الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

التسوية السياسية وصلت الى سلسلة الرتب والرواتب التي أقرت من جيوب المواطنين في غياب الاصلاحات

المصدر: "النهار"
موريس متى
التسوية السياسية وصلت الى سلسلة الرتب والرواتب التي أقرت من جيوب المواطنين في غياب الاصلاحات
التسوية السياسية وصلت الى سلسلة الرتب والرواتب التي أقرت من جيوب المواطنين في غياب الاصلاحات
A+ A-

جلسة ضرائب بامتياز، هكذا يمكن وصف جلسة مجلس النواب التي صعد من داخلها الدخان الأبيض ليعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري إقرار سلسلة الرتب والرواتب برفع الايدي مع ما حملت معها من إجراءات ضريبية جديدة تساهم في تمويل هذه النفقات الجديدة. 

يبدو ان التسويات السياسية التي تشهدها البلاد منذ اشهر، انسحبت هذه المرة على سلسلة الرتب والرواتب والاجراءات الضريبية التي تضمنتها، فكادت تمر في جلسة الامس من دون أي إعتراض لولا الاعتراض الكتائبي على سلسلة الضرائب.

رفع الرئيس بري الجلسة التشريعية من دون تحديد موعد للجلسة المقبلة، لتدخل البلاد مرحلة جديدة عنوانها الضرائب وتحوّل معها تحديات إقتصادية ومالية قد لا تكون سهلة.

في كل الأحوال، أقرَت الضرائب، رغم إيراداتها غير الدقيقة والواضحة حتى الساعة، لتساهم بحسب من وضعها في تمويل هذه السلسلة.

فبعدما أقرت أول 8 مواد من هذه الايرادات خلال جلسة سابقة لمجلس النواب خصصت لدرس وإقرار سلسلة الرتب والرواتب ومن ضمنها رفع معدل الضريبية على القيمة المضافة من 10% الى 11% لتأمين ما يقارب 300 مليار ليرة، اضافة الى رفع عدد من الرسوم على الطوابع المالية وعلى الاسمنت وكتاب العدول وغيرها، إستكمل المجلس إقرار ما تبقى من إجراءات ضريبية. فأقرَ فرض رسم 5000 ليرة على المسافرين غير اللبنانيين لدى دخولهم الاراضي اللبنانية، الغاء الرسوم على بطاقة السفر السياحية وابقاء الرسوم بقيمتها الحالية اي 60000 ليرة، مع زيادة رسم بقيمة 110 آلاف ليرة لدرجة الاعمال و150 الفاً للدرجة الاولى و 400 الف ليرة للطائرات الخاصة. كما أقرت زيادة رسم مقطوع على كل مستوعب يدخل المرفأ، وغرامات على الأملاك العمومية البحرية لتأمين 150 مليار ليرة، بالاضافة الى إخضاع جوائز اليانصيب لرسم نسبي مقداره 20% من قيمة الجوائز، مع الإبقاء على نسبة التخمين على الشركات والمؤسسات الخاصة عند 10%، وفرض رسم على عقود البيع العقاري بنسبة 2%، اضافة الى رفع ضريبة ارباح شركات الاموال من 15% الى 17% وإلغاء العفو الذي كانت تحظى به بعض شركات الاموال المسجلة في البورصة بنسبة 5% وعادت الضريبة الى 10%. كما أقر المجلس ضرائب على فوائد وعائدات كل الحسابات لدى المصارف وعلى ارباح المصارف بنسبة 7%.


في هذا السياق، يعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني ان القرارات التي اتخذها مجلس النواب غير مدروسة وتهدد الاستقرار المالي والاقتصادي في السنوات المقبلة، مشيراً الى ان حجم السلسلة وصل في نهاية المطاف الى 1770 مليار ليرة من 1200 اي بزيادة قاربت 47.5%. ومع هذه الزيادات من المتوقع ان يصلَ حجم معاشات التقاعد في الموازنة العامة في سنة 2020 الى ما يقارب 3000 مليار ليرة مقارنة بـ 1776 مليار ليرة في العام 2016.

ويعتبر وزني ان فرض ضرائب عشوائية يرفع من معاناة المواطنين ويعمّق من الازمات التي تعصف بالقطاعات الاقتصادية كما يتسبب في إرتفاع كبير في اسعار السلع والعقارات والسفر والسياحة وغيرها.

ومن المهم التأكيد على ان 45% من هذه الاجراءات الضريبية تطاول المواطنين ومنها رفع الـ TVA والرسوم على الطوابع المالية وفواتير الهاتف والسجل العدلي والفواتير التجارية (...)، والقطاع المصرفي بنسبة 30%، القطاع العقاري 18 %، أما القطاع السياحي فتطاوله بـ 7%.

ويؤكد وزني ان القوى السياسية تخلَت عن "الضريبة السياسية" التي كانت قد وعدت بها وتتعلق بتسوية التعديات على الاملاك العمومية البحرية التي كانت ستوفر إيرادات تتراوح بين 1200 مليار و1500 مليار ليرة، واستبدلتها بغرامة على الاملاك العمومية البحرية التي تؤمن إيرادات تقارب الـ 150 مليار ليرة.


 وبحسب وزني، كان يقتضي على الحكومة ومجلس النواب تبني إجراءات ضريبية إنتاجية تحفّز الاقتصاد ولا تطاول المواطنين، ومنها ما يطاول القطاع المصرفي ما يؤمن 800 مليار ليرة، بالاضافة الى فرض رسوم على التبغ والتنباك والمشروبات الروحية ما يؤمن 200 مليار ليرة، كذلك ملف الاملاك البحرية وفرض ضريبة على المضاربات العقارية او الربح العقاري لتأمين 150 مليار ليرة، ما كان سيؤمن لخزينة الدولة ما بين 2350 و2850 مليار ليرة.

ويشدد على أهمية مكافحة الفساد والهدر وما قد ينجم عنهما من إيرادات إضافية، مستشهداً بما حققته الايرادات الجمركية من زيادة بنسبة 6.4% في الأشهر الأخيرة رغم تراجع الاستيراد، فيما ساهم إجراء بسيط في تأمين 100 مليون دولار سنوياً كمداخيل إضافية من السوق الحرة في مطار بيروت.


بدوره، دعا رئيس جمعية الضرائب اللبنانية هشام المكمّل مجلس النواب إلى إعادة النظر بالزيادات الضريبية التي أقرت والعمل على استكمال إقرار ضرائب أخرى، نظراً الى النتائج السلبية التي ستنعكس على الإقتصاد اللبناني الذي يمر بظروف صعبة حالياً. كما أكد أن هذه الزيادات ستؤدي حتماً إلى إقفال العديد من المؤسسات والشركات بسبب عدم قدرتها على تحمل المزيد من الأعباء مما سيؤدي بالتأكيد إلى صرف موظفين وزيادة نسبة البطالة التي قد تتجاوز 40 %، والتي يشهدها لبنان أصلاً قبل فرض أي زيادات أو ضرائب جديدة. وأكد هشام أنه يمكن توفير مصادر تمويل أخرى لتغطية السلسلة من خلال وقف الهدر وتفعيل عمل الإدارات ومعالجة الفساد الحاصل في الإدارات والمرافق والأملاك العامة من دون الحاجة إلى اللجوء لمثل هذه الزيادات أو فرض ضرائب جديدة، فكل القطاعات الإقتصادية في لبنان تمر بمرحلة ركود بل تدهور إقتصادي قد يؤدي إلى "المهوار".

في مطلق الاحول، الاجراءات الضريبية أقرت، والسلسلة تموّل من جيوب اللبنانيين في ظروف إقتصادية ومعيشية صعبة ومع إقتصاد لا تتخطى نسبة نموه الـ 2%. فهل تعيد الموازنة ما سلبته إجراءات السلسلة من جيوب المواطنين؟ الوعود كثيرة، والجواب خلال أقل من شهر، بحسب وعود طباخي السلسلة والموازنة؟ 

[email protected]

twitter: @mauricematta



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم