السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

دليل السياحة الخاطئ!

المصدر: "النهار"
جو عاقوري - اختصاصي في العلاج النفسي الجشطالتي
دليل السياحة الخاطئ!
دليل السياحة الخاطئ!
A+ A-

"منذ القدم، لطالما كان لبنان مغطّى بالغابات... وكان ساحله مؤلّفاً من سهول ضيّقة وخصبة وتتخلله خلجان عميقة، فكان ملاذاً طبيعياً لقوارب الصيد وللملاحة الساحلية، ما شجّع على قيام المستوطنات البشرية... لقد رُبِط تاريخه بالحضارات المتوسطية المختلفة. عرف الازدهار مع ازدهارها؛ وعانى من تبعات انحطاطها". عادل إسماعيل. 1965، لبنان: تاريخ شعب. 

للبنان ركائز تعود إلى آلاف السنين، إنما أيضاً خسائر تدريجية. نستشفّ من إرثه رسالة صلبة للعيش المشترك بين مكوّناته البشرية.

يحتضن لبنانيين عرفوا العصر الذهبي لبلادهم، وتحمّلوا الوطأة الأسوأ للمنظومة السياسية اللبنانية.

ناضل أبناء العمر الثالث بحبٍ غير مشروط يكنّونه لبلاد الأرز. لقد سمحت مزايا التعايش بين الأديان، والخصائص الثقافية والفنية والديبلوماسية للبنان بأن يبني القيمة المضافة لتراث استثنائي ويحافظ عليها. لبنان قوامه الخبرة والتعلّم والمعيوش العاطفي والفكري لدى شريحة واسعة من اللبنانيين، والتي تستقطب زوّاراً من مختلف أنحاء العالم يأتون لاستكشاف نموذج في الأخلاقيات، والاستقلال عن التأثيرات الخارجية، والمثابرة لدى المواطنين.

غير أن السياسات المستندة إلى الجهود المزعومة خلال أداء الوظيفة تستغل الانتهازية بصورة متزايدة.

يبدو أن البناء المتوحّش، واغتيال البيئة، وعدم الحفاظ على التراث تهدّد موسم الصيف! في هذا الإطار، يسعى المسؤولون إلى إخفاء حقائق خانقة، وتسويق الصورة بأن كل شيء يسير على أفضل ما يرام، وتوفير فنادق متاحة بأسعار معقولة في الأطراف، والاحتفال بعروض متنوّعة أو مكرّرة، وتنظيم مؤتمرات، وكأنّها المنّ العجائبي الذي سيبهر زوّارنا!

غير أن لبنان شاهدٌ على الحضارات المتنوّعة التي عبرته، تماماً كما يقدّم شهادةً عن هؤلاء الرجال والنساء البارزين والشجعان.

أجدادنا وأبناؤنا هم جوهر تنوّعنا، روح تراثنا، والمادّة القيّمة لسياحة دائمة.

غير أن الخسائر المستمرة مرتبطة بذهنيات سياسية تُلقّن الزائر وتدفعه نحو اكتشاف عالمٍ من التناقضات والمفارقات، وسخاء وافر في غياب الأجوبة عن هذا الكمّ الهائل من التنافرات والانحرافات الأساسية!

حضرة وزير السياحة، المعالم السياحية، أياً تكن، لا تستطيع حجب ما هو فاضح لجميع جيراننا!

ما يجب إخفاؤه وتغييره على وجه السرعة هو غياب التماسك في السياسات اليومية المتنافرة كي يكون العبور الموسمي للسياح ذا صدقية.

لا شك في أن المعالم السياحية، والفنادق التي تناسب البعض، ولبنان الملتقى هي إجراءات نحو الأمام. إلا أنها غير قادرة على جعلنا ننسى التلوّث الذي يخنق الأنفاس، والاتفاق الوطني المتعثّر! لا شك في أنه لا يجدر بنا نشر غسيلنا على الملأ، إنما وفي شكل خاص، يجب ألا نسوّق دليلاً خاطئاً عن السياحة!




حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم