الإحصاءات والأخلاق

قال لي يومًا أحدهم: "تعدّد الزوجات أفضل من الزوجة الواحدة، لأنّ الإحصاءات تدلّ على أنّ كثيرًا من الرجال لا يكتفون بزوجتهم الواحدة". هذا القول يُحيلنا على العلاقة بين العلوم الإنسانيّة الوضعيّة وعلم الأخلاق. فالعلوم الإنسانيّة الوضعية كعلم الاجتماع وعلم النفس والتاريخ تدرس مسلكَ الإنسان كما هو، في وضعه الفرديّ والاجتماعيّ. فتتقصّى الوقائع الإنسانيّة والأحداث البشريّة من غير أن تُبديَ حكمًا أخلاقيًّا على ما يتبيّن لها. ومن تحليلها يمكن الوصول إلى نواميس عامّة تضعها في إطار نظريّات علميّة تقصد من خلالها تفسيرَ سلوك الإنسان كفرد وكمجموعة. إلاّ أنّه ليس من شأنها إبداء أيّ حكم على أخلاقيّة هذا التصرّف أو ذاك. ففيما تُعنى العلوم الإنسانيّة الوضعيّة بالوقائع والأحداث، يُعنى اللاهوت الأخلاقيّ بقواعد السلوك الإنسانيّ ويبدي حكمَه على سلوك الإنسان. فيوضح ما هو الخير، أي ما هو المسلك الأفضل الذي يتوجّب على الإنسان أن يسير بموجبه لتحقيق ملء كيانه الشخصيّ والجماعيّ في هذه الدنيا وفي حياة...