الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تجربة الشركة السياسية تتعثّر أمام الملفات الكبرى، ما السبب؟

المصدر: "النهار"
ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
تجربة الشركة السياسية تتعثّر أمام الملفات الكبرى، ما السبب؟
تجربة الشركة السياسية تتعثّر أمام الملفات الكبرى، ما السبب؟
A+ A-

على رغم انقضاء نحو تسعة اشهر على سريان تفاهم العماد ميشال #عون رئيساً للجمهورية وسعد #الحريري رئيساً للحكومة، مع ما رافق ذلك من كلام عالي المستوى عن ان هذا الانجاز سيكون مدخلا لعهد جديد ينطوي على وعود بانجازات فوق العادة من شأنها استعادة ثقة الناس بالحكم والحكومة، وهو الشعار الذي اختار الرئيس الحريري ان يطلقه على حكومته لحظة ولادتها، الا ان مسار التجربة يشي بان الامور مازالت على قدر ملحوظ من التخبط من جهة والقصور والعجز عن تحقيق الانجازات الكبرى التي يُعتدّ بها ويُشهد لها لاحقاً من جهة اخرى، خصوصا على مستوى انجاز الموازنة العامة واقرار #سلسلة_الرتب_والرواتب التي يتعامل معها المعنيون منذ ان وعدوا بها قبل نحو ستة اعوام على اساس انها حق مكتسب وتحصيل حاصل، الى قضايا اخرى مثل قضية تنفيذ خطة الكهرباء. 

للوزير السابق شربل نحاس الاكثر جرأة في الانتقاد والمعارضة لأداء كل التركيبة السياسية، رأي يبدو على درجة من الغرابة، اذ يرى في حديث الى "النهار" ان "تركيبة الحكم الحالية تتصف بأنها مزيج من الذين يمكن تسميتهم "اصلاء" في اللعبة السياسية ويمثلهم بشكل رئيسي "تيار المستقبل" وحركة "امل" والحزب التقدمي الاشتراكي و"تيار المردة"، وهؤلاء رسّخوا اقدامهم في المشهد منذ مطالع التسعينات، ومن الطارئين المستجدين على هذه اللعبة ويمثلهم "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" وحزب "القوات اللبنانية". وما حدث هو انه بعد عام 2014 حصل تفاهم ضمني بين هذين المكونين تحت عنوان عريض هو: ان الوضع في الاقليم وفي الداخل امام تحولات ومخاطر تفترض ان نبرم تفاهماً للامساك بمقاليد الحكم من جهة، و"شُن" هجوم عكسي يفضي الى تكريس نوع من الاستقرار والتوازن من جهة اخرى. وقد ازدادت حاجة هؤلاء الى هذا التفاهم في اعقاب حراك الشارع والمجتمع المدني رداً على تفاعل قضية النفايات والتمديد غير المبرر لمجلس النواب والضائقة الاقتصادية وسواها من القضايا الساخنة".

ويضيف ان "ذروة التفاهم تجلت في الاتفاق الذي انتج ملء الشغور الرئاسي واستيلاد الحكومة الحالية، ومعها تصرف الجميع على قاعدة انهم ولجوا عتبة مرحلة جديدة هي مرحلة انتقالية يمكن كل طرف ان يوظفها إما لاستعادة ما فقده، وإما لإضافة مكاسب اخرى الى رصيده".

لكن المفارقة وفق نحاس ان "اطراف الشركة الجديدة وإن نجحوا في لملمة الامور وضبط التناقضات، الا ان الاشهر الماضية اظهرت عجز هذه الاطراف عن ايجاد حلول للملفات الكبرى والملحّة، فهي أجرت تعيينات ادارية واقرت قانون انتخاب لانتخابات ليس مؤكداً انها ستجري في موعدها المحدد، ولكنها لم تستطع حتى الان اقرار الموازنة العامة والسلسلة ومشروع الكهرباء، من دون ان ننسى قضية النفايات المؤجلة ومحاربة الفساد ووقف الاهدار واستعادة الدولة لمواردها الضائعة او المنهوبة".

ويخلص الى الاستنتاج ان "العجز عن ايجاد الحلول والمعالجات لكل هذه الملفات سيطول لان همّ القسم الاكبر من اطراف السلطة ليس اجتراح الحلول بقدر ما هو ينصرف الى مضاعفة اوراقه وتعزيز حصته او استعادة ما يعتقد انه فقده".

ولئن كان اطراف الحكم يعتبرون آراء نحاس "مفرطة ومغالية"، وهو الخارج طوعاً في زمن ليس ببعيد من جنة الحكم اعتراضا، الا ان المشهد السياسي ومسار اللعبة السياسية منذ انتخاب رئيس الجمهورية الى الان يوحي بان تجربة الشركة ما برحت تعاني من نكسات واخفاقات عدة، ولا توحي بانها في احسن حالاتها وانها تحرز تقدما من شأنه ان يستعيد الثقة بالحكم والحكومة معا، ولاسيما في مجال قضايا مثل الموازنة والكهرباء والسلسلة ووقف الهدر.

وعموما، انتهى وفق البعض مفعول صدمة انجاز قانون الانتخاب ووجدت الحكومة نفسها وجها لوجه امام الامر الواقع الصعب والملفات الشائكة.

وثمة في الوسط السياسي تشخيص لا يخلو من طرافة لمسار تجربة الاشهر التي اعقبت تأليف الحكومة، ويقر بان "التيار الوطني الحر" استشعر ثقة زائدة بالنفس بعد بلوغ مؤسسه قصر بعبدا، ومن ثم شرع في حراك لافت بدا فيه فاعلا محوريا وتبدّى الآخرون في موقع ردات الفعل، ولاسيما بعد الحراك المكثف لرئيسه الوزير جبران باسيل. ولم تكن الاندفاعة السياسية لهذا الفريق غريبة من نوعها على التجربة السياسية في لبنان، فضلاً عن ان هذا التيار وجد نفسه انه تقاطع حاجة اطراف اساسيين، في حين انه يخشى ضمناً منافسة شريكه في الثنائي المسيحي.

اما الرئيس الحريري، فان احداً لا يشهد حتى الساعة انه نجح في استعادة زمام المبادرة واستعادة موقعه المميز والريادي في المعادلة السياسية كما في الماضي ليسترد ما فقده خلال سني اغترابه القسري والطوعي عن الحكم، فبدا دوما يراوح في موقع المهادن وغير القادر على الاعتراض.

من جهته، تصدى رئيس مجلس النواب نبيه بري لأداء دور "حارس الصيغة وحامي الخطوط التقليدية للعبة السياسية"، يرفع الصوت عاليا بالاعتراض لحظة يرى ان ثمة من يريد التجاوز وتكريس قواعد لعبة جديدة، وفي العمق جعل نفسه نداً لـ"التيار البرتقالي"، يساجله ويواجهه ويربط النزاع معه وفي الضمن رغبة في التأكيد انه لم ينزح من المعادلة وان احدا يريد تجاوز حدود ملكه ومملكته في جنة الحكم.

وفيما بقي #حزب_الله في الظل، الا انه لم يضره كثيرا اتهامه بانه "موجّه اللعبة من العتمة" و"المرشد الروحي" للمرحلة مادام يستشعر انه ماض الى لعبته الاقليمية الاوسع من دون ان ينغَّص عليه.

وحده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عرف كيف يتكيف مع طبيعة المرحلة ويمتص الضربات، فتضاءلت مطالبه الى حدود تأمين حصته من المقاعد النيابية مع القبول بتنازل عن مقعدين او ثلاثة.

انها باختصار مرحلة انتقالية في نظر الجميع، لذا فالكل في سباق لتعزيز المكاسب تمهيداً لما بعد ويلي.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم