الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

محمود درويش لـ"بريد السماء الافتراضي": بيروت قتلت المنفى في رأسي وفي جسدي

أسعد الجبوري
Bookmark
محمود درويش لـ"بريد السماء الافتراضي": بيروت قتلت المنفى في رأسي وفي جسدي
محمود درويش لـ"بريد السماء الافتراضي": بيروت قتلت المنفى في رأسي وفي جسدي
A+ A-
قيل لنا إن محمود درويش يسكن في ما وراء تلال الزئبق المنتشرة على طول الخط الأخضر. ولم يعثر عليه أحدٌ من صحبه القدامى. قيل لنا إنه يتكتم على محل إقامته في السموات، مذ بدأ بمراجعة قصائده وتصحيحها من جديد. ثم قيل أيضاً، إنه يأخذ دروساً في علوم تفكيك الغرائز على سطوح أبراج خاصة باليوغا، تقع في ما وراء حقول الأسلاف المنشورة في الضواحي الخلفية من مناطق التيه الأعظم. مع هذا وذاك، لم تدم عمليات البحث عنه غير ساعات. بعدها وصلنا إلى القصد، فرأيناه مثبتاً ذلك السيجار الكوبي بين أصابع يده اليمنى، بينما تأنقت إلى جانبه من اليسار، كأسٌ مترعة بنبيذ أحمر مع حبات من الفستق السوداني. استطلعنا العمل الفني للرسام الذي كان منغمساً فيه بلذة واضحة، فظهرت للعيان صورة مليئة بجموع من المستمعين في احتفال ما، وهم في حال من الهياج أمام الشاعر. فسألناه: ■ هل هي استعادة الرغبة من جديد، ليشتبك الشاعر بجمهوره، كما تكرسها الصورة الآن؟- ذلك حلم سبق أن تحقق على الأرض، ولا مانع من أن يتكرر بين طبقات السموات التي نحن بين صفحاتها.■ هل لأنك شاعر مشغوف بالخطاب، أم لا تريد أن تكون وحيداً في القصيدة، فتستدعي جمهوراً يخفف عنك وطأة الوحشة؟- لا يمكن لشاعر أن يدخل في مجرى الشعر من دون بشر. هذا ليس اعتقاداً، بل هو أمر قائم على جدلية الصوت والصدى كقانون ربحي، يستفيد منه الطرفان، ليدخل كل منهما من ثقب المعنى إلى الرغبة التي تنتظره في أعماق النفس.■ إذا كنت تعني بأن ثمة لذةً تُنجز لكل طرفٍ، فما جني القصيدة؟ ألا تصبح قرباناً سيئاً لتلك العلاقة القائمة على الصوت والصدى، في غياب قوى اللغة الجمالية التي عادة ما تستغني عنها قصائد الخطابة لتربح التصفيق فقط على سبيل المثل؟- ومن قال بأن تعطيل ظل القصيدة – الجمهور هو الشيء الذي يراهن عليه الشاعر. الفلسفة والبلاغة والمجاز والتأويل والمعاني العميقة، قد تقدم نصاً بارعاً، لكنها لا توقظ الشعوب المصنوعة في الأصل من الصدى العميق لصوت القهر والرماد والدمع والأنين.■ عندما كتبت الشعر للمرة الأولى، هل اعتبرت ذلك انتصاراً لك أم للغة؟ - شعرت بأن ذلك الانتصار العفوي البريء لم يكن لي ولا للغة، بقدر ما كان لتربة الشعر التي وجدتها تحتل جلّ مساحات جسدي.■ وكيف كانت سقايتك لتلك التربة؟- لم أفكر آنذاك في الطرق التي يمكنني بها سقاية القصائد، لأن الينابيع التي كانت مخبأة في دواخلي، كانت تفعل ذلك بشكل أوتوماتيكي. بعبارة أدق، كان زمن الشعر الداخلي هو الذي أخذ على عاتقته تلك المهمة، من دون أن يورطني بعمل من ذلك النوع.■ وهل تعتبر عملاً مكملاً للعمليات الإبداعية، ورطةً أو توريطاً؟!- ليس بالشكل الذي تتحدث أنت عنه. فما قصدته أنا، أن تربتي الشعرية كانت خصبة، وربما أية زيادة في السقاية، ستتحول إلى طوفان يدمرني ويدمر القصيدة.■ ثمة من يعتبر التدمير جزءاً من عملية البناء الشعري. إعادة خلق للغة...- لا. أبداً. التدمير في العملية الشعرية، سواء الخاص بأنظمة الشعر وقواعده، أو ذلك الذي يدمر من أجل...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم