الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"لحظة سميرة سعيد": أمسية للاحتفال بالحياة

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
"لحظة سميرة سعيد": أمسية للاحتفال بالحياة
"لحظة سميرة سعيد": أمسية للاحتفال بالحياة
A+ A-

إنتظرتْ هذه اللحظة سنوات طويلة، وكان تأثيرها واضحاً على الصوت الذي ارتعدَ عندما اتضحَ لها فجأة أن الحُلُم تحقَّق، ولو بعد حين، وأن هيكل معبد باخوس يستضيفها ويَحضُن أنوثتها الأنيقة من دون عناء، وقد فتَح لها أبواب حديقته السريّة لتلهو فيها وفقَ ما تشاء. لم يَغب عن باله أنها تُحقِّق حلمها الكبير، وأن هذه لحظتها. 

إرتَعَد الصوت وهي تُرحِب بالجمهور الذي وَصل عدده إلى 4 آلاف، مؤكّدة لهؤلاء الذين تسبّبوا باختناق مروريّ وهم قادمون من مُختلف المناطِق اللبنانيّة وقد سَلكوا أكثر من مَدخل وصولاً إلى القلعة، أن الأمسية مُخصّصة للإحتفال بالحياة.

إرتدت فُستاناً زهريّ اللون من تصميم نيكولا جبران، وترنّحت بخفّة ودلال من دون أن تتخلّى عن وقفتها الساكِنة والوقورة على الخَشبة. نَسيت أحياناً كلمات الأغاني كما بدّلت مراراً في البرنامج الفنّي المُقرّرَ للأمسية، وخرجت عن اللحن في هذا المَقطع أو ذاك. لكن الجمهور سامحها عن هذا الإضطراب الذي ساد كيانها. فهي تُحقِّق حلمها. كما تفكِّر جدّياً في الإعتزال رغبةً منها في أن يحتفظ الجمهور بالصورة الأكثر جمالاً لها.

وبين عشق الفن الذي تَعيشه يوميّاتها مذ كانت في الثامنة من عمرها، وطيف هذا القرار الذي يدعو إلى حتميّة الوداع الأخير، تتأرجح سعيد. وهذا التأرجح يخلق الإرتباك وبعض اضطراب.

ردّدت بعض الأغاني أكثر من مرة، رغبة منها في إدخال السعادة إلى الجمهور الذي تَرجم فرحه بأكثر من طريقة.

البعض لم يَفهم عدم تمكّنها من السيطرة الكاملة على المسرح، والبعض الآخر عزا ذلك إلى إطلالاتها الفنيّة القليلة جداً.

فسميرة سعيد نادراً ما تُقدِّم الحفلات وتختار أعمالها بدقّة كي تُحافظ على قيمتها الكبيرة وصورتها الجميلة التي لم تتمكَّن الأيام من سلبها رونقها.

في الأمسية البعلبكيّة، قدّمت سعيد القديم والجديد، واختارت أبرز الأعمال من مُختلف الحقبات الفنيّة التي عاشتها تحت الأضواء.

 وفي كل مرّة كانت تُحاول فيها أن تُدخِل الأغاني الطربيّة إلى "لحظتها"، كان الجُمهور يُعيدها إلى الأعمال الزاهية ذات الإيقاع الصاخِب التي تَشتهر بها. كما عبَّر مراراً عن رغبته في الإستماع إلى أغنية "قال جاني بعد يومين" التي ما زالت تَقترن بالفنّانة، وإن مرّت عليها سنوات طويلة. واختارت سعيد أن تؤدّيها في النهاية، حيث شاركها الحُضور غناءً وكأن كل شخص تلحّف سماء بعلبك في تلك الليلة كان يروي معها من خلال الكلمات المؤلمة ببساطتها، لحظات انكساره العديدة.

الفرح كان سيّد اللحظة في "لحظة سميرة سعيد".

وأطلّت الفنانة المغربيّة المُقيمة في مصر، على جمهور مهرجانات بعلبك الدوليّة، بشفافيّة ولياقة وأنوثة عالية جداً.

الإعتزال قرار محوريّ في حياة سميرة سعيد، لكنه لم يؤخَذ بعد.

والوداع الأخير ربما لم تحن "لحظته" بعد.

لكنه آتٍ لامحالة.

وأحياناً يكون الرحيل أكبر هديّة يُقدّمها الشخص لنفسه ليُحافظ على تاريخه المجيد.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم