الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أبصراهما في الحلم فالتقياهما في الكنيسة... حكاية أندرو الذي تحوّل في ليلةٍ سموية إلى شربل

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
أبصراهما في الحلم فالتقياهما في الكنيسة... حكاية أندرو الذي تحوّل في ليلةٍ سموية إلى شربل
أبصراهما في الحلم فالتقياهما في الكنيسة... حكاية أندرو الذي تحوّل في ليلةٍ سموية إلى شربل
A+ A-

ـ ملاحظة: ان الفحوص والصور والوثائق الطبية المتعلقٌّة بالقصة المذكورة أدناه موجودة في دير مار مارون في عنايا بعهدة الأب لويس مطر بتأكيده الشخصي.

ما لبثت حقيقة مرّة أن نغصت الفرحة في الشهر السادس من حمل جوزيان. فحص المورفولوجيا أثبت أن حالة أندرو، ثمرة حبّها الأول المنتظرة من زوجها إيلي طنوس، لن تنضج. الرئتان جافتان، والقلب غير مستقرّ في موضعه. حياة الأم في خطر، ولا بد تداركاً للأسوأ، من اجهاض الطفل، وان يكن انتشال الأنا من الأنا خيارا ظالم، لكن جور الواقع لا قلب له. "لا أمل في حياة الجنين". عبارة نخرت رأس الثنائي، بعد معاودة التحاليل وعرضها على أكثر من طبيب لبناني، تلاها ترحيل المستندات الطبية الى فرنسا لعرضها على اختصاصيين أوروبيين. وما بين تسليم العروس اليافعة بخيار الانسلاخ عن الذات، واتباع من هو الطريق والحقّ والحياة، كان درب الايمان أقوى من قتامة الأيام. الطبيب النسائي الذي تابع الجنين، شدّ على يد الأم، وقال لها إنه معها في أي قرارٍ تتخذه. نحو اليوم الأخير من الشهر التاسع، كان التصميم.

الى دير مار مارون في عنايا توجّه الثنائي للصلاة وطلب المعونة. يعي كلّ مؤمنٍ أن لدى مار شربل الترياق، وان يكن البحث عن الأعاجيب ليس الشرط او المبتغى، بقدر ما هي عملية انصهارٍ في الملكوت وسبيل استشعارٍ للصبر وتغذية الروح على وقع الصلوات ورنين الأجراس. أيامٌ قليلة، وتبلورت الاستجابة حلماً أيقظ الأب الذي تشارك وزوجته المحنة، من نومه. "راودتني رؤية أنني وزوجتي في مستشفى الأطفال بمفردنا، وما من أحدٍ بادر الى استقبالنا. وأبصرت في المكان تمثالاً أبيض لمار شربل، نظر في عيني كلٍّ منا. شعرت بسلامٍ مطلق غنيّ عن الوصف"، يروي إيلي طنّوس لـ"النهار"، مضيفاً انه أخبر زوجته بالرؤية، فاذا بها تتساءل عن ماهية ما حصل، "لماذا انت من حلمت ولست أنا، رغم أنني أحمل الطفل في أحشائي؟".


كانت جوزيان تبحث هي أيضا عن اشارة، خصوصاً ان الخطر يستهدف صحتها وهي المعنية الأساسية بالمسألة. في اليوم التالي، توجه ايلي الى عنايا بدلاً من المداومة في عمله، بحث عن التمثال الأبيض، لكنه لم يجده في أي مكان. "لعلّها رسالة تتظهّر في ما بعد، لا تفكّر". عبارة قالها له مربّيه ومعلّمه في الكنيسة. أسبوعان اثنان، وتظهّرت الإشارة الثانية. الحلم دغدغ نوم جوزيان، التي ظهرت خاشعةً تصلي أمام تمثال مريم العذراء التي حرّكت وجهها وأهدت اليها وردةً بيضاء. استيقظت باكية، وإذا بالحلم يتحوّل مصدر قوّةٍ وتأثر. يشدد كلاهما على انهما لم يصليا من أجل أعجوبة، بقدر ما كان الهدف ترسيخ العلاقة بالله. ويوم حلّ موعد الولادة، كان ما كان.

حضر الأصدقاء والأقرباء أنفسهم لملاقة الثنائي في الأوقات العصيبة. رافقوهما الى مستشفى المعونات، حيث من المقرر أن يوضع المولود. وفي حال ولد حياً، كان لا بد من الانتقال به الى غرفة العناية الفائقة لاجراء عملية مستعجلة لمحاولة انقاذ رئةٍ واحدة وملاحظة امكان التجاوب من بعدها. مع العلم انه احتمالٌ بعيدٌ وأشبه بالمحاولة المستعصية. وصل الحشد الى المستشفى في تمام السادسة صباحاً. انتبه ايلي الى وجود كنيسة في محاذاة المستشفى. كان القداس ليستهل في السابعة وعشر دقائق صباحاً. "دخلت الكنيسة، وعندما فتحت الباب وجدت تمثالا أبيض لمار شربل وآخر للعذراء. شعرت بأن هذا هو المكان الذي أبصرته في نومي. كأنه أشبه بحلمٍ واقعي. أحسست أن القداس انتهى في دقيقة واحدة رغم أنه استمر 40 دقيقة. صرت أتساءل ماذا يجري، والفرح والتأثر على وجهي".

في هذه الأثناء، كان الجميع يترقّب. مرّت الساعات ثقيلة. حان موعد الولادة. الجميع كانوا ينتظرون ان يولد الطفل من دون أي يطلق الصرخة الأولى. وعكس المتوقع، علامة الحياة هذه ظهرت. صرخ الصبي. لكن ذلك لم يكن كافياً. أدخل أندرو الى الحاضنة واكتفوا له بالمصل، خوفاً من أي مضاعفات في حال استخدام الحليب. وبعد الخضوع لصورٍ وفحوص آنية توثٌّق حالته الصحية، تبين أن رئتي الطفل خاليتان من أي عطب. والخلل الذي كان متظهّراً في الصورة بات شبه منعدم. توجّه الأب من تلقائه الى المختار، من دون انتظار أن تمضي الأيام، ليسجّل ابنه. كانت تلك من أسرع الاجراءات المتبعة لتسجيل الأطفال على الإطلاق.

ـ "ماذا تريد أن تسمّيه؟"، سأله المختار.

ـ شربل.


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم