الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

معركة اللبنانيين ليست مع اللاجئين السوريين فهل من حل للجوء وارتداداته على لبنان؟

المصدر: "النهار"
ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
معركة اللبنانيين ليست مع اللاجئين السوريين فهل من حل للجوء وارتداداته على لبنان؟
معركة اللبنانيين ليست مع اللاجئين السوريين فهل من حل للجوء وارتداداته على لبنان؟
A+ A-

نتذكر معركة #عرسال في آب 2014 ضد الجيش، حين أحكم مسلحو " #النصرة" و" #داعش" سيطرتهم على البلدة وقتلوا 14 شهيداً للجيش واختطفوا 22 عسكرياً من الجيش وقوى الأمن الداخلي رهائن. في تلك المرحلة نتذكر ايضاً أن التضامن مع الجيش كان خجولاً، ولم يرق الى مستوى الوطنية التي تحمي العسكريين وتحتضنهم في مواجهة الإنقسام الطائفي والسياسي في البلد، وهوانقسام طبع كل السنوات السابقة وغطى على الأسباب التي جعلت لبنان بلداً يختنق باللاجئين السوريين، قبل أن يرتفع صوت البعض بالحديث عن "عنصرية اللبنانيين" كلما أعلن أحدهم موقفاً من مشكلة اللجوء، علماً أن مخيمي اللاجئين السوريين في عرسال كانا موجودين، لكن مشكلتهما لم تظهر بالشكل الذي يحدث اليوم، على رغم أن عرسال كانت كلها اسيرة التنظيمين الإرهابيين المتطرفين.  

أن نرفع الصوت اليوم بأن مشكلة اللجوء كارثية على #لبنان، فذلك ليس تحريضاً ضد اللاجئين السوريين. وأن تسمي المسؤول عن ازدياد أعدادهم فليس جريمة في بلد منقسم سياسياً وطائفياً على كل شيئ. وقبل أن تطلق السهام من البعض بأن هناك حملة على اللاجئين السوريين في لبنان، وإطلاق الاتهامات للبنانيين بالعنصرية، لنبحث عن أصل الأزمة والحرب التي اجتاحت سوريا وانعكست سلباً على لبنان وأهله، وشكلت عبئاً أكبر من قدرات البلد، إلى حد كلما قام الجيش اللبناني بعملية عسكرية في مناطق اللجوء بحثاً عن مطلوبين وإرهابيين، استنفر البعض ضده واتهمه بممارسات غير انسانية بحق اللاجئين، من دون أن يبحث أو يعلن موقفاً عن واقع السوريين الفقراء الذين نزحوا من بلادهم ولم يكن أمامهم غير لبنان ملجأ لإيوائهم.

ولعل الصراع الذي أخذ البلد إلى الحرب، كان اللجوء أحد أسبابه، فمثلما نشهد اليوم أن لا قدرة للبنان لتحمل هذا العدد الهائل من اللاجئين، خصوصاً إذا صاروا جزءاً من نسيجه الاجتماعي، مثلما جرى تحميله في الصراع مع اسرائيل مهمات أكبر من حجمه وإمكاناته. أما المشكلة اليوم فهي أكثر تعقيداً لجهة حجم اللجوء وأعداده، واستبعاد إمكان عودة اللاجئين السوريين الى بلدهم، فهم ضحايا إرهاب الجماعات الإسلامية المتطرفة، وضحايا النظام الذي أخرجهم من منازلهم وجعل انتمائهم بلا هوية، وذلك بعدما غلب على المناطق السورية الفرز، وتحول بعضها الى مناطق صافية طائفياً ومذهبياً، على ما شهدنا أخيراً من تبادل على أساس طائفي وفرز بين المناطق، غذ باتت مناطق بكاملها في سوريا ذات غالبية من نوع طائفي معين وبالعكس.

المعركة ليست مع اللاجئين

ليست معركة اللبنانيين مع اللاجئين، وليست مهمة الجيش ضد المخيمات، فالتشكيك بدوره هو أقصر الطرق للتغطية على المسبب الرئيسي للأزمة. لكن الوقائع التي لا تقبل الشك تؤكد أن مشكة اللجوء صارت أكبر من البلد، فهي تخنقه الى حد صار معه السوريون واللبنانيون ضحايا بالجملة، فيما الإدارة الرسمية لملف اللاجئين دفعته أكثر الى التأزم، ما يعني أن لا تسوية قريبة لعودة اللاجئين السوريين الى بلداتهم وقراهم في المحافظات السورية، خصوصاً من لبنان، حيث فوضى انتشارهم وتداخلهم مع العاملين السوريين في البلد، والاعتبارات السياسية والطائفية التي تحكم هذه العملية، إضافة إلى رفض النظام السوري إعادتهم.

كل النقاش في ملف اللاجئين السوريين يؤكد أن لا أحد يكترث اليوم لعودتهم الى بلادهم، فهذا الملف ليس أولوية لدى المجتمع الدولي، انه جزء من صراع مستمر ومصالح مترابطة، حتى أن المجتمع الدولي لا يتحرك في هذا الاتجاه، لتصبح المشكلة في لبنان أكثر تعقيداً، ليس في توزع اللاجئين على نحو 1800 مخيم عشوائي صغير، بل في الاعتبارات السياسية والطائفية التي تحكم وجودهم في لبنان، إضافة إلى تورط أطراف لبنانية في الأزمة السورية، ناهيك بالإنقسام اللبناني بين النظاموالمعارضة وطوائفهما، علماً ان لبنان يستضيف ايضاً مئات آلاف السوريين الذين يعملون رسمياً في مهن مختلفة، فضلاً عن عدد كبير من الميسورين الذين خرجوا من سوريا لتوظيف أموالهم في الخارج.

الآثار الكارثية

تبقى آثار اللجوء كارثية على لبنان طالما أن لا حل لمشكلتهم، وذلك في غياب الدعم الدولي الكافي لتلبية حاجاته ورعاية أوضاع اللاجئين. لذا يتحدث خبراء عن انفجارات سكانية تتبعها أزمات اجتماعية مختلفة تقع في لبنان ما لم يتلق الدعم اللازم لتمكينه من الصمود ومواجهة الاحتمالات المفتوحة التي قد تشتعل في أي لحظة. فإذا كانت التطورات في سوريا لا تسمح بعودة اللاجئين، لاستمرار الحرب أولاً، ولما نشهده من فرز طائفي ومناطقي، يساهم النظام في تغذيتهما وتماشيه المعارضة غير مكترثة، إضافة الى اعتباراتهما الخاصة للتعامل مع السوريين في الخارج، فإن لبنان سيبقى يواجه أزمة كبرى لن يكون في مقدوره حلها أو مواجهة أعبائها.

للذين يتجاوزون أصل المشكلة، نقول لهم أن أخطار اللجوء السوري لا تقتصر على خسائر يدفعها لبنان وتكلفة ما عاد يستطيع تحملها، بل بات موضوع اللاجئين خطراً على لبنان بأكمله وعلى تنوعه وتركيبته وديموغرافية سكانه. وها نحن لا نزال في قلب الأزمة السورية وارتداداتها، وقد صار عندنا ملايين اللاجئينفي مختلف المناطق، من دون أن تسجل اجراءات تساهم في تنظيم لجوئهم والحد من تأثيراته على البنية اللبنانية والبلد ومستقبله.

وبينما نتضامن مع اللاجئين السوريين، تبدو الورقة الأهم التي يتركها النظام لمرحلة لاحقة مسألة اللاجئين التي يعاني لبنان من تداعياتها على بنيته ومجتمعه واقتصاده واستقراره أيضاً، إذ ستكون ورقة قوية للنظام في حال حسمت الأمور في سوريا نهائياً لمصلحته، فيكون شرط العودة كلفة سيدفعها لبنان بمزيد من الأعباء والنزف.

لبنان تحول بلداً للاجئين، وصل الى حد الإختناق. لكن المشكلة الخطرة أيضاً أن أجيالاً من اللاجئين لم تعد تعرف سوريا، لا القديمة ولا الراهنة التي يدمرها طرفا القتال.فماذا يحل باللاجئين في ظل التفكك الذي اصاب سوريا اليوم، والتقاسم الذي نشهده على مستقبلها؟.

[email protected]

twitter: @ihaidar62

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم