الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

"فقط في لبنان"... متى تنتهي "بدعة" تقديم الإنجازات الرياضية إلى السياسيين؟

المصدر: "النهار"
عبدالناصر حرب
"فقط في لبنان"... متى تنتهي "بدعة" تقديم الإنجازات الرياضية إلى السياسيين؟
"فقط في لبنان"... متى تنتهي "بدعة" تقديم الإنجازات الرياضية إلى السياسيين؟
A+ A-

أحرز فريق #العهد لقب #الدوري_اللبناني لـ #كرة_القدم لموسم 2016-2017، فيما غنم #الأنصار لقب الكأس، وهما سيمثّلان لبنان في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي للموسم المقبل.

واستحق كل من "الأصفر" و"الاخضر" تقاسم الألقاب، لانهما كانا الأفضل، كل في المسابقة التي فاز بها، وقد فرحت جماهيرهما بما حققاه على الأرض، ولكن!

كلمة "ولكن" هنا تطرح علامة استفهام كبيرة حول "بدعة" برعت فيها إدارات الأندية اللبنانية، تتمثل في أن كل فريق يحرز لقبا ما يتوجه الى المرجعية السياسية التي ينتمي اليها او يدور في فلكها ويقدم لها الكأس هدية، مثابة عربون "وفاء وتقدير" كما يحلو للبعض ان يسميها!

"بدعة" تقديم كأس أو انجاز ما الى "سياسي" لا وجود لها إلاّ في قاموس الأندية اللبنانية، التي ورثتها عن بعض الفرق العربية من دون ان نشاهد أي فريق في العالم المتحضر والمتطور في عالم الرياضة عموماً وكرة القدم خصوصا يقوم بتقديم ميدالية او كأس الى أحد "سياسيي" بلاده، مهما علا شأنه ومركزه.

فبعد انتهاء البطولة واحراز العهد اللقب، قام بتقديم كأسها الى الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله. امّا الأنصار فقد اهدى كأسه الى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، تماماً كما كان يفعل فريق الصفاء حين كان يحرز لقبا ما فيقوم بتقديمه الى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط.

وعن أسباب تقديم كأس البطولة للسيد نصرالله، اكد الامين العام لنادي العهد محمد عاصي ان الهدف من ذلك هو "الوقوف الى جانب الشهداء الذين يدافعون عن لبنان"، مشيراً الى ان الفريق يرفض إدخال السياسة في الرياضة.

وتابع في حديث مع "النهار": "طبيعة المجتمع اللبناني تتطلب من كل جمعية بعض الامور، وهذه بيئتنا"، موضحاً ان لا علاقة تربط "حزب الله" بنادي العهد.

وختم: "نريد ان تستفيد الرياضة من السياسة مادياً ومعنوياً، وليس العكس".

وما تقوم به فرق كرة القدم تتشبه به اندية كرة السلة، فالنادي الرياضي للرجال وفريق سيداته لكرة السلة احرزا لقب بطولة لبنان (الأول) وبطولة غرب آسيا (الثاني) وقدما الكأسين الى الرئيس الحريري ايضاً!


وأكد نائب رئيس النادي الرياضي تمام جارودي ان الخطوة التي قام بها الفريق بزيارة الرئيس الحريري جاءت نتيجة دعمه المادي والمعنوي طوال الموسم.

واضاف في حديث مع "النهار": "عندما يدعمك شخص خلال موسم كامل، لا بد من ان تشكره في النهاية".

في المقابل، احرز كل من نادي ريال مدريد لقب الدوري في اسبانيا وبايرن ميونيخ في المانيا وجوفنتوس في إيطاليا وموناكو في فرنسا، كما احرز برشلونة لقب الكأس في اسبانيا وارسنال في إنكلترا ودورتموند في المانيا وباريس سان جيرمان في فرنسا، ولم نر فريقاً واحداً قام بتقديم الكأس او اللقب الى أي سياسي او رجل دين، كل في بلده، بل ان اللاعبين احتفلوا مع الجماهير في الساحات العامة وغيرها.

إشارة الى أننا لسنا طبعاً ضد احترام المرجعيات السياسية وتقديرها، لكن لا ندري ما هو دورها في فوز الفريق باللقب على ارض الملعب؟

صحيح ان كل فريق في لبنان ينتمي الى طائفة او مذهب او منطقة وبالتالي الى مرجعية ما، لكن معظم الفرق اللبنانية وخصوصاً تلك التي تحرز الألقاب تشتكي في مكاتبها وكواليسها من عدم حصولها على أي دعم مالي من تلك المرجعيات، وكل ما في الامر ان هذه الأندية تعتبر نفسها تتبع لهذه المرجعية او تلك من منطلقات طائفية او مناطقية، وحتى لا ندخل في تسمية الوقائع بالاسماء، فان المرجعيات السياسية تلك تبارك فقط، لكنها لا تدعم بالمال.

وتعتمد الاندية في تمويلها بشكل كبير على رئيس النادي او احد الممولين، وعلينا ألا ننسى ان لدى السياسيين في لبنان مشاكل كثيرة منها الاقتصادية والسياسية والانتخابية والاجتماعية، فلا داعي لزيادة همّ فوق همومهم، خصوصاً ان كرة القدم تعاني من مشاكل جمة، فضلاً عن ان وضع كرة السلة ليس افضل حالاً من "القدم"، وليس مستحباً ان نقحم هذا أو ذاك السياسي بمشاكل تلك الألعاب!

ويجب التأكيد ان لا شيء يمنع من ان يقوم أي سياسي بتقديم الدعم المالي لجمعية رياضية أو نادٍ لكي يطور أداء فريقه ويحافظ على ديمومته واستمراره، لكن بالدعم المالي وليس باقحام السياسي في المشاكل الرياضية التي تخص "البيت الرياضي" فقط.

أخيرا، لم تدخل السياسة في رياضة إلاّ افسدتها، وللتذكير، فإن رئيس الوزراء الايطالي سابقاً سيلفيو برلوسكوني شغل منصب رئيس نادي ميلان الشهير في الوقت نفسه، وفي تلك الحقبة أحرز الفريق القابا كثيرة، ولم يقدم الكأس الى "الرئيس".

وللعلم، فان كرة القدم اللبنانية كانت تعيش بأمان واستقرار فني ومادي حتى العام 2001، حين قرر "اسطول" كبير من المرجعيات السياسية اقحام نفسه فيها، فتدخل واطاح الاتحاد السابق وقام بتسمية "مندوبين" له تحت شعار "تطوير اللعبة" عن طريق انتخابات غير حرة ولا تمت للديموقراطية بصلة! فكانت النتيجة: "تصنيف لبنان العالمي (بحسب الاتحاد الدولي لكرة القدم) وصل قبل عام 2001 الى المركز 84، الان وصل ترتيبه الى المركز 159 أي تراجع 65 مرتبة، إضافة الى ان المدرجات كانت تمتلئ بالمتفرجين سابقاً، امّا اليوم فباتت شبه خالية، فضلاً عن ان الأندية "مفلسة".

من هنا، نأمل كما يأمل عشاق الرياضة في عدم إقحام السياسيين في الرياضة، لكي نتشبه بالدول المتطورة رياضياً، لعل وعسى يصبح لدينا في لبنان رياضة للرياضيين!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم