الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

فضيحة تسوية الأملاك البحريّة: القانون يخرق الدستور!

المصدر: "النهار"
علي عواضة
علي عواضة
فضيحة تسوية الأملاك البحريّة: القانون يخرق الدستور!
فضيحة تسوية الأملاك البحريّة: القانون يخرق الدستور!
A+ A-

فضيحة تسوية الأملاك البحريّة تعرّي الطبقة السياسية بأكملها، خصوصاً مع حديث العديد من النوّاب عن عدم تمكن الدولة من إزالة الاعتداءات والمخالفات ومنع الناس من النزول إلى الشاطئ العام. فبدل أن ترفع تلك المخالفات وتضع الدولة يدها على أملاكها العامّة أو أقلّه تستثمر تلك الأراضي، عالج النوّاب الأشغال غير القانونية للأملاك العمومية البحرية عبر سلسلة نقاط أقلّ ما يقال عنها إنها فضيحة بحق الدولة اللبنانية. 

فلقد خرق القانون الدستور (!) بشكل مباشر في المادّة الثانية منه، التي تنصّ على ما يلي: "لا يجوز التخلّي عن أحد أقسام الأراضي اللبنانية أو التنازل عنه"، فيما القانون الجديد شرّع تلك التعديات وسهّل على سارقي تلك الأملاك البحرية "قوننة" مخالفاتهم عبر دفع "جزية" رمزية تحتسب على قاعدة احتساب أسعار العقارات لعام 1992، ويمكن الشعب اللبناني أن يحتسب مدى فظاعة الهدر من خلال فارق أسعار العقارات بين 1992 و2017. فيما تتعلق الفضيحة الثانية بعد تنازل الدولة عن املاك الدولة العامة بأنه "يجب على المخالف أن يتقدم من الدولة" لتسوية أوضاعه، بمعنى أنه لا تتم إحالته على النيابة العامّة أو تسطّر محاضر، بل عليه من تلقائه أن يتقدم من الدولة اللبنانية، بدل أن تقوم القوى الأمنية برفع المخالفات وتسطير محاضر بحقهم.

وبحسب متابعي الملف، فإنّ الإيرادات التي ستجنيها الدولة من القانون الجديد تقدر بنحو 40 مليار ليرة لبنانية فقط، لكن إن أعيد تخمين أسعار العقارات بحسب أسعار عام 2017 فسيرتفع المبلغ أقله 10 أضعاف، ويصل الى نحو 400 مليار ليرة، ليطرح سؤال على النواب: كيف يمكن تمرير مثل هذا القانون بهذه الصيغة دون اعتراض يذكر؟ وإذا كان الهدف البحث عن أموال لتمويل السلسلة، فلماذا تمت مكافأة المخالفين بهذه الطريقة؟ وما هو نفوذ المستفيدين حتى أقرّ قانون يسمح بتشريع التعدّيات؟ خصوصاً أن هناك تنازلاً عن حدود لبنان البحرية لمصلحة أفراد بذريعة سلطة الأمر الواقع ولا يمكن قمع المنتجعات السياحية.

القانون الذي هُرّب ضمن سلسلة قوانين شرّع هدر المال العام، فلو وضعت الدولة يدها على الحدود البحرية أو معظمها، وفرضت رسم ألفي ليرة لبنانية كما في بعض الشواطئ العامّة، فما كان المبلغ الذي ستجنيه خزينة الدولة لمساحة تزيد على 210 كلم مربعة؟ ببساطة، يمكن القول إن معظم النواب أسهموا في هدر المال العام، وخرج بعضهم على المنابر للقول إنّ ما حصل هو أفضل الممكن و"انتزاع" القانون انتصار لخزينة الدولة! وكما هو واضح، فقد شرّع القانون تلك المخالفات ما دام المعتدي يدفع الأموال للدولة بقيمة متدنية جداً.

بينما النقطة الأكثر غرابة في القانون هي التي تنصّ على أنه إذا كان شاغل الأملاك العامّة البحرية لا يملك عقاراً متاخماً أو غير حائز حق إيجار واستثمار، تضع الإدارة يدها على الأملاك العامّة المشغولة ويجري إخلاؤها، "ما لم يثبت الشاغل خلال ستة أشهر أنه تملّك العقار أو العقارات المتاخمة أو استحصل على عقد إيجار أو استثمار عليها كلياً أو جزئياً"، بما يعني أنه يحق للمعتدي شراء قطعة الأرض المتاخمة أو استثمار جزء بسيط خلال فترة 6 أشهر، وتتحول الأرض والملك العام إلى حق مشروع له!

 2200 تعدٍّ على الشاطئ

التعدّيات على الشاطئ اللبناني بلغت عام 2012، 1068 تعدياً، وقد سطّرت غرامات في أكثر من 400 مخالفة، إلا أن عدد المخالفات التي أزيلت بلغت صفرا، بحسب جسيكا الشمالي من جمعية "نحن"، والتي قسمت المخالفات على الشكل التالي:

281 مخالفة في لبنان الشمالي، 390 في جبل لبنان، 30 في بيروت، و367 مخالفة في الجنوب. وارتفعت تلك الأرقام بعد عام 2012 لتزيد على 2200 مخالفة.

وتؤكد الشمالي أن أبرز ملاحظات الجمعية هي اعتماد نسبة رسوم إشغال سنوية بـ 2% فقط، "وهي نسبة متدنية جداً بالمقارنة مع النسبة الدنيا المعتمدة لإيجار الأملاك الخاصة"، لافتةً إلى أنه لا بد من اعتماد رسوم لا تقلّ عن 6%، أي نسبة إيجار الأملاك الخاصة، في أي مشروع قانون يعيد النظر في رسوم إشغال الأملاك العامة. وهذا يعني أن الدولة أمنت الـ40 مليار ليرة، ولكن مع السنوات المقبلة ستنخفض تلك الأموال، وكأنه تمت مكافأة المعتدي بخفض الغرامة واعتماد 2% فقط رسوم إشغال!

وتشرح أنه "تم تقسيم المخالفات إلى 6 فئات، وفقاً لنوع العقار المتاخم للأملاك العامّة البحرية، وما إذا كان الشاغل يملك العقار المتاخم أو حائزاً حقّ إيجاره أو استثماره أو لا، وتحتسب الغرامات عن فترة التعدي السابقة لصدور القانون أو الرسوم السنوية إذا تم ترخيص الإشغال وفقاً للمرسوم 2522 تاريخ 15/7/1992، لكن بنسب مختلفة لفئات التعديات المختلفة". ويبقى السؤال: لماذا تم احتساب الغرامات بدءاً من 1-1-1994، بما يدلّ على إعفاء كل التعدّيات قبل هذه المرحلة؟

ومن الأمور المستهجنة في القانون أنّ "على المخالف أن يتقدم من الإدارة في مهلة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون، بطلب معالجة وضعه والسماح له بالإشغال الموقت"، مع العلم أنه لم يتم تحديد آلية معالجة وضعه! وكيف لمخالف أن يعالج وضعه؟.

المدافعون عن القانون يرون أنه "لا يقوم على أي تسوية، بل يطرح دفع غرامة من المعتدي على الملك العام إلى حين إزالة هذه المخالفة"، رغم معرفة الجميع بأن إزالة تلك المخالفات تعدّ من الأمور المستحيلة في لبنان، نظراً الى الغطاء السياسي لأصحاب المنتجعات السياحية، بينما هناك العديد من المخالفات تعود الى واضعي القانون أنفسهم. ويرى المدافعون أن ما حصل هو أفضل الممكن في الوقت الحالي، وسيُدخل إلى الخزينة أموالاً سنوياً، خصوصاً أنه لا يسمح بأيّ تعدّ على الملك العام في المستقبل.

النائب الوليد سكرية رأى في حديث الى "النهار" أنّه ستفرض على المخالفين غرامات دون إعطائهم أي حق في التملّك، وستفرض الغرامات تبعا لكل مخالفة، مشدداً على "أن الاعتراض في مجلس النواب كان على اعتماد بدل تخمين متدنٍ لأسعار الأراضي والأملاك العامة البحرية يعود إلى عام 1992، بينما تفترض إعادة تخمين هذه الأراضي وفق الأسعار الحالية، فمن غير المنطقي أن نفرض ضريبة على مخالفين منذ سنوات طويلة وفق أسعار ما بعد الحرب الأهلية!









حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم