الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ما مستقبل العلاقة بين الحريري و"حزب الله" في ضوء التطورات الاخيرة؟

المصدر: "النهار"
إبراهيم بيرم
ما مستقبل العلاقة بين الحريري و"حزب الله" في ضوء التطورات الاخيرة؟
ما مستقبل العلاقة بين الحريري و"حزب الله" في ضوء التطورات الاخيرة؟
A+ A-

كان امراً لافتاً ان ينوّه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن #نصرالله في آخر اطلالة اعلامية له بما ورد في الكلام الذي اطلقه رئيس الحكومة سعد #الحريري لحظة وقف على منبر السرايا الحكومية والى جانبه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم، إذ قال ان الحزب "انجز شيئا ما" في جرود عرسال، وان يعتبره (نصرالله) كلاماً متقدماً. 

ومن البديهي ان سيد الحزب عندما تعمّد الاشارة الى موقف زعيم "تيار المستقبل" انما كان يعقد بينه وبين نفسه مقارنة مع فحوى الموقف السلبي الذي اطلقته "كتلة المستقبل" النيابية ابان احتدام معركة الجرود، وقبلها بيان لقيادة التيار نفسه اتسم ايضا بالاعتراض، وبين كلام الحريري في هذا الصدد. ذلك انه ليس خافيا ان لدى دوائر القرار في الحزب توجهاً عاماً اتخذته في اعقاب التفاهم الرئاسي وما اعقبه حيال مسألة التعامل مع الرئيس الحريري و"تيار المستقبل" عموما. ومن العناوين العريضة لهذا التوجه:

- الاقتناع الضمني بان الرئيس الحريري تتملكه الرغبة في انتهاج سياسة جديدة تتنافى الى حد بعيد مع النهج الذي انتهجه في الفترة التي تلت تسلّمه الزعامة السياسية خلفاً لوالده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والذي قام في جزء منه على التصادم والمناكفة والعمل على تكريس غلبة سياسية على الحزب ومن معه وسار في ركابه.

وبمعنى آخر، لا يخفي الحزب اقتناعه بان الحريري يبتغي تكريس تعايش ومساكنة معه من شأنهما ألا يفضيا الى تكرار التجربة السياسية السابقة التي انتهت بخروجه من سدة الحكم ومن ثم مغادرته البلاد.

- ان الحزب يقيم على اقتناع بعمق التباين الحاصل بين الحريري وعدد من القيادات التاريخية لـ"تيار المستقبل" ما برحت تعارض انفتاحه ومرونته سواء مع الحزب او مع "التيار الوطني الحر"، وفي مقدمها الرئيس فؤاد السنيورة. وثمة من تعمّد ان ينقل الى قيادة الحزب فحوى اتصال هاتفي اجراه قبل ايام الرئيس السنيورة مع احد السياسيين العراقيين الذين يزورون بيروت دوماً وتمنى فيه عليه الاجتماع بالحريري وتحذيره من مغبة الاستمرار في ما سمّاه السنيورة "سياسة المرونة" التي يسلكها والتي استحالت "انبطاحا".

- وبناء عليه، فان الحزب يتعامل بعناية فائقة مع الحريري ومواقفه وادائه السياسي. ويُنقل عن احد قياديي الحزب في مجلس خاص "اننا مضطرون الى "التعامل بالقطعة" مع الحريري ومواقفه، فهو وإن اطلق موقفا متقدما من قضية تحرير جرود عرسال، إلا اننا ننتظر في محطة اخرى موقفا سلبيا لان سياسته ليست على وتيرة واحدة".

- لكن الثابت في حسابات الحزب ان الحريري لن يكون في مقدوره اجمالا العودة الى مناخات المرحلة التي سبقت التفاهم الرئاسي، وان عليه عاجلاً ام آجلاً استيعاب التحولات والتبدلات المتسارعة في الداخل وفي الاقليم على السواء والتي فرضت معطيات وموازين قوى مختلفة.

وفي موازاة ذلك، فان في اوساط الحزب من يعتبر انه يوفر للحريري باستمرار عوامل تشجيع ومواد جذب للمضي قدماً في نهج ما بعد التفاهم الرئاسي. فهو في هذا الاطار قبل بنصب طاولة الحوار في عين التينة وبرعاية سيدها مع ممثلي "تيار المستقبل"، وواظب ممثلوه الثلاثة على الذهاب الى هذه الطاولة على رغم بروز الكثير من المعطيات السلبية التي كانت تشكل فرصة للانسحاب من هذه الطاولة. والحوار وإن اخذ اجازة منذ فترة، الا ان الحزب يبدي استعدادا للعودة الى طاولة عين التينة متى تستدعي الحاجة ويقتنع المعنيون بأهمية معاودة ما كان قد بدأ قبل ما يزيد على عامين.

فضلاً عن ذلك، فان وزيري الحزب في حكومة الحريري يُشهد لهما بأنهما يتعاملان بمرونة وسلاسة مع مناقشات مجلس الوزراء، ولم يسجل عليهما اي خطوات توضع في خانة العرقلة او التعطيل او التأثير سلباً على انتاجية المجلس. ولا تخفي اوساط على صلة بالحزب ان سلوكه المهادن مع الحريري وتياره قد افضى في الآونة الاخيرة الى استيلاد مناخات سلبية داخل القاعدة العريضة للحزب. فهذه القاعدة رفعت اخيرا وبوسائط شتى صوتها اعتراضاً بعد مواقف "تيار المستقبل" وتعامل إعلامه مع المعركة الشرسة التي خاضها مقاتلو الحزب في جرود عرسال، وقد بذلت قيادة الحزب جهودا شاقة لتهدئة خواطر هذه القاعدة والحيلولة دون ذهابها نحو التصعيد.

ما من شك في ان معادلة العلاقة بين الطرفين مثقلة بإرث من التعقيد، وفي بعض مناحيها نوع من عملية عض الاصابع. ولكن يبدو جليا ان رهان الحزب الضمني هو على وقت مستقطع يفضي في نهاية المطاف الى واقع يتقبّل فيه الحريري والشريحة الاوسع من تياره الازرق مقولة ان "الزمن الاول تحوّل"، وان للمرحلة الراهنة وقائعها ومواصفاتها المختلفة، خصوصا اذا ما انتهى قريبا الجزء الثاني المرتقب من معركة الجرود في السلسلة الشرقية ورحلت نهائيا المجموعات الارهابية عن الاراضي اللبنانية لترحل معها كل رهانات المرحلة الماضية.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم