اشترِك في نشرتنا الإخبارية
يوم تسلّم قائد الرؤية ولاية العهد... محمد بن سلمان مهندس مستقبل المملكة
أصبح الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي للعهد في المملكة العربية السعودية بعد إعفاء الأمير محمد بن نايف من هذا المنصب. والامير محمد بن سلمان، 31 عاما، لمع إسمه في السنوات القليلة الاخيرة من خلال قيادته للعمليات العسكرية للتحالف في اليمن، مع توليه أيضا مهمة رسم سياسة الطاقة للمملكة، والاهم الاهم، إشرافه على وضع "رؤية المملكة لسنة 2030" التي تهدف الى إعداد المستقبل الاقتصادي للبلاد لعصر ما بعد النفط.
إلى أن أصبح والده العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود الملك السابع للمملكة العربية السعودية في كانون الثاني عام 2015، لم يكن كثر خارج المملكة يعلمون أي شيء عن الأمير محمد بن سلمان، والذي بعد أكثر من عامين من توليه منصب ولي ولي العهد، أصبح هو القوة وراء عرش المملكة. وقد توج اختيار محمد بن سلمان وليا للعهد مسيرة كبيرة للأمير في العمل السياسي والعسكري، إضافة الى العمل الاقتصادي والتنموي الذي تجلى في "رؤية 2030". فولي العهد الذي يترأس أيضا مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي والمجلس الأعلى لشركة أرامكو أدخلت رويته الطموحة للمملكة للعام 2030 سلسلة تغييرات هيكلية على الاقتصاد السعودي لتنويع مصادر الدخل والتخفيف من الاعتماد على النفط كمصدر اساسي لإيرادات الخزينة. وبالفعل، وبعدما أصبح محمد بن سلمان ولي ولي العهد في نيسان 2015 بعام واحد فقط، قام بتقديم رؤية متكاملة بشأن مستقبل المملكة تتضمن برامج اقتصادية واجتماعية وتنموية، وتشتمل على إصلاح في الموازنة العامة، وتغيير تنظيمات ومبادرات خمسية، بالاضافة الى سعي هذه الخطة لتعزيز الجهاز الحكومي وتفعيل القطاعات الإنتاجية والصناعية غير النفطية.
رؤية المملكة 2030
يعتبر الامير محمد بن سلمان مهندس هذه الرؤية التي تصب في صالح إدخال إصلاحات اقتصادية وتنمية للمملكة للنهوض باقتصادها وتحريرها من الاعتماد على النفط. وإستناداً الى هذه الخطة، ستعمل المملكة على تحويل صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى صندوق سيادي بأصول تقدر قيمتها تريليوني دولار إلى 2.5 تريليوني دولار ليصبح بذلك أضخم الصناديق السيادية في العالم، مع سيطرته على أكثر من 10% من القدرة الاستثمارية في الكرة الأرضية وممتلكات بأكثر من 3% من الأصول العالمية. وتسعى المملكة إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي من 3.8% حاليا إلى 5.7% مع زيادة مشاركة النساء في سوق العمل من 22% إلى 30%، وخفض نسبة البطالة بين السعوديين من 11.6% إلى 7%. وقد وضعت ولي العهد الامير محمد بن سلمان هدفا اساسيا ومهما لهذه الخطة الا وهو جعل الاقتصاد السعودي ضمن أقوى 15 إقتصادات في العالم بدلاً من موقعه الحالي في المرتبة 20. من خلال هذه الرؤية، تهدف المملكة ايضاً إلى زيادة الإيرادات غير النفطية 6 أضعاف من نحو 43.5 مليار دولار سنويا إلى 267 مليار دولار سنويا، مع زيادة حصة الصادرات غير النفطية من 16% من الناتج المحلي حاليا إلى 50% من الناتج. كما ستقوم المملكة بإنشاء مجمع ضخم للطاقة الشمسية شمال البلاد.
من أبرز نقاط التحول التي لاحظتها ايضا هذه الرؤية، طرح أقل من 5% من شركة النفط الوطنية العملاقة "أرامكو" للاكتتاب العام في البورصة على ان تخصص عائدات الطرح لتمويل الصندوق السيادي السعودي، في إكتتاب يتوقع ان يكون الاكبر في تاريخ الاكتتابات العالمية مع تقييم مجموعة أرامكو بأكثر من تريليوني دولار. وقد أصر ولي العهد ايضا على تحفيز الاستثمار وتشجيع المستثمرين الى الاستثمار في المملكة من خلال تطبيق نظام "البطاقة الخضراء" خلال خمس سنوات، لتحسين مناخ الاستثمار مما يسمح بالإقامة الدائمة على غرار البطاقة الخضراء الأميركية.
وفي سياق متصل ايضا بالرؤية التي وضعها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي بقيادة ولي العهد الامير محمد بن سلمان، تخطط المملكة لزيادة عدد المعتمرين سنويا من 8 ملايين إلى 30 مليونا بحلول سنة 2030، مع إنشائها أكبر متحف إسلامي في العالم وتحديدا في الرياض. كما تتضمن الخطة تطوير البنى التحتية كمطار جدة الجديد ومطار الطائف، إضافة إلى تطوير البنى التحتية في مكة واستثمار أراض محيطة بالحرم المكي. وتلاحظ الخطة إنشاء شركة قابضة للصناعات العسكرية مملوكة 100% للحكومة وإعادة هيكلة قطاع الإسكان للمساهمة في رفع نسب تملك السعوديين مع إنشاء مكتب لإدارة المشاريع الحكومية وظيفته أن يسجل كل الخطط والأهداف، ويبدأ بتحويلها إلى أرقام وإلى قياس أداء دوري، ومراقبة مدى مواءمة عمل الجهات الحكومية، وخطط الحكومة، وبرامج الحكومة في تحقيق الأهداف.
أبعد من ذلك...
خطط ولي العهد محمد بن سلمان لم تتوقف، بل ذهب الامير الشاب أبعد من ذلك. فخلال زيارته الاخيرة الى الولايات المتحدة وتحديداً إلى وادي "سيلسكون" في مدينة سان فرانسسكو الأميركية، وهو اهم مركز للتكنولوجيا في العالم، قابل الرؤساء التنفيذيين لأكبر شركات تكنولوجيا في العالم، ومنهم الرئيس التنفيذي لشركة أبل تيم كوك، والرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زوكربيرغ بالاضافة الى الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت وستايا ناتيلا. وخلال الاجتماعات، دعا محمد بن سلمان كل شركات التكنولوجيا الى الاستثمار في المملكة وتعميق العلاقات التجارية معها والاهم نقل الخبرات والمهارات إلى المواطنين السعوديين. والاهم يومها هو توقيع ولي العهد مذكرات تفاهم مع مايكروسوفت وسيسكو من أجل تدريب السعوديين ومساعدتهم في توسعة قطاع التكنولوجيا.
على المسار الصحيح
ما هي الا اشهر قليلة حتى بدأت رؤية المملكة 2030 تعطي ثمارها، بالاضافة الى الاجراءات المالية والتقشفية التي إنتهجتها السعودية لمواجهة أزمة تراجع اسعار النفط عالميا. فقد بلغ عجز الميزانية السعودية في الربع الأول من السنة الجارية 26 مليار ريال (6.9 مليارات دولار) وهو ما يقل كثيرا عن توقعات أولية أشارت إلى عجز قدره 56 مليار ريال، بعد ان أصبح ضبط الميزانية أدق بكثير، في الوقت الذي يتوقع ان لا يتجاوز فيه الدين العام للمملكة نسبة 30% من ناتجها المالي خلال 2017 و2018.
وقد قال ولي العهد كلمته "المملكة تستطيع العيش بدون نفط" ، وها هو بخططته الجريئة والطموحة يسير بخط ثابت نحو نحقيق هذا الهدف بحلول سنة 2020 لينقل السعودية الى مرحلة ما بعد النفط، مرحلة يكون فيها الاقتصاد متنوعا والميزانية متزنة، والاوضاع المالية مستقرة. وبالفعل، دخلت رؤية السعودية 2030 تاريخ المملكة بتوقيع ولي العهد الشاب محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وليبقى تاريخ 21 حزيران 2017 مدوناً في سجلات المملكة، يوم تسلم قائد الرؤية ولاية العهد.
Twitter: mauricematta
