"الطريق إلى عنَّايا" لسليم طانوس عنتوري: رواية تمنع التهاون والتقاتل
صدرت لسليم طانوس عنتوري، الصحافي في القسم العربي بوكالة فرانس برس- قبرص، روايتُه الثالثة بعنوان "الطريق إلى عنَّايا" (دار نلسن)، بعد روايتَيه "صندوق الأسرار" و"الأنْوَك" أي الغبيّ.
خلافًا لما توحيه لفظة عنّايا من معاني القداسة، لا تُعدُّ هذه الرواية رواية دينية. إنّ أقصى ما أخذته من عنَّايا هو الروحانيّة المنتشرة حتى في هواء القرية. لذلك فإن الرواية تتخطى المعنى الديني وتغوص في المعنى الوجودي القَلِق الذي يجسّده سعيد القنوبيني، الفاشل حتى بداية الرواية في دراسته، لكنه يتألق في وقت لاحق.
تبدأ الرواية من عنّايا وتنتهي في مرفأ جونيi الذي كان في العقد الثامن وحتى مستهل العقد التاسع من القرن الماضي، بوابة هجرة، لكلّ مَن يغادر لبنان، وبوابة استقبال لكلّ عائد الى أرض الوطن.
تسرد "الطريق الى عنّايا" قصة حب سعيد القنوبيني لصديقته في الجامعة، لكنها تُخفي في الآن نفىسه، وجعاً كان يتفشّى في ما كان يُعرف بـ"المناطق الشرقية" من بيروت. إنه وجع متأتٍ من رغبةٍ في سيطرة حتى على التميُّز الفكري. وهذا ما كان يرفضه سعيد القنوبيني، الشخصيّة الأساسيّة في الرواية، وصديقتُه رند التي تزوّجت وشكّل زواجها طعنة في قلب سعيد، الذي لن يُشفى من هذه الطعنة، إلّا بعودة رند وسعيد معًا على متن إحدى السفن بعد رحلة سياحية تلت وفاة زوجها.
حين وصلا إلى مرفأ جونيه، فوجئا بالوجوم على وجوه العاملين، وحين طرحا السؤال لمعرفة ماذا يجري، أتى الجواب من حمَّال حقائب، فأدرك سعيد ورند أن الأحلام التي كان تتحكّم في تصرّفات الناس، اصطدمت بالواقعية السياسيّة، وبدخول لبنان، كما يُفهم من الوقائع، مرحلة السيطرة السورية، العسكريّة والسياسيّة. في هذه اللحظة يقول سعيد ما معناه إن عنّايا هي مقصدنا الأول والأخير، فـ"نحن حفنة". يقصد المسيحيين الذين كان قتالهم وهزالهم طريقا سلكه الجيش السوري الى قلب الوطن.
"الطريق الى عنايا" رواية تحذّر من التهاون المسيحي ومن التقاتل المسيحي، وتنادي بأن يقتصر الإختلاف على الإختلاف في الرأي، شرط ألا يتحوّل هذا الإختلاف تقاتلًا بالسلاح كما كان يحصل في ذلك الزمن.