللبنانيون على الاقل يتوقعون صدور الاعلان عن رئيس الحكومة، معطوفا كذلك على إعلان يوم الحداد الوطني على العسكريين الشهداء، المخطوفين منهم أو أولئك الذين سقطوا على أرض المعركة. لكن الاعلان جاء على لسان قائد المقاومة الذي فاته أن "دحر" الارهابيين الذين تناقلت صورهم وسائل الاعلام المحلية والدولية، حصل عبر باصات مكيفة تقل هؤلاء وعائلاتهم، بما يشبه رحلة سياحية بين الحدود اللبنانية والسورية!

كل ذلك وسط صمت رسمي لم يخرقه إلا تغريدة رئيس الحكومة سعد الحريري دفاعا عن الرئيس تمام سلام، فيما تغص مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات وتغريدات تتمحور كلها حول أسئلة لا مفر للسلطة أو للقيادات السياسية المسؤولة عن مشهد الايام القليلة الماضية، من الاجابة عنها، ولا سيما أنها ستشكل مادة مواجهة ستعيد المشهد السياسي المتأزم إلى مربعه الاول.

فخطاب النصر الذي اعلنه السيد، معطوفا على مشهد الزحف البشري المرتقب الخميس، والذي انضم اليه "التيار الوطني الحر" عبر كلام رئيسه الوزير جبران باسيل ، سيحول الانظار مجددا إلى المشهد الحكومي الهش أساسا، بعدما تُرك لها حصرا قرار تحديد يوم العطلة الرسمية في ذكرى التحرير الثاني، فيما أعاد نصر الله تجديد التأكيد على توسيع دائرة ثلاثيته لتشمل الجيش السوري، الذي شارك في عيد التحرير الثاني.

مجموعة كبيرة من الاسئلة فرضت نفسها على الوسط السياسي والاعلامي، يمكن حصرها بنقاط أساسية لا يمكن التغاضي عن إعطاء الاجوبة الشافية عنها:

- لماذا استبق نصرالله العملية العسكرية للجيش، معلنا التسوية – الصفقة مع "داعش" قبل الاجهاز على التنظيم الارهابي، قاطعا بذلك الطريق على الجيش لإكمال عملياته؟ ففي حين كانت الاستعدادات الجارية لإعلان ساعة الصفر للمرحلة الرابعة والاخيرة من "فجر الجرود"، أعلن عن وقف إطلاق النار وتنفيذ التسوية.

- لماذا تم تسليم كل عناصر "داعش" وتسهيل مرورهم الآمن عبر الحدود إلى الداخل السوري، بما أدى عمليا إلى قطع أي طرف خيط أمام الجيش والاجهزة الامنية يمكن أن يرشد إلى منفذ إعدام العسكريين، أو منفذي العمليات الارهابية في لبنان؟

- ماذا في خلفيات إثارة قرارات الحكومة السابقة وتحميلها مسؤولية عدم اتخاذ القرار السياسي بتكليف الجيش مواجهة "داعش" في جرود عرسال، علما أن هذه المسؤولية كانت جماعية بما أن المكونات السياسية مجتمعة كانت ممثلة في الحكومة وكان كل وزير يتمتع بصلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسين الذي عطل غالبية قرارات حكومة الرئيس تمام سلام وحال في حينها أيضا دون المضي في ملف عرسال؟

- أليس تأخر "حزب الله" في حسم ملفي "داعش" والنصرة" اليوم بدلا من حسمه قبل 3 أعوام، وهو قادر على ذلك، متصل بحسابات إقليمية جعلت ما كان ممنوعا سابقا متاحا اليوم؟

- كيف سينعكس المشهد السياسي المستجد بعد إعلان النصر من جانب واحد على الحكومة ومكوناتها، وهل "ستبلع" هذا المشهد وتتجاوزه، كما "بلعت" مشاهد مماثلة لا تقل سوءا؟

في رأي اوساط مراقبة أن التركيبة اللبنانية قادرة على بلع كل شيء مهما تفاوتت درجات السوء فيه. فتعود الى طرح ملفات قديمة- جديدة تشغل فيها الوسط السياسي والاعلامي عما حصل. لكن هذا لا يعني في رأيها ان التغاضي عما حصل يلغي اضراره وتداعياته السلبية والخطيرة على الدولة ومؤسساتها، او يطوي المعادلة السياسية التي رسمها نصر الله امس عبر إستعادة "الامر لي" من يد الجيش!



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم