السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الأميركي الغاضب

هشام ملحم
هشام ملحم
Bookmark
الأميركي الغاضب
الأميركي الغاضب
A+ A-
اعمال العنف ضد المشرعين الاميركيين نادرة، وآخر وربما أهم مشرّع قتل خلال أكثر من قرن كان السناتور الديموقراطي روبرت كينيدي في 1968 ، الذي اغتاله الفلسطيني-الاميركي سرحان سرحان بسبب دعمه لاسرائيل. ( في العقود الاولى من حياة الجمهورية الاميركية كانت المبارزات بالمسدسات، السبب الرئيسي لمقتل عدد من المشرعين، الى ان توقفت هذه الممارسات في النصف الثاني من القرن التاسع عشر). اما آخر محاولة اغتيال في القرن الجديد فقد حدثت في 2011 عندما حاول شاب مضطرب نفسيا اغتيال عضو مجلس النواب الديموقراطية غابي غيفورد في ولاية اريزونا واصابها بجراح خطيرة في دماغها ارغمتها لاحقا على اعتزال الحياة السياسية، بعد ان قتل ستة اشخاص آخرين. عقب هذه المحاولة وجه معلقون ليبراليون اصبع اللوم على الخطاب السياسي المتعصب لشخصيات سياسية يمينية مثل سارة بيلين حاكمة ولاية الاسكا السابقة والمرشحة لمنصب نائب الرئيس في 2008. وعقب هجوم يوم الاربعاء، وجه سياسيون ومعلقون يمينيون اصبع اللوم الى اليسار والديموقراطيين، حيث ادعى رئيس مجلس النواب السابق نيوت غيتغريتش ان عنف ملعب البيسبول يعكس " ازدياد العداء اليساري" ضد الرئيس ترامب، بينما رأى المذيع راش لييمبو، المعروف بمواقفه المتطرفة ان العنف الاخير يمثل "الناخب الديموقراطي العادي".  شيطنة وعولمة الرئيس ليندون جونسون (صورة عن الانترنت)في السنوات والعقود القليلة الماضية ازدادت حدة وعدائية الخلافات والاجتهادات السياسية، وازداد معها ميل عدد متزايد من الاميركيين، بمن فيهم عدد ملحوظ من المشرعين الى شيطنة الخصم السياسي، واعتبار التسويات السياسية التي كانت جزءا محوريا من تقاليد الطبقة الحاكمة بحزبيها، اقرب الى الهرطقة السياسية منها الى الحلول المناسبة لمشاكل البلاد. وبعكس مشاعر العداء القديمة التي كانت تهمّش بسرعة، فان التغييرات الجذرية التي جلبتها العولمة ومنها التحولات الثورية في طبيعة وتأثير وسائل الاعلام، وهيمنة شبكة الانترنت وشيوع وسائل التواصل الاجتماعي وظاهرة المدونين، والسرعة في نقل الاخبار، والتفنن في فبركتها ونشرها الفوري قبل التحقق من صدقيتها وصحتها، كلها ساهمت في تعميق الاستقطابات ومضاعفة حجم الخلاف السياسي، بحيث اصبحت شيطنة الاخر تصل خلال لحظات الى آخر بقاع الارض. وتزامنت ظاهرة العولمة وثورة المعلوماتية، مع انهيار الاتحاد السوفياتي وغياب العدو الخارجي الكبير الذي كان هاجس الاميركيين منذ الحرب العالمية الثانية،والذي كان يمنع الخلافات الداخلية من زعزعة وحدة البلاد. وساهمت الهجرة الشرعية، والاهم من ذلك الهجرة غير الشرعية والتغييرات الديموغرافية والثقافية والدينية التي جلبتها معها، في خلق ردود فعل سلبية من قبل فئات اميركية، وخاصة في ولايات وسط وجنوب البلاد بأكثرية سكانها البيض، وهي ولايات محافظة تقليديا، بدأت تهجر الحزب الديموقراطي منذ منتصف ستينات القرن الماضي، بعد حركة الحقوق المدنية، وبعد توقيع الرئيس ليندون جونسون على قانونين اساسيين ضد التمييز العرقي وأكدا الحقوق المدنية للاميركيين من اصل افريقي. هذه التطورات ادت الى تغيير "الوجه الاميركي" الذي لم يعد بالضرورة ابيضا. ومن المتوقع خلال عقود قصيرة ان يصل عدد الاميركيين المتحدرين من اصول غير اوروبية الى خمسين بالمئة من عدد السكان.الازمة الاقتصادية التي ضربت البلاد في 2008، وما صاحبها من خطاب سياسي يميني وضع اللوم على فقدان بعض الوظائف على الهجرة غير الشرعية، وخطاب سياسي يساري ويميني وضع اللوم على الاقتصاد المعولم واتفاقيات التجارة الحرة التي بالغ منتقدوها في تحميلها مسؤولية رحيل ملايين الوظائف الاميركية الى البلدان النامية بسبب رخص عمالتها. خلال الانتخابات الرئاسية الاخيرة، التقى المرشح اليميني دونالد ترامب، والاشتراكي بيرنارد ساندرز على رفض اتفاقيات التجارة الدولية...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم