السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

صدقي باشا فاوض اليهود على هجرة خمسين ألفا فقط

المصدر: "النهار"
Bookmark
صدقي باشا فاوض اليهود على هجرة خمسين ألفا فقط
صدقي باشا فاوض اليهود على هجرة خمسين ألفا فقط
A+ A-
في هذه الحلقة الجديدة من ثلاثية "القنوات السرية للمفاوضات العبية - الاسرائيلية" يسلط محمد حسنين هيكل الاضواء على النشاط الذي بذله زعماء الحركة الصهيونية، ولاسيما منهم ديفيد بن غوريون، لدى الادارة الاميركية من اجل تجديد التزام الولايات المتحدة تسهيل هجرة اليهود الى فلسطين وهو الامر الذي بدأت بريطانيا تعرقله. ويكشف ان اليهود الاميركيين اشتروا موقف الرئيس هاري ترومان من اليهود بمبلغ مليوني دولار قدم اليه مساهمة في حملته الانتخابية عام 1948 مما شكل اعترافاً باسرائيل قبل قيامها. ومن اجل مواجهة خطر الهجرة اليهودية الى فلسطين عقد مؤتمر قمة عربي في بلودان السورية في وقت كان رئيس الوزراء المصري اسماعيل صدقي يجري اتصالات مع ممثلين عن الوكالة اليهودية من اجل دعم الموقف المصري في مواجهة الانكليز، وذلك في مقابل التسامح بهجرة 50 الف يهودي الى فلسطين! وفي هذه الفترة تقرر انشاء الدولة اليهودية تحت اسم "اسرائيل" والعلم الذي يشير الى نهري النيل والفرات. وتنشر "النهار" الثلاثية بموجب ترتيب مع "دار الشروق" في القاهرة وهي تصدر في ثلاثة كتب منفصلة. - 11 - بن غوريون "انني شديد الأسف لأنكم رفضتم اعطاء مهلة ساعات عدة لرئيس وزراء بريطانيا" (كليمنت آتلي رئيس وزراء بريطانيا في برقية سرية لهاري ترومان رئيس الولايات المتحدة الاميركية) بالنسبة الى بن غوريون كان قيام الدولة اليهودية في فلسطين امرا مفروغا منه، والمشكلة الوحيدة امامه هي: متى الاعلان عن قيامها؟ وكذلك لم تكن المشكلة بالنسبة اليه أمن الدولة بعد اعلان قيامها، فقد تولى هو مبكرا بناء القوة القادرة على ضمان هذا الامن وفرضه، والمشكلة الوحيدة هي: من اين يبدأ؟ وكان منطق بن غوريون منذ تلك الايام ان المطلوب ليس فرض الحرب دفاعا عن الدولة، وانما فرض السلام ضمانا لبقائها وقوتها، وكانت المشكلة الوحيدة: كيف يتحقق قبول العالم العربي؟ وكان بن غوريون يدرك ان الاجابة عن متى؟ مرهونة بموقف الولايات المتحدة... وان الاجابة عن "من اين يبدأ؟" مرهونة بمعركة تركز في الدرجة الاولى على مصر والاردن... وان الاجابة عن "كيف؟" مرهونة بتسليم العرب ان المطلوب منهم ليس الاعتراف بأمر واقع، وانما بالتعامل معه طبق قوله "اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، ومن دون حدود او حواجز، وبغير شروط من اي نوع". وفي السنوات الحاسمة 1946 و1947 و1948 راحت خطوط المواجهة تتحدد، وكل طرف فيها يحدد اولوياته ويحاول رسم خرائطه. 1- وكانت بريطانيا تخوض معركة شبه يائسة، فقد بدأت تتحقق يوما بعد يوم، على حد تعبير السير هارولد بيلي مدير مكتب إرنست بيفن وزير الخارجية وقتها (وقد اصبح سفيرا لبريطانيا في مصر مرتين بعدها). "اننا نستطيع ان نفتح البوابات امام طوفان، لكنه تجيء لحظة ندرك فيها ان فتح البوابات شيء والتحكم في تدفق المياه شيء آخر. إن بريطانيا التي "بدأت مشروع دولة يهودية في فلسطين" ما لبثت بعد ذلك ان فقدت امكان السيطرة على المشروع". والواقع ان العنصر الذي اخذ من بريطانيا فرصة السيطرة على المشروع، وحوّل الدخول اليهودي الى فلسطين من هجرة الى طوفان، هو انتقال قيادة الغرب نهائيا الى الولايات المتحدة الاميركية. 2- ولقد اقبلت الولايات المتحدة على تسلم مقاليد الشرق الاوسط ونظرتها الى اقليم بأكمله وليس الى بلدان متفرقة فيه، وقد دخلت المنطقة وهي منهمكة في مواجهة عالمية مع الاتحاد السوفياتي لا بد ان يخضع الكل لضروراتها مهما تكن رغباتهم. ثم انها اقبلت وتأثير الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة نافذ الى اعصاب القرار السياسي فيها، على رغم ان مصالحها على اراض عربية وفي وسط شعوب عربية. وكان ذلك عاملا فاعلا وصل فيه القرار الاميركي الى حد التصادم مع ظاهر المصلحة الاميركية. وفي هذا السياق يجيء ذلك الحوار الشهير بين الرئيس الاميركي هاري ترومان والوزير المفوض في جدة الكولونيل إيدي. كان إيدي يحاول ان يلفت نظر رئيس الولايات المتحدة الى خطورة سياسته على المصالح الاميركية، ورد ترومان بصراحة قائلا: "هل لدى العرب اصوات في مينوسوتا يعطونها لي في انتخابات الرئاسة او يحجبونها عني؟...". ورد إيدي بالنفي. وحسم ترومان احتجاجات ممثله في جدة بقوله: "إن اليهود لديهم اصوات في مينوسوتا"! [يروي الكاتب الاشهر جور فيدال في مقدمته لكتاب "التاريخ اليهودي... عبء ثلاثة آلاف سنة" انه سمع من الرئيس الاميركي الاسبق جون كينيدي ان الرئيس هاري ترومان كان يشعر اثناء ترشيحه للرئاسة في انتخابات عام 1948 بأن معظم اصدقاء سلفه روزفلت قد تخلوا عنه، وانهم لا يعتقدون بامكان نجاحه، وان معنوياته ساءت الى ان جاء يوم دخل عليه فيه أحد النشطين في الحركة الصهيونية في محطة توقف عندها قطار حملته الانتخابية، ثم قدم اليه حقيبة يد فيها مليونا دولار نقدا وهو يرجوه اعتبارها مساهمة في حملته الانتخابية. "وروى فيدال ان كينيدي قال له بعد ذلك: "وهكذا اعترفنا بدولة اسرائيل قبل اعلان قيامها".] ثم اضيف الى ذلك عنصر آخر لمصلحة منطق ترومان، وإن اختلف مع اسبابه، ذلك ان اسرائيل التي لم تكن تستطيع ان تقوم او تحمي قيامها الا بالولايات المتحدة، اثبتت انها صديق موال وقادر على تنفيذ خطط السياسة الاميركية في المنطقة. 3- وكانت اسرائيل قد وضعت خطوطها وراحت ترسم حدودها على نطاقات متعددة ومتوسعة: * حدود للدولة: تتمدد باستمرار مع مدى ما تصل اليه قوة جيشها (وهو تعبير بن غوريون). * وحدود للأمن: تتسع بعد ذلك اكثر لتشمل التصدي لأي خطر يهدد أمنها مستقبلا سواء كان ذلك الخطر قريبا من حدودها القائمة او بعيدا عنها. *وحدود للمصلحة: تتطلع الى موارد النفط ومصادر المياه واسواق التجارة وخطوط المواصلات وحرية الانتقال والسفر، الخ... 4- وكان الشعب الفلسطيني في الموقف الصعب....
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم