الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

شيعة لبنان إلى أين؟

نواف كبارة
Bookmark
شيعة لبنان إلى أين؟
شيعة لبنان إلى أين؟
A+ A-
عند الحديث عن مستقبل شيعة لبنان لا يمكن الا ان يتبادر الى الذهن مجموعة اسئلة تطرح نفسها بشكل طبيعي وتلقائي. اولها لماذا على الشيعي اللبناني التخلي عن مشروع انتعاش الهوية الشيعية في المنطقة وتوسع نطاق الهيمنة والقوة لديه لمصلحة الانتماء الى بلدٍ صغير مثل لبنان؟ لماذا على الشيعي اللبناني ان يقبل التعايش بالتساوي مع افراد باقي الطوائف اللبنانية بينما متاح امامه امكان الهيمنة على كامل لبنان والمشرق العربي؟ ما هي الاغراءات للشيعي اللبناني في ان يتخلى عن هويته الطائفية والمذهبية ويعيش ضمن فضاء شيعي مُعتبر في المنطقة مقابل ان يذوب في مشروع دولة ينتقل فيها ولاؤه من المذهبية الى المواطنة في بلدٍ صغير كلبنان؟ يمكننا ان نطرح هذه الاسئلة نفسها على المواطن اللبناني السني الا ان الاجابة تختلف بين مذهبٍ اسلامي وآخر. المعضلة الرئيسية في مناقشة الواقع الشيعي في لبنان هي اننا نطلق هذا النقاش في وقت يعيش فيه الكثير من الشيعة في لبنان والمنطقة مرحلة اعادة الاعتبار للهوية المذهبية والسياسية للخطاب الشيعي على حساب قرونٍ من القمع والاضطهاد وحيث ينخرط شيعة المنطقة في مشروع سياسي عسكري لقلب موازين القوى لمصلحة الشيعية السياسية على حساب السنية السياسية المهيمنة منذ قرون. ومن هنا فان اهمية لبنان في هذا المشروع هو انه يحضن إحدى اهم القوى الشعبية الشيعية في المنطقة والتي سمحت طبيعة نظام لبنان السياسي لها في ان تتحول الى ان تصبح رأس الحربة في المشروع السياسي الشيعي على مستوى المنطقة. من هنا قد يعتقد البعض (وربما عن حق) ان هذا المقال يأتي في الوقت الخطأ. الا ان مستقبل لبنان كوطن ودولة مرتبطٌ الى حد بعيد بالحركية والخيارات السياسية المتاحة امام الطوائف اللبنانية المختلفة طالما ان الهوية الطائفية لم تزل مسيطرة وان مشروع المواطنة لم ينضج بعد. وحقيقة الامر ان مشروع الشيعية السياسية يأتي نتيجة تحولين كبيرين حدثا في المنطقة في نهاية سبعينات القرن الماضي. التحول الاول هو في انهيار مشروع القومية العربية نتيجة تخلي مصر عن هذا المشروع في ظل حكم الرئيس انور السادات ومن ثم توقيعها على اتفاق السلام مع اسرائيل مما اخرج مصر من الصراع العربي - الاسرائيلي. وقد استتبع ذلك سقوط دولة حزب البعث في العراق بعد احتلال العراق لدولة الكويت وما تبع ذلك من ضعف ومن ثم انهيار دولة العراق البعثية القومية بعد الاحتلال الاميركي للعراق سنة 2003. اما التحول الثاني فكان في قيام الثورة الايرانية في عام 1979 ونجاح المؤسسة الدينية الشيعية الايرانية في تثبيت ركائز اول دولة تقوم على حكم اوتوقراطي شيعي منذ سقوط الدولة العثمانية في بدايات القرن الماضي. وكطبيعة كل الثورات التي تقوم على ايديولوجيا معينة، كان من الطبيعي ان يتخطى مشروع الثورة الموقع الجغرافي التي انطلقت منه كون خطاب الثورة هو خطابٌ ديني يشمل في حيثياته قوى شعبية تتخطى الدولة الايرانية لتشمل المسلمين بشكل عام والشيعة بشكل خاص. الفضاء الاول للثورة الايرانية كان الشعب الايراني قومياً. اما الفضاء الثاني فكان الشيعة المسلمين في المنطقة العربية وافغانستان وباكستان (بحكم الجغرافيا) والفضاء الثالث هو الشيعة في كافة دول العالم. اما الفضاء الرابع فهو المسلمون السنة طالما ان الخطاب الذي هيمن على الثورة كان اسلامياً بامتياز. شكل شيعة لبنان رأس الحربة في هذا الاندفاع...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم