السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

النكسة في منظار القوميين العرب: لم تعد فلسطين القضية

سلوى أبو شقرا
النكسة في منظار القوميين العرب: لم تعد فلسطين القضية
النكسة في منظار القوميين العرب: لم تعد فلسطين القضية
A+ A-

في الخامس من حزيران ١٩٦٧ شنَّ سلاح الجو الإسرائيلي هجوماً على كل من مصر وسوريا والأردن ضارباً المرافق الجوية، ومؤدياً إلى مقتل عشرات الآلاف من المواطنين العرب، واحتلال "إسرائيل" لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان. 50 عاماً مرت على "النكسة" أو ما يعرف بحرب "الأيام الستة" وسط تداعيات سياسية خطرة تعيشها المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج، ومع سقوط بغداد ودمار سوريا، وتدهور الوضع الأمني في غالبية دول لغة "الضاد". كنا بنكسة وأمسينا بنكسات حيث نجح العرب في سياسة جلد الذات، فلسطين القضية باتت ذكرى، وتشعّبت المطالب والقضايا، فيما الهزائم مصيرنا والخسائر عنواننا.

الاستعاضة عن المشروع بالشعار

"كثر يصوِّرون نكسة 1967 بأنها بداية الانهيار، في الحقيقة، المعركة كانت خاسرة في صراعٍ صحيح كان يقوده الرجل العظيم جمال عبد الناصر"، وفق "رئيس حركة الشعب" نجاح واكيم في حديثه لـ"النهار".

يلفت واكيم إلى أنَّ "معارك عدَّة خاضتها الأمة العربية، انكسرت مرات انتصرت مرات أخرى، ولكن ما من شك في أنَّ النكسة شكَّلت صدمة، على إثرها بدأ الإعداد لبناء الجيش العربي الذي عاد وحقق الانتصار العسكري ولكن بقيادة سياسية مختلفة مع الرئيس الراحل أنور السادات. أما التداعيات المأسوية التي تعيشها حالياً الأمة العربية فتكمن في وفاة الزعيم جمال عبدالناصر وغياب المشروع التحرري العربي لا نتيجة الخسارة، والدليل كمن في قمة اللاءات الثلاثة في الخرطوم عام 1967 (لا صلح، ولا اعتراف، ولا تفاوض) والتي هدفت إلى عدم التسليم بنتائج سياسية للهزيمة والإعداد للثأر والانتقام. المفارقة أنه في عهد عبد الناصر انتصارات عدَّة تحققت وعلى صعد مختلفة لا تعدُّ ولا تحصى، من بينها التحرّر الوطني، وتحرير معظم البلاد العربية من الاستعمار بعد حرب عام 1956 والتأميمات، ولكن بعد غيابه لم نحقق أي نصر، حتى ذاك العسكري في حرب عام 1973 تحول إلى هزيمة سياسية نتيجة للأنظمة العربية وأولها نظام السادات الذي حول كل شيىء إلى هزائم بدءاً من القضية الفلسطينية مروراً بلبنان والعراق وسوريا. وبغياب عبد الناصر عجزت القوى الوطنية عن صياغة مشروع والسبب هو أزمة القوى التقدمية العربية التي استعاضة عن المشروع بالشعار".


(الصورة من الانترنت)


النكسة أصبحت واقعاً عربياً

"النكسة شكلت هزيمة حقيقيّة للأنظمة العربية وجيوشها وقد ترك ذلك أثراً كبيراً على الشارع مشكلاً صدمة لا توصف حيث شعر الجميع بالخيبة والمرارة، مما أفسح في المجال لانطلاق العمل الفدائي الفلسطيني الذي كان يحظى بتأييد الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج"، بهذه العبارات يسطر النائب السابق بشارة مرهج في حديث لـ"النهار" هذه الذكرى.

"كان هناك نفاق ومبالغة من الأنظمة العربية"، وفق مرهج، "إذ لم تكن تصارح جمهورها بحقيقة الأوضاع. عام 1967 تصاعدت المواقف وتُركت إسرائيل لتقوم بالضربة الأولى حيث أصبحت المبادرة بيدها واستفادت من الأوضاع القائمة، وامتلكت معرفة واطلاعاً من جراء التنسيق مع الأجهزة الدولية فقضت على الجيوش العربية المحيطة بفلسطين، وأدى ذلك إلى حال انكشاف عامة، فبدأت الجماهير العربية تنظر خارج أنظمتها وراحت تبحث عن بديلٍ فكان العمل الفلسطيني المسلح والتمرد على الأنظمة".


(الصورة من الانترنت)

يؤكد مرهج أنَّ "النكسة لم تكن أمراً عابراً بل مُعبّراً عن الواقع العربي حيث وقع الطلاق بين القمة والقاعدة، في البدء لم تكن القيادات تثق بجماهيرها، وبعد النكسة أصبحت الجماهير لا تثق بقياداتها حتى انزلقنا إلى الهاوية الطائفية. وعندما شعرت الأنظمة العربية بثقل القضية الفلسطينية أزاحتها عن كاهلها وحمَّلت المسؤولية بشكل كامل لمنظمة التحرير ولم تعد القضية مركزية بل لفظية. وبعد "كامب ديفيد" تدهورت الأمور وتفاقمت مع اتفاق "أوسلو" ومعاهدة "وادي عربة"، وحتى بعد حرب العام 1973 استطاع الكيان الصهيوني التملّص من كل القرارات الدولية والمناورة في المفاوضات وجعلها كناية عن مفاوضات شكلية أكثر منها في العمق، ما أدخل العرب في دوامة وارغم على انتظار المجتمع الدولي لمساعدته في القضية الفلسطينية في المرة الأولى، من ثمَّ دخولهم في مرحلة من التدهور والخيبة لا زالت آثارها بارزة في مختلف الأوساط والمؤسسات، فتآكلت الجامعة العربية وغاب القرار العربي الموحد وأصبحت المؤسسة العربية مؤسسات كلٌ منها يبحث عن خلاصه عبر إقامة علاقات تبعية مع الأقطاب الدولية، فلم تعد فلسطين هي القضية بل أصبحت جملة من القضايا".


في قصيدته بعنوان "هوامش على دفتر النكسة" كتب الشاعر نزار قباني "إذا خسرنا الحرب لا غرابه، لأننا ندخُلها بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهب الخطابه بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابه، لأننا ندخلها بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ، السرُّ في مأساتنا صراخنا أضخمُ من أصواتنا وسيفُنا أطولُ من قاماتنا. نريدُ جيلاً غاضباً، نريدُ جيلاً يفلحُ الآفاقْ وينكشُ التاريخَ من جذورهِ، وينكشُ الفكرَ من الأعماقْ نريدُ جيلاً قادماً، مختلفَ الملامحْ لا يغفرُ الأخطاءَ لا يسامحْ لا ينحني لا يعرفُ النفاقْ نريدُ جيلاً رائداً عملاقْ". جيلٌ طمح إليه قباني، ولكنَّ هذا الجيل بات ضحية الحروب والتشرد واللجوء، وغدت أكبر قضاياه البقاء على قيد الحياة في دول ملغومة بالاحتلال والتكفير والأنظمة القمعية.

[email protected]

Twitter: @Salwabouchacra



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم