السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

عبد المجيد الرافعي سر الشعبية الطاغية

معن بشور
عبد المجيد الرافعي سر الشعبية الطاغية
عبد المجيد الرافعي سر الشعبية الطاغية
A+ A-

ليس بين العاملين في الحقل الوطني والقومي داخل لبنان، او على مستوى الوطن العربي، وأيا كانت درجة اقترابه او ابتعاده ، الفكري او السياسي او الحزبي، من ينكر ان المناضل الكبير عبد المجيد الرافعي كان ظاهرة في الحياة اللبنانية منذ ان تمكّن عام 1960 من أن يخترق لائحة الرئيس الشهيد رشيد كرامي في طرابلس ويعلن المحافظ فوزه ليعاد في اليوم التالي اعلان غيره نائباَ عن المدينة. كان "شريف"، وهو الاسم الحركي له في زمن العمل الحزبي السري، أبنا باراً من أبنائها ومعبرا اميناً عن مشاعرها، ورفيقا مخلصا لابنائها في كل معاركهم... 

اختار كثيرون في تفسير هذه الشعبية الخارقة لعبد المجيد الرافعي اسبابا عدة أولها روح الخدمة الانسانية العالية التي كان يتحلى بها هذا الطبيب البارع، احد خريجي جامعات سويسرا في اواسط خمسينات القرن الماضي، خصوصاَ حين كان يراه ابناء المدينة حاملا "سماعته" في منتصف الليل يلبي حاجة مريض يستغيث به، وكثيرا ما يحمل معه الدواء له اذا كان فقيرا...

 البعض الآخر فسر شعبيته بانتسابه لواحدة من أهم عائلات طرابلس وأكثرها تداخلا مع عائلاتها الاخرى، وكان عبد المجيد الطيب الرافعي حريصا كل الحرص على علاقاته العائلية، كما علاقاته بكل رفاقه والاصدقاء...

البعض الثالث عزا تلك الشعبية الخارقة الى الصلابة الوطنية والقومية التي كان يتمتع بها المناضل الكبير مذ كان فتى يافعا يواجه دبابات الاستعمار الفرنسي في شوارع طرابلس ،ويرى بأم عينيه شباب المدينة وفتيتها تسحقهم الدبابات الفرنسية، وصولا الى وقفته الشهيرة ضد الانفصال بين مصر وسوريا عام 1961 منحازا لموقف ميشال عفلق مؤسس البعث ضد قياديين اخرين راهنوا على الانفصال كطريق لتحقيق "الديموقراطية".

البعض الرابع رأى سببا لتلك الشعبية في دماثة اخلاق الرجل الكبير واخلاصه لقضايا امته، واعتداله ورحابة صدره وتغليب الاعتبارات الوطنية والقومية على الحسابات الحزبية الضيقة، محذرا دائما من ان تتحول الوسائل غايات والغايات وسائل.

لكن شعبية الراحل الكبير، ابن التسعين عاماَ، التي مكنته من ان ينال اعلى الاصوات في طرابلس في انتخابات نيسان 1972، حيث نال17517 صوتا،فكان الحائز لاعلى الاصوات داخل كل مكون من مكونات المدينة التي طالما اعتزت بحفاظها على التنوع.

    لكن يبقى للرجل الكبير مكانة خاصة في العقود الثلاثة الماضية، اي منذ بدء الحصار الجائر على العراق عام 1990 حتى الحرب الاستعمارية- الصهيونية ضده عام 2003، فلقد صمد مع رفاقه في قيادة البعث القومية طوال تلك السنوات ، متوجا بذلك حياته النضالية بذاك الصمود المجيد بوجه اعتى حصار وأشرس عدوان ما زال العراق والامة يعانيان أثاره.

كان الرافعي – رحمه الله – عبر حبه لفلسطين التي اعتبرها دائما القضية المركزية، يتذكر دوما قول مؤسس البعث ميشال عفلق "ان فلسطين لن تحررها الحكومات بل الكفاح الشعبي" داعياَ الى الوحدة بين فصائلها... وداعيا المقاومة في فلسطين وخارجها الى التأكيد على البعد القومي في عملها...

اما في لبنان، فكان "الحكيم" رمزاَ من رموز التغيير الوطني الديموقراطي العابر للطوائف والمذاهب والمناطق، مدركاَ كرفاقه اهمية تقديم النموذج الحضاري لعروبته، لأن "مشكلة لبنان مع العروبة هي مشكلة العروبة مع نفسها، مع تقدميتها، مع ديموقراطيتها"، كما قال عفلق نفسه عام 1960.



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم