السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

كارلوفي فاري افتُتح باللحن والصورة: الأميركيون ضامنو الجمهور والغلامور!

المصدر: "النهار"
كارلوفي فاري افتُتح باللحن والصورة: الأميركيون ضامنو الجمهور والغلامور!
كارلوفي فاري افتُتح باللحن والصورة: الأميركيون ضامنو الجمهور والغلامور!
A+ A-

انطلقت مساء الجمعة الفائت الدورة الثانية والخمسون لمهرجان #كارلوفي_فاري السينمائي (٣٠ حزيران - ٨ تموز) الذي يجري في المدينة التشيكية الشهيرة. تسعة أيام من المشاهدة النهمة يعدنا بها هذا الموعد السنوي الذي يأخد من مدينة الينابيع الحارة مقراً له. نحن في انتظار اكتشاف عشرات الأفلام والعدد نفسه من الضيوف في هذه الطبعة التي افتُتحت بـ “المرض الأليم” لمايكل شوولتر، الفيلم المعروض سابقاً في مهرجان ساندانس. كوميديا رومنطيقية على خلفية صراع ثقافات انطلاقاً من المناكفات العائلية التي يعشيها رجل من أصل باكستاني يريد الارتباط بفتاة أميركية بيضاء. وعند انتكاس وضعها الصحي، يضطر إلى الاهتمام بها. العمل مقتبس من سيرة الكوميديان كومايل نانجياني الذي تربّى كمسلم شيعي ولكن تخلص من تأهليه الديني لمصلحة الإلحاد.  

من أجواء الافتتاح.

خلافاً للسنوات الماضية حيث ازداد عدد زوار المهرجان في ويك انده الأول بشكل لافت، كان المتسكعون أمام باحة فندق ترمال (حيث معظم النشاطات) أقل عدداً هذه السنة. قد يكون الطقس الممطر عاملاً كبح شهيتهم للزحف إلى هذه التظاهرة التي باتت تمنح الموسيقى منذ بضع سنوات مكاناً معتبراً في ليلة الافتتاح، خصوصاً بعد تبوّء كاريل أوخ منصب المدير الفني. وكانت تغييرات شاملة، ليس فقط على مستوى مقاربة مفهوم #السينما، قد شهدها كارلوفي فاري قبل ذلك، أي خلال العقدين الأخيرين، شأنه شأن جمهورية تشيكيا نفسها التي بدأت مسارها التصاعدي منذ بداية الألفية الثالثة بعد تنصّلها من الشيوعية. أوخ تسلّم الإدارة الفنية منذ سبع سنوات من يدي إيفا زاورالوفا، السيدة الثمانينية النشيطة التي شغلت المنصب نفسه من ١٩٩٤ إلى ٢٠١٠، قبل أن تتنازل عنه لتكتفي بصفة المستشارة الفنية. مع وصول أوخ إلى الإدارة العليا (كان يعمل في فريق المبرمجين منذ مطلع سنوات الألفين)، انفتح المهرجان على العالم العربي، مما أدّى إلى استعادة للسينما اللبنانية قبل عامين.

عائلة ثورمان. 

ثلاثة أميركيين في ليلة الافتتاح

الممثلة الأميركية أوما ثورمان حضرت الافتتاح لتتسلّم جائزة تكريمية تحتفي بعملها في السينما منذ ثلاثة عقود. التمثال الذي أُسند إليها معروف باسم جائزة “الكرة البلورية”، ويكلل مسيرة بدأتها في العام ١٩٨٧، حين كانت في السابعة عشرة. ومنذ ذلك الوقت، شقت طريقها إلى الشاشة من خلال أعمال لاقت جمهورها الواسع في أصقاع الأرض، إلا أنّ الأدوار التي طبعت الأذهان هي تلك التي جسّدتها في إدراة كوانتن تارانتينو: “بالب فيكشن” وجزءا “كيل بيل”. ثورمان جاءت مصحوبة بعائلتها، في رحلة أشبه بعطلة صيفية، إذ لم تجرِ أي مقابلات. رأيناها تعتلي المسرح مرتدية ثوباً أبيض طويلاً يعيد ببساطته الفريدة الاعتبار إلى جمالها العدواني.

كايسي أفلك يتسلم "جائزة الرئيس".

كايسي أفلك، المتوَّج في شباط الماضي بـ”أوسكار” أفضل ممثل عن دوره في “مانتشستر على البحر”، مُنح هو أيضاً “جائزة الرئيس” تكليلاً لمسيرته السينمائية الشابة، إذ لا يزال في عمر يافع لمثل هذه الجوائز. الممثل الأربعيني يشارك بفيلم “قصة شبح” لديفيد لويري. عمل غريب الأطوار، يسرد قصة رجل يموت في حادث سير، ثم تعود روحه الملفوفة في غطاء أبيض لتحوم حول المنزل حيث حبيبته غارقة بكآبتها بالطريقة التي تراها مناسبة. فيلم يتأرجح بين الأسلوب التأملي البطيء والتشويق. طوال ثلاثة أرباع الحوادث، يكون أفلك، الذي نلتقيه اليوم في نقاش مفتوح، تحت غطاء يمنعنا من رؤيته. يقدّم الفيلم رؤية خاصة وحميمية جداً عن الفقدان والحداد والألم والصمت. في أحد أجمل المَشاهد، نرى حبيبة الرجل المتوفى وهي تأكل بشراهة، بدلاً من البكاء على خسارة الكائن العزيز.

جيمس نيوتن هاورد.

الافتتاح كان زاخراً كالعادة باللوحات الفنية والاستعراض الراقص المبهر الذي أعتدنا عليها في كارلوفي فاري. آلاف تقاطروا للاستماع إلى موسيقى جيمس نيوتن هاورد في الافتتاح، بعدما خصّصت جائزة أخرى له عن مجمل مؤلفاته للسينما التي تجاوزت المئتين منذ بدأ العمل في منتصف السبعينات. غداة الافتتاح، كان لجمهور المهرجان لقاء مع هاورد شرح فيه الأساليب التي ينتهجها للعمل مع السينمائيين. خلص إلى القول بأنّ أفلاماً في أيامنا هذه تستخدم الكثير من الموسيقى. روى أنّه انتهى للتو من العمل على فيلم كاثرين بيغلو الجديد، وهو لا يتضمّن سوى عشر دقائق من الموسيقى، خلافاً لأفلام فيها أكثر من ساعة لحن. قال إنّه يعطي رأيه للمخرج، يتفاوض معه، ولكن في النهاية يتركه وشأنه، ولو فعل العكس، فهذا يعني أنّه يرغب في إنجاز فيلم خاص به. اعترف قائلاً: ”تطلّب مني الكثير من الوقت كي أتخلّص من الايغو. طوال عشر سنوات كنت أتعاملُ مع سينمائيين ولا أنصتُ ابداً إلى ما يقولونه لي. كنت أردد في نفسي: "ماذا يفهم هؤلاء بالموسيقى، أنا صاحب الموسيقى". ثم، اكتشفتُ أنّ هذا الانغلاق على الذات أصبح يضعّف ألحاني ويسيء إلى موهبتي. فبدأتُ أستمع إلى الآخرين، وآخذ في الاعتبار حججهم، فهم في النهاية أصحاب الفيلم. منذ ذلك الوقت تغيّر كلّ شيء”.

أفلك والجمهور التشيكي.

ثلاثة أميركيين إذاً في الافتتاح. عن هذا الطغيان اليانكي المستمر منذ سنوات على المهرجان، يقول كاريل أوخ بلغة واقعية: “المهرجان يحتاج إلى "غلامور"، ونجوم السينما يأتون عموماً من الولايات المتحدة. حاولنا الاتيان بأوروبيين، لكن بعضهم غير معروف كثيراً في تشيكيا رغم نجوميتهم في بلدهم. أما المعروفون فليسوا دائماً على استعداد للمجيء لكثرة انشغالهم. نحاول دائماً اختيار أسماء يلتقي عليها عامة الشعب والنخبة. ويلَم دافو الذي كرمناه، مثالي في هذا المجال. تشارلي كوفمان أقلّ بقليل (كُرِّما في الدورة الماضية). نحاول اذاً إيجاد أسماء كهذه تغطي جانبي السينما”.

نيوتن يقود الأوركسترا الفيلهارمونية التشيكية.

١٢ فيلماً في المسابقة الرسمية

بعيداً من الجانب الاحتفالي، تُعرض هذه السنة ١٢ فيلماً في المسابقة الرسمية التي انطلقت بفيلم الروسي بوريس خليبنيكوف، “أريتميّا”، في عرض عالمي أول. أفلام أخرى ستتبعه في الشقّ الروائي للمسابقة. أفلام من إسرائيل ورومانيا وبولندا والبوسنة، مع تركيز دائم على بلدان أوروبا الشرقية والوسطى. وفي انتظار فيلم المخرج الجورجي جورج أوفاشفيلي، “خيبولا”، المتسابق على “الكرة البلّورية” (نال قبل ثلاث سنوات الجائزة الكبرى للمهرجان مع “جزيرة الذرة”)، شاهدنا الفيلم الفرنسي “الشركة” لنيكولا سيلول الذي يوجّه سهامه إلى الانتهاكات الحاصلة ضد قوانين العمل التي تتلاعب بها الشركات الكبرى، وذلك من خلال قصة موظّف ينتحر بعدما يتم فصله عن العمل. فالشركة التي خدمها طوال سنوات تستغني عنه بطريقة مهينة، من دون أن تضمن صون كرامته. وهذا سيكون مصير العديد من العاملين لديها أيضاً، ولكن تباعاً. تضع الشركة خطة للتخلي عن مئات الموظفين، ولكن بدلاً من اللجوء إلى الأصول القانونية، تنتهج الغش والاحتيال والإحراج لدفعهم إلى الاستقالة. السيدة (سيلين ساليت) التي تُكلَّف بهذه المهمة القذرة ستتمرّد على قرارات الإدارة بعد صدمة انتحار الزميل وشعورها بالمسؤولية تجاهه. ملف مهم يعالجه سيلول الذي يقدّم هنا فيلمه الروائي الطويل الأول من وحي وظيفة والده التي أتاحت له الاطّلاع على تفاصيل هذا الوسط.

جمهور محب للموسيقى.

يعاني كارلوفي فاري من مشكلة إيجاد أفلام كبيرة لإدراجها في المسابقة الرسمية، نظراً لتاريخ انعقاده الذي يقع بين كانّ والبندقية. خصوصاً أنّ شرطاً من شروطه هو أن يكون الفيلم عرضاً عالمياً أو دولياً. إلا أنّ كاريل أوخ يكشف لـ”النهار” أنّه لا يزال هناك العديد من السينمائيين الذين يتعاملون مع فيلمهم بواقعية، ويعرفون حجم عملهم وحدوده. يعلمون مدى الإفادة التي يمكن أن يحقّقوها جراء وجودهم في مسابقة كارلوفي فاري. “أحياناً، نسافر أيضاً لمشاهدة عمل يكون قيد الإنجاز. علينا مواكبة المشروع قبل أن ينتهي. خذ فيلم "زولوجي" مثلاً. مخرجه فاز هنا بجائزة في قسم "شرق الغرب" عن فيلمه "صف التصحيح". منتجه فرنسي ولديه كلّ سنة فيلم جديد في كارلوفي فاري، وقبل ثلاثة أعوام، فاز "جزيرة الذرة" الذي أنتجه "الكرة البلورية". المسألة برمتها تعتمد على الصداقات ومَن يعرف مَن. السينمائيون الذين يأتون إلينا يعرفون ماذا يتوقعون. طبعاً، أتحدث هنا عن سيناريو رابح. أحياناً، نخسر المعركة، لأن أصحاب الفيلم يفضّلون الانتظار، طامحين إلى سان سيباستيان وتورونتو معاً”.

كاريل أوخ مع لامبير ويلسون. 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم