الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

وسام يحب الجيش اللبناني لأنه لا يضرب شعبه

المصدر: "النهار"
غسان صليبي- باحث وخبير اجتماعي مستقل
وسام يحب الجيش اللبناني لأنه لا يضرب شعبه
وسام يحب الجيش اللبناني لأنه لا يضرب شعبه
A+ A-

قبل يوم من الذكرى الماضية لعيد الاستقلال، جاءني وسام وشقيقه الاكبر، وراح يلح عليَّ بأن احضر في الغد، العرض العسكري للجيش اللبناني. لقد جرى اعلامهم في المدرسة بالحدث، فتحمس وسام وأراد مشاركتي حماسته . 

وسام هو ابن السبع سنوات للعائلة السورية النازحة التي تسكن جنب بيتنا.

بالطبع سألت وسام اذا كان يحب الجيش اللبناني. أجابني بـ"نعم" صارمة. لماذا تحبه يا وسام؟ "لأنه لا يضرب شعبه".

تذكرت ما قاله وسام، يوم الأحد الماضي، عندما اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي بالتحريض العنصري، بين بعض اللبنانيين وبعض السوريين. وذلك على اثر الدعوات للتظاهر مع الجيش اللبناني او ضده، على خلفية وفاة نازحين سوريين، وهم تحت التحقيق لدى مخابرات الجيش .

في هذا اليوم، يوم الصلاة عند المسيحيين، أقفلت الابواب على نفسي في المنزل، ولم اشأ الخروج، كي لا احتك ببعض ابناء بيئتي، واسمع كلامهم العنصري تجاه النازحين السوريين. فضلت ان احافظ على نظرتي اليهم كبشر، تخفق في داخلهم القلوب، وتحرك افكارهم العقول .

اكتمل يومي الحزين والخانق، حين استمعت مذهولا إلى عظة البطريرك الراعي في نشرة الأخبار، التي ألقاها في حضور رئيس الجمهورية لمناسبة عيد مار شربل. فقد قال فيها حرفيا: "وهي تتزايد وتكبر (اي هموم الشعب ومعاناته) بوجود مليوني لاجئ ونازح ينتزعون لقمة العيش من فمه، ويرمونه في حالة الفقر والحرمان، ويقحمون اجيالنا الطالعة على الهجرة". لا تقتصر المشكلة في هذه العظة، في انها غير صحيحة ومبالغ فيها على المستوى الاقتصادي -الاجتماعي، بل هي خطيرة جدا على المستوى السياسي، ومستغربة أشد الاستغراب على مستوى التعاليم المسيحية المتعلقة بمحبة الآخر ومساعدته. مشكلة هذه العظة الكبرى هي في اللغة العنفية المستخدمة من مثل "ينتزعون" و"يرمونه"، في ظل مناخ عام من التحريض العنصري .

حسنا فعل رئيس الجمهورية ولو متأخرا، حين عاد وحذر، بعد يومين من ذلك، من لغة "الكراهية والتحريض"، التي تذكرنا بحروبنا والتي لم ننسها بعد .

كان حظي كبيرا، انني كنت مدعوا للتعليم، بعد يوم الأحد المشؤوم، في "الكلية الجامعية لللاعنف وحقوق الانسان"، التي يؤمها طلاب راشدون من البلدان العربية كافة. وكان طلابي من لبنان وسوريا وفلسطين والعراق.

كانوا جميعا بالطبع، في جو ما يحدث من حولهم .

فاخترت ان نتناقش في ما يجري وإفساح المجال لللبنانيين والسوريين خصوصاً للتعبير عن رأيهم بحرية. وهم كانوا متشوقين لذلك .

لست مخولا الافصاح عما دار في النقاش، لكنه باستطاعتي التأكيد ان الطرفين اعتبرا ان :

- هناك خطابا عنصريا من الجهتين .

- هناك عملا مخابراتيا ناشطا لافتعال التشنجات .

- النزول إلى الشارع مضرّ.

- مخاوف اللبنانيين بعضها مبرر نتيجة المعاناة التاريخية مع النظام السوري والتوجس الحالي من تغلغل المسلحين الاصوليين في أوساط النازحين .

- من الضروري احترام حقوق الانسان السوري وحقه في الدفاع القانوني عن نفسه وعدم تعرضه للأذى من اي جهة مدنية او عسكرية .

- المنافسة في سوق العمل موجودة لكن الكثير من المعلومات المتداولة مغلوطة على رغم وجود إحصاءات تدحض ذلك .

- الاحصاءات تشير ايضا إلى استفادة لبنان من النزوح السوري على المستويين الاقتصادي والاجتماعي .

- المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الاساسية في لبنان لها جذورها اللبنانية، ولا دخل للنزوح السوري بها .

- من المهم ان يلعب المجتمعان المدنيان، اللبناني والسوري، دورا في مواجهة العنصرية .

دار النقاش في جو من الانفتاح والمحبة، والرفض القاطع للعنف والعنصرية. وقد شهد تضاربا، في بعض المواقف، داخل كل من الفريقين.

أنهيت يومي الجامعي، ببعض التفاؤل، في ان احضر انا ووسام معا، العرض العسكري المقبل للجيش اللبناني .

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم