الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"حزب الله" يربط خطوطه من الجنوب الى سوريا، من أين يأتي المقاتلون لدعمه ضد إسرائيل؟

المصدر: "النهار
ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
"حزب الله" يربط خطوطه من الجنوب الى سوريا، من أين يأتي المقاتلون لدعمه ضد إسرائيل؟
"حزب الله" يربط خطوطه من الجنوب الى سوريا، من أين يأتي المقاتلون لدعمه ضد إسرائيل؟
A+ A-

كان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله حاسماً، في خطابه الأخير، في الموضوع السوري. هو أكد أن سوريا دولة رئيسية في محور المقاومة، ما يعني أن الحزب سيبقى يقاتل في الداخل السوري حتى النهاية، وإلى أن يحسم النظام وحلفاؤه المعركة ضد "داعش" و"النصرة" والجماعات الاسلامية الأخرى، بما فيها القوى التي تدعمها واشنطن. أما اللافت في كلامه، فكان إشارته إلى أن أي عدوان اسرائيلي على لبنان والمقاومة سيتدفق مقابله عشرات لا بل مئات آلاف المقاتلين لمواجهة الإحتلال، ما يعني أن الحزب يتحضر على أكثر من جبهة، آخذاً في الاعتبار احتمال المواجهة مع إسرائيل، على رغم انتشار قواته واندفاعها بعيداً في الداخل السوري، إلى حدٍ ما عاد ممكناً معه العودة الى الوراء. 

يعمل "حزب الله" وفق شخصية سياسية مطلعة على مركز قراره، على ربط خطوط المواجهة المحتملة مع الإحتلال الإسرائيلي، من الجنوب الى الداخل السوري. هو نجح إلى حد بعيد في الوصل بين مناطق سورية عدة على الحدود مع لبنان واتخاذ بعضها مواقع خلفية ثابتة، يمكن من خلالها دعم الجبهة الجنوبية في حالة الحرب، خصوصاً منطقة القصير الواسعة التي صار فيها للحزب قدرات عسكرية ومعدات كبيرة، في حين أن السلسلة الشرقية لم تعد مصدر خطر كبير بعد تثبيت الجيش اللبناني مواقعه هناك وتراجع مسلحي "داعش" و"النصرة" الى الداخل في جرود القلمون. وكان أعلن تفكيك مواقعه على الحدود الشرقية لجهة عرسال، علماً أن الحزب لديه القدرة على حشد مقاتليه من القرى المجاورة للحدود الشرقية، امتداداً الى الداخل السوري، ويستطيع تطويقها في أي وقت، ما يعني انه مطمئن إلى هذه المنطقة التي لم تعد تشكل خطراً على خطوطه.

لكن ما خطة "حزب الله" من الجنوب الى سوريا، مع استمرار النزف وسقوط "الشباب" في الداخل السوري؟ تقول الشخصية السياسية التي تنقل عن قيادي سابق في الحزب قرر الابتعاد وعدم الانخراط في أي مهمات حزبية، قوله إن "حزب الله" ينفذ قراراً إيرانياً في سوريا، حتى لو كانت الرئاسة الإيرانية للمعتدلين، لذا يلتزم القرار الإيراني ويدفع بالمزيد من شبابه ومقاتليه وأنصاره الى جبهات سورية عدة، بمواكبة ألوية مقاتلة شيعية من العراق وغيره من البلدان، وكذلك مستشارين إيرانيين،الى جانب قوات النظام السوري وميليشيات الدفاع الوطني، لاستكمال السيطرة على مناطق تربط الحدود السورية - العراقية، خصوصاً التقدم في منطقة التنف والسيطرة على معبرها، وقبل ذلك متابعة التقدم في منطقة البادية في تدمر للسيطرة في شكل كامل على ريف حمص الجنوبي، وصولاً الى جنوب شرق سوريا. وهذا ما يفسر سقوط عدد كبير من مقاتلي الحزب بين التنف والبادية في تدمر بعد التقدم في المنطقة، فيما الهدف أيضاً محاولات الوصول الى دير الزور والبوكمال على الحدود العراقية، علماً أن منطقة درعا على الحدود الأردنية تمثل أهمية استثنائية، خصوصاً أن الاقتراب منها يسمح بفتح الطريق نحو الأراضي المتاخمة للجولان المحتل. لكن القيادي السابق يعترف بأن مساحة هذه المنطقة تزيد استنزاف الحزب، لذا لن يستطيع الاستمرار في "المغامرة" وإنهاك قواته ومقاتليه من النخبة، خصوصاً أن احتمالات المعركة في الجنوب اللبناني واردة في أي لحظة، إلا إذا كان الرهان على فتح خطوط بين سوريا والعراق وتأمين مناطق يستطيع المقاتلون عبورها لدعم "حزب الله" في المواجهة التي تحدث عنها السيد نصرالله، على رغم أنها غير واقعية في المنظور العملي في حالة الحرب.

واياً تكن سيناريوات الحزب التي يجري الحديث عنها من الجنوب اللبناني إلى سوريا، تبقى غير واقعية برأي السياسي المتابع لوضع الحزب. يقول في شأن قوته، إن الكلام الأخير لنصرالله هو للتعبئة ولا يعكس الوقائع التي يعمل عليها الحزب. ويرى أن "حزب الله" على رغم قوته وقدرته على الهيمنة في الساحة الشيعية، إلا أنه لا يستطيع الاستمرار الى ما لا نهاية في دفع تكاليف مضاعفة وخسائر بشرية في الداخل السوري، فبقدر ما هو مدعوم إيرانياً بالمال والسلاح، إلا أن وظائفه كبرت الى حدود ما عادت موازنته الشهرية تكفي لسد حاجات مقاتليه ورواتبهم مع الجرحى وأهالي الشهداء والتقديمات الاجتماعية والمساعدات، لذا وصل الحزب الى قمة التعبئة لمقاتليه إذا تحدثنا عن عشرات الآلاف من المتفرغين، وعشرات الآلاف من الأنصار، خصوصاً أن قواته في قرى الجنوب امتداداً نحو البقاع على أهبة الاستعداد دائما للقتال، فكيف اذا كان وزع المزيد من المقاتلين على جبهات سورية مفتوحة لا افق لحسم المعركة فيها، فضلاً عن استنزافه الى حدود قصوى؟

تنقل الشخصية السياسية عن القيادي السابق، انه اقترح ألا يشتت الحزب مقاتليه بعيداً في الجبهات السورية التي لا يمكن الحسم فيها، وهي تعرّضه لخسائر كبيرة، وإبقاء القوة الأساسية في المناطق القريبة من لبنان، خصوصاً أن تجربته في إنشاء سرايا مقاتلة في الجولان لم يكتب لها النجاح. ويعترف بأن سحب مقاتلين من الحدود الشرقية كان هدفه دفعهم الى الداخل، حتى أن "حزب الله" درّب المزيد من مقاتلي النخبة لديه ودفعهم الى البادية، وبينهم من اتجه الى التنف ودرعا، مستفيداً من معركة حلب السابقة. لكن اقتراحه لم يؤخذ به، فبقيت الخطط غير الواقعية التي تأخذ أيضاً من رصيد الحزب وقوته لبنانياً وفي سوريا. ويسأل عن المقاتلين الذين سيندفعون الى الجبهة الجنوبية في حال المواجهة مع اسرائيل، مستنتجاً أن الوضع خطير، حتى في ساحة الحزب ومنزله.

ويرى السياسي اللبناني إياه، أن الذهاب بعيداً في سوريا يأخذ أكثر من رصيد "حزب الله"، حتى أنه يشتت فائض قوته، علماً أن مواجهة العدو تستدعي معرفة نقاط ضعفه أولاً قبل كشف الأوراق، إلا إذا كان الكلام للتعبئة ولشد العصب. والأمر واضح في أن "حزب الله" يتصرف وكأنه جهة تقرر في كل الشؤون، فهل يراجع سياساته ويحد من تورطه في العمق السوري، أم أن الأوان قد فات على العودة، وعليه تحمّل كل الارتدادات السورية عليه وعلى لبنان؟

[email protected]

twitter: @ihaidar62



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم