الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

داعش-خوراسان يصبح طريدة مفضّلة لواشنطن ... لكنّ استثمار النجاح معقّد!

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
داعش-خوراسان يصبح طريدة مفضّلة لواشنطن ... لكنّ استثمار النجاح معقّد!
داعش-خوراسان يصبح طريدة مفضّلة لواشنطن ... لكنّ استثمار النجاح معقّد!
A+ A-

أبو سيّد هو الزعيم الداعشيّ الثالث الذي تقتله #واشنطن إمّا منفردة وإمّا بالتعاون مع #كابول. فهو خلَف "عبد الحسيب" الذي قُتِل في عمليّة مشتركة بين القوّات الأميركيّة والأفغانيّة في 7 أيّار الماضي، ما يعني أنّ أبا سيّد "لم يهنأ" بطعم الزعامة لأكثر من شهرين. أمّا الزعيم الأوّل للتنظيم فكان حافظ سعيد خان الذي قُتل خلال شهر آب 2016 في ولاية #ننغرهار. وانشقّ خان عن #طالبان أواخر سنة 2014 ثمّ أعلن مبايعته للبغدادي مؤسّساً فرعاً لداعش في "ولاية خوراسان" بحسب أدبيّاته. وبذلك قتل الأميركيّون ثلاثة "أمراء" للتنظيم في أقلّ من سنة. 


أجلسوه على المتفجّرات

هؤلاء الزعماء قُتلوا في الناحية نفسها من البلاد: عبد الحسيب وخان في نَنغرهار وأبو سيّد في كونار، وهما إقليمان متجاوران يقعان في أقصى شرق البلاد على الحدود مع #باكستان. وننغرهار هي الولاية الوحيدة التي استطاع التنظيم أن يبسط سيطرته عليها إضافة إلى مناطق محدودة أخرى داخل البلاد.

مراسل صحيفة "الغارديان" البريطانيّة في أفغانستان سيون أنغل راسموسن كتب أنّ مقاتلي داعش في أفغانستان "قلّة لكن متوحّشين جدّاً". منذ أواسط سنة 2015، وصل عدد منهم إلى قرية منان باغ حيث اقتادوا أحد المواطنين وأجبروه على الجلوس فوق المتفجّرات بحسب ما قاله أحد أقربائه للصحيفة.


إرهابيّون بهيئة أطبّاء

وحشيّة داعش في خراسان كمثيلتها في سوريا والعراق لم تعفِ المستشفيات من "ابتكاراتها". ففي آذار الماضي، اقتحم مسلّحون متنكّرون بهيئة أطبّاء أهمّ مستشفى عسكريّ في البلاد قرب السفارة الأميركيّة في #كابول ممّا أدّى إلى مقتل 30 شخصاً وجرح 50 بعد ستّ ساعات من احتجاز للرهائن، قبل أن تتمكّن القوّات المحاصرة من قتلهم. وأعلنت وكالة "أعماق" الناطقة باسم التنظيم تبنّي داعش للعمليّة فيما رفضت حركة طالبان أيّ تورّط لها في المجزرة. وهاجم الإرهابيّون عاملين في الصليب الأحمر الدولي خلال شهر شباط الماضي فقتلوا ستّة عاملين في المنظّمة الدوليّة.


يتقلّصون

راسموسن كان قد نقل عن الباحث في الشؤون الأفغانيّة برهان عثمان أنّه في سنة 2016، قُدِّر عدد مقاتلي التنظيم في أفغانستان بحوالي 2000 عنصر، مع تشديده على أنّ هذه التقديرات غير نهائيّة لصعوبة معرفة أعداد القتلى ونسبة التجنيد. قناة "سي أن أن" نقلت منذ بضعة أشهر أنّ أعدادهم تقلّصت إلى حوالي 700 مقاتل هذا العام.



لماذا أمّ القنابل

التحصينات التي دشّنها داعش في نَنغارهار جعلها تتعرّض للمئات من الغارات الأميركيّة المكثّفة كانت أبرزها "#أمّ_القنابل" التي ألقيت على شبكة أنفاق تابعة للتنظيم في نيسان الماضي ممّا أسفر عن مقتل حوالي 100 عنصر. مدير معهد الخدمات الملكيّة المتّحدة "روسي" للدراسات الأمنيّة الدوليّة رافايللو بانتوكشي شرح آنذاك أسباب إلقاء تلك القنبلة لصحيفة "الإندبندنت" البريطانيّة. فداعش-خوراسان هو "مجموعة حاول الأميركيّون مواجهتها بشكل أكثر عدائيّة مؤخراً" وأضاف: "هنالك قلق متزايد حول ما يحدث مع داعش في أفغانستان". فالعديد من الأشخاص عاملوا داعش-خوراسان على أنّه مجرّد فصيل من الفصائل الإرهابيّة المتعدّدة الموجودة في أفغانستان التي تتميّز بكونها حاضنة لأمراء الحرب والمجموعات القبليّة. لكنّ الأمر لم يكن كذلك بحسب الباحث الذي لفت إلى تخوّف أميركي من هرب مقاتلي داعش في الموصل والرقّة إلى ننغرهار.


ما تعلمه واشنطن

لكن على الرغم من انحسار داعش-خوراسان في منطقة محدودة من أفغانستان يبدو القضاء على معاقله محفوفاً بالمتاعب بالنسبة للأميركيّين. عمليّاً، تبدي إدارة ترامب موقفاً إعلاميّاً وعسكريّاً حازماً في القضاء على الإرهاب. لكنّ تمدّد البنى التحتيّة للإرهاب بطريقة عابرة للحدود، يحتّم تضافراً إقليميّاً لمحاصرته والقضاء عليه وتأسيس للمرحلة التي تلي نهايته. وهذا ما تعلمه الإدارة الأميركيّة وتعمل عليه، بالرغم من أنّ ذلك يكلّفها خسارة النفوذ في آسيا الوسطى لصالح دول آسيويّة أخرى.


تفاوض مع طالبان؟

صحيفة "تايمس أوف إنديا" أجرت مقابلة الشهر الماضي مع الباحث الزائر في الجامعة الوطنيّة الأستراليّة سرينجوي بوز الذي تحدّث عن المجهود والاشتباك الإقليمي في ضرب داعش. بوز الذي كان من ضمن اللجنة الدوليّة لمراقبة الانتخابات الرئاسيّة الأفغانيّة تحدّث عن كون الروس والصينيّين والإيرانيّين قد دعوا المجتمع الدولي للتفاوض مع حركة طالبان لأنّها العدوّ الأساسيّ لداعش-خوراسان ويمكن أن تساهم في الصراع ضدّه بحسب آراء تلك القوى.

إضفاء الشرعيّة على طالبان ليس المشكلة الوحيدة في الطروحات المقدّمة. فبوز يتطرّق إلى مشكلة أخرى مرتبطة ب "موت" مسار مجموعة التنسيق الرباعيّة (الولايات المتحدة، الصين، أفغانستان، باكستان) سنة 2016 بعد مقتل الملّا منصور، زعيم طالبان آنذاك. في السنة الحاليّة، خلفت الفريق الرباعي، مجموعة سداسيّة ضمّت #روسيا و #الصين و #باكستان و #الهند و #إيران و #أفغانستان.

غير أنّ اللافت للنظر من ضمن تشابك المفاوضات، اشتداد حبل التوتّر بين الدولتين الكبريين حول بناء السلام في أفغانستان. فبوز يذكّر بواقع استبعاد #موسكو ل #واشنطن من تلك المحادثات بعدما رفضت الأخيرة إشراك الأولى في محادثات الرباعيّة سابقاً. ولهذا السبب تفكّر إدارة ترامب في إعادة إحياء الرباعيّة.

يخلّف التركيز على محاربة الإرهاب مشاكل لا تقلّ خطورة عن تلك التي يولّدها الإرهاب نفسه. فالسهولة النسبيّة التي يجدها الجيش الأميركي مؤخّراً في قتل زعماء داعش إضافة إلى إلقاء "أمّ القنابل" التي زعزعت أركان التنظيم في شرق أفغانستان غير كافيين لواشنطن كي تتخلّص من إرث الإرهاب وإعادة بناء مسيرة سلام طويلة الأمد. كما في العراق، كذلك في أفغانستان، فننغارهار قد تنضمّ للموصل في رحلة البحث عن بديل مستدام لسدّ فراغ رحيل داعش.








الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم