"قايين وهابيل" في العبادية: سمير يقتل شقيقه موريس والخلاف أوقع بالاثنين

لا يكاد اللبناني يصحو على يوم جديد إلا وتكون الأخبار قد سبقت إشراق شمس نهاره، إما قتلاً أو سلباً أو اعتداء. جميعها تصب في خانة واحدة، خانة التفلت على أنواعه من التفلت الأمني الى التفلت الذهني والتفكك المجتمعي الى استسهال القتل واتخاذه منحى أخذ الحق باليد هذا إذا كان هناك من حق في أغلب الأحيان.

قد تتفاوت الحوادث وقد تتقاطع، فمنها ما اعتدنا إلتقاطه ومنها ما يكون كخبزنا اليومي من إعتداءات وسرقات وجرائم قد تؤدي في بعض الأحيان الى سقوط ضحايا الى جرائم ثأر داخل العائلة الواحدة وما الى ذلك. إلا أن ما حصل في بلدة العبادية صباح اليوم ربما كان الأفظع، شقيق يقتل شقيقه الأصغر مع ساعات الصباح الأولى.

مأساة بكل ما للكلمة من معنى حلّت بآل بو عاصي وإذا كان الخلاف سببه الأرض، فالعبرة تبقى بأن الأرض ضحّت بالشقيقين فأردتهما ليُصبح أحدهما في ترابها والآخر سجين ما اقترفت يداه.

سمير وموريس

سمير (63 عاماً) هو ثاني أولاد العائلة وموريس (خمسيني) هو الخامس في عائلة يوسف. كلاهما يملك ملحمة، الأول في فرن الشباك والثاني في اللويزة - بعبدا. أما الأول فهو يُقيم في مسقط رأسه العبادية صيفاً أما موريس فقد اتخذ منزلاً له في بلدة الكحالة (قضاء عاليه) المجاورة للعبادية. وبحسب الأقارب وكل من عرف سمير وموريس فكانا ميزاناً للمسؤولية وتحملها وكانا من الأشخاص المحبوبين في مجتمعهما وقد اتصفا بكل الصفات المتزنة. ولهذا فقد تملكت الدهشة كل من عرفهما وسمع بالحادث الأليم الذي ضرب بقسوة هاتين العائلتين وكل من أقاربهما ومعارفهما.

المأساة

صبيحة هذا النهار توجه موريس الى العبادية ليروي بالماء مزروعات أرضه، وعلى ما يبدو فقد إلتقى بشقيقه الأكبر سمير الذي يقطن في البلدة. كانا بمفردهما وكان لا بد من مشادة كلامية حادة لا أحد يعلم شرارتها ولا تفاصيلها إلا سمير، إلا أنها بحسب الواقعة فإن المشادة لا بد أن تكون قد تطورت وإتخذت طابع الحدة ليستل على إثرها سمير مسدسه ويطلق على شقيقه الأصغر النار فيرديه ويتوارى مع عائلته وليسلم نفسه في ما بعد الى مخفر درك عاريا.

هذا في الواقعة التي لم يبق شاهد عليها إلا سمير الذي بات قيد التوقيف بعد أن رحل موريس. ولهذا فلا أحد يستطيع تأكيد الوقائع إلا سمير الذي يخضع للتحقيق. إلا أن للأخبار المتناقلة دوراً، وإذا كان لا يتوجب تأكيدها إلا أن لا أحد يستطيع أن يمنع سماعها. فبحسب المعلومات الأمنية، فإن خلاف الأخوة سببه الأساسي تنازع على أرض وأن مشادة حادة حصلت قبل لحظات من وقوع الكارثة، أما ما علمته "النهار" من أقارب العائلة فإن هذا النزاع قد حُلّ منذ أربعة أشهر وأن الأمور كانت تأخذ المنحى الإيجابي الجيد في ما بين الشقيقين بعد أن تمّ تحديد لكل ذي صاحب حق حقه وبأن المساعي كانت لا تزال مستمرة حتى ما قبل وقوع الحادث بلئم الجرح بالكامل بعدما حلت المشكلة من أساسها.

أما مختار العبادية جوزف بو عاصي أحد أقرباء سمير وموريس فقد كان له كلام آخر لـ"النهار" إذ أكد أنّ أحداً لم يشعر يوماً أن هناك خلافاً في ما بين الأخوة سمير وموريس، بل كنا نعلم أن هناك سوء تفاهم عادياً وأنه قد تمت معالجته وحلّه من أشهر قليلة وأن الأمور عادت الى مجاريها في ما بين الإثنين وكان الواحد منهما يتحدث مع الآخر إذا ما إلتقيا. أما ما حدث اليوم فهذا ما لا يتصوره عقل. إنها ساعة تخلٍّ وغضب وللشيطان الدور الأساسي. فسمير وموريس من خيرة الأوادم، وسمير شخصية تمتاز بتحمل المسؤولية وبالتروي والوعي. ما حدث حتى الآن لا نستطيع تصديقه".

مأساة جديدة من يوميات اللبناني كانت محطتها اليوم في العبادية. ومهما كانت أسبابها فإن فظاعتها تبقى سيفاً مصلتاً على مجتمعنا. وإذا كانت قصة قايين وهابيل تاريخية، فإن ساحتنا باتت مؤهلة لأن تستعيد التاريخ مع ما حصل اليوم بين سمير وموريس في العبادية.