الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الأزمة مع قطر مستمرة

المصدر: "النهار"
سليمان نمر- كاتب سياسي
الأزمة مع قطر مستمرة
الأزمة مع قطر مستمرة
A+ A-

‎لم يكن مستهجناً أن يعود الرئيس التركي رجب طيب #‎أردوغان من زياراته الخليجية الثلاث للسعودية و #الكويت و #قطر بـ"خفّي حنين"، دون أن يحقق أيّ اختراق لحلّ الأزمة مع قطر.

‎وهذا ليس فقط لأنّ دولتين رئيستين من الدول الأربع المقاطعة لقطر (الإمارات ومصر) لا تكنّان أيّ ودّ لتركيا، وليس فقط أيضاً لأنّ سحب القاعدة والقوّات العسكرية التركية من قطر أحد شروط ومطالب الدول المقاطعة للدوحة، وبالتالي تعدّ الدول الأربع تركيا جزءاً من الأزمة وطرفاً فيها .

‎ بل لأنّ الوساطات الأهمّ التي سعت للوصول إلى حلّ للأزمة، والمقصود هنا الوساطتان الكويتية والأميركية، لم تنجح، فكيف بوساطة للطيب أردوغان الذي يشنّ إعلام الدول المقاطعة الأربع حملات هجومية عليه (لا سيما الإعلام المصري والإماراتي).

‎حكيم الكويت وأميرها الشيخ صباح الأحمد، وهو الضليع بالوساطات الخليجية والعربية منذ عشرات السنوات، بادر للتوسط منذ الأيام الأولى للأزمة مع قطر وقطع العلاقات وإغلاق الحدود معها وطرد مواطنيها، ولكن لم يجد أي استجابة لوساطته التي كانت تقوم على أساس عقد لقاء طارئ لقمة دول مجلس التعاون تنضم مصر إليها في وقت لاحق، لأن الدول الأربع (لا سيما دولة الإمارات ومعها مصر) لا تريد حلّاً وسطاً مع قطر، "وأنّ أيّ حلّ وسط يعني خروج الدوحة منتصرة في هذه الأزمة" وفق ما قاله لنا مصدر إماراتي.

‎لذا تقدمت الدول الأربع المقاطعة بمطالبها "التعجيزية" الثلاثة عشر لوقف مقاطعتها وفكّ حصارها عن قطر، ووضعت هذه الدول مهلة عشرة أيام للحصول على ردّ الدوحة على هذه المطالب. وبالطبع أتى الردّ القطريّ بالرفض، لأن قبولها بهذه المطالب يعني اعترافها بأنها تدعم الأرهاب. ودعت الدوحة إلى حوار ومفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة لبحث "شكاوى" الدول الأربع، وهذا أمر تعدّه هذه الدول "مراوغة" قطرية.

‎وأمام الإصرار على تنفيذ المطالب والشروط ورفضها، دخلت الأزمة القطرية مع الدول الأربع في طريق مسدود لا سيما بعدما تجمّدت الوساطة الكويتية – بدون إعلان - بانتظار أن تتغيّر الظروف وتهدأ النفوس.

‎ولا شكّ بأنّ الطرف الوحيد القادر على إقناع الطرفين بإيجاد حلّ لهذه الأزمة هو الولايات المتحدة التي لها نفوذ قويّ على الطرفين. لذا فواشنطن هي الوحيدة التي تستطيع أن تتوسّط لحلّ هذه الأزمة و"تجبر" الطرفين على التصالح.

‎ولكن يبدو واضحاً أنّ إدارة الرئيس الأميركي ترامب لا تريد للأزمة أن تنتهي بأسرع وقت ممكن، لأنها هي المستفيد الأكبر ومعها مصر من استمرار الأزمة، وهذا يعود لنجاحها بابتزاز الطرفين اللذين لجآ إليها طالبَين تأييداً لموقف كل منهما ضد الطرف الآخر، وأصبحت واشنطن ساحة لصراع سياسيّ بين قطر من ناحية والسعودية والإمارات من ناحية ثانية. وفي هذه المعركة تسعى واشنطن؟ لاستمالة أصحاب النفوذ والقرار ورجال الإعلام ووسائله، للاستغناء عن عشرات الملايين من الدولارات، إن لم نقل المئات، لشركات العلاقات العامّة هناك. ولم يعد هناك مانع عند كلّ طرف أن يسلّم واشنطن كلّ ما لديه من أوراق ضدّ الطرف الآخر. 

‎ووجدت الإدارة الأميركية في ذلك الصراع السياسي فرصة لابتزاز الطرفين مالياً وسياسياً. وبعد حصول الرئيس ترامب على صفقات عسكرية وتجارية بأكثر من أربعمئة مليار دولار من السعودية، وعلى صفقات مثيلة من دولة الإمارات، لم يعلن قيمتها وإن كانت تقدّر بنحو 100 مليار دولار، هرعت الدوحة ووقّعت صفقة مؤجلة مع واشنطن وصلت قيمتها إلى 16 مليار دولار بعد نشوب الأزمة مع شقيقاتها الخليجيات للحصول على رضى الرئيس ترامب، الذي "غرّد" مبدياً التأييد لمواقف الدول الأربع التي تقاطع قطر.

‎وفي لعبة تبادل أدوار بين الرئيس الأميركي ووزير خارجيته، أصبح الرئيس يبدي تأييداً لمواقف الدول الأربع، فيما يبدي الوزير تيلرسون نوعاً من التفهّم لمواقف قطر إلى حدّ وصفها بـ "المنطقية".

‎وجاء وزير الخارجية الأميركي إلى المنطقة وزار الدول المعنيّة بالأزمة، بما فيها الكويت صاحبة مبادرة الوساطة، وعاد بخفيّ حنين دون أن يقنع أصحاب الأزمة بالتوصّل إلى حلّ لها.

‎وهذا الأمر يثير الاستهجان لأنّ واشنطن هي الوحيدة الأكثر نفوذاً على طرفي الأزمة، وهي الوحيدة التي تستطيع أن تقنعهما بل تستطيع أن تضغط عليهما للتوصل إلى حلّ.

‎والملاحظ أن وزير الخارجية الأميركي تيلرسون، الذي عمل على أن يبدي اهتمام رئيسه وإدارته بحلّ الأزمة بين حلفاء بلاده المتخاصمين، لم يطرح اقتراحات لحلول وسط للأزمة.

‎وهذا يؤكّد عدم وجود الرغبة الأميركية بأن يحلّ الخصام.

‎إذاً فإنّ الأزمة ستستمرّ وباقية لترهق الخليج ودوله المرهقة أساساً من مخاطر المشروع الإيراني للهيمنة على المنطقة، ومن حرب استنزاف في اليمن.

‎وهذا ما يؤكده الإعلامي السعودي عبد الرحمن الراشد، الذي كتب مقالة ضمن مقالاته التي يهاجم فيها قطر، قال فيها: "لم يعد هناك شكّ في أنّ الأزمة القطرية باقية معنا، وليست وشيكة الحسم، كما كان البعض يسوّق لذلك، أو يظنّ آخرون متمنّين أن تكون سحابة صيف قصيرة. وفشل كلّ زيارات وزراء الخارجية، ووساطات رؤساء الدول، من أنحاء العالم، يبرهن على أنّ الدول الأربع ماضية في مطالبها".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم