الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

تدخين في السرايا ونرجيلة في الاستوديو .... هكذا يطبق الوزراء قانون منع التدخين

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
تدخين في السرايا ونرجيلة في الاستوديو .... هكذا يطبق الوزراء قانون منع التدخين
تدخين في السرايا ونرجيلة في الاستوديو .... هكذا يطبق الوزراء قانون منع التدخين
A+ A-

أكثر من 5 سنوات مرّت على إصدار قانون 174 المتعلق بحظر منع التدخين في الأماكن العامة. انتهت الحملة في 3 أشهر، ومعها اختفى 8000 محضر دون تحصيلها. أسباب كثيرة منعت استكمال تطبيق القانون، تناست السلطة السياسية المتعاقبة ما بدأته الحكومة السابقة في العام 2012، كما تناسى اللبنانيون الغرامات التي هددت جيوبهم لبضعة أشهر، وحدها نسبة الوفيات التي بلغت 7 ملايين حالة سنوياً تُشكّل صفعة موجعة على كل الأصعدة. وبرغم محاولات المجتمع المدني الحثيثة في هذا الموضوع، إلا ان جميعها سقطت في "الانتهاكات السياسية" قبل الاجتماعية في بلد يهوى الخروق.

لم يكن قانون رقم 174 ليصمد طويلاً سياسياً في المرحلة الاولية، واجتماعياً في المرحلة الثانية، كان لا بدّ أن يتعثر في مكان ما، وكانت اولى هذه العثرات في السرايا ومجلس الوزراء، الشاهد الحيّ على انتهاك الوزراء بأنفسهم لقانون منع التدخين في الأماكن الحكومية والعامة. يبدو ان هزيمة التبغ ليست بهذه السهولة، فانت لا تحارب هذه السيجارة وما تُمثله بل انت تحارب ممارسات خاطئة وتصاريح أخطر لبعض الوزراء الذين من المفترض ان يطبقوا القانون ويسهروا عليه وليس خرقه و"على عينك يا تاجر".

في اليوم العالمي للامتناع عن التبغ، أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريراً هو الاول من نوعه بعنوان: "التبغ وأثره البيئي" تسلط فيه الضوء على كيفية تهديد التبغ للتنمية في الدول والإجراءات اللازمة لمكافحته. وبالاستناد الى منظمة الصحة العالمية يُسبِّب تعاطي التبغ وفاة ما يزيد على 7 ملايين شخص سنوياً، ويكلف الأُسر والحكومات أكثر من 1.4 تريليون دولار من خلال الإنفاق على الرعاية الصحية وفَقْد الإنتاجية. ويشير التقرير الى ان نفايات التبغ تحتوي على أكثر من 7000 مادة كيميائية سُمِّيّة تؤدي إلى تَسمُم البيئة، منها المواد التي تصيب الإنسان بالسرطان.

كذلك يهدد التبغ الناس كافة كما التنمية الوطنية والإقليمية بأشكال مختلفة، لا سيما في مسألة الفقر والتعليم والصحة. إذ يعيش نحو 860 مليوناً من المدخنين البالغين في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وبالتالي التأثير على امكان التعليم والرعاية الصحية. بالإضافة الى إسهام التبغ بنسبة 16% من الوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية.

تقرير منظمة الصحة العالمية يُقابله حقائق ومواقف صادمة كشفت عنها نائبة رئيسة جمعية "حياة حرّة بلا تدخين" رانيا بارود في حديث لها لـ "النهار" بالقول:" أكثر من 8000 محضر لم يحصلها نظام تحصيل الغرامات المالية، ولا محضر واحد تمّ دفعه خلال 3 أشهر من تطبيق القانون 174. فالوزراء فادي عبود ومروان شربل ونقولا نحاس الذين طبقوا القانون خلال عملهم في الوزارة لم تنجح الحكومات المتعاقبة بعدها في إستكماله او متابعته. بل على العكس ارتأى بعض الوزراء في ممارسة الإنتهاكات الفاضحة علناً ليصبح حظر التدخين في الأماكن العامة والحكومية مجرد قانون مجمد.

تعدد بارود أمثلة عدة لوزراء إنتهكوا القانون على مرأى الجميع، وأولهم وزير السياحة افيديس كيدانيان الذي خالف القانون علناً من خلال تدخينه النرجيلة داخل الأستوديو. هذا الوزير الذي من المفترض ان يطبق القانون كان اول المخالفين له ويجب تسطير محضر بحقه. وتستطرد قائلة "ولعلم الوزير فإن النرجيلة هي اهم منتج تركي (وهو المعارض للأتراك) وكان الهدف منها إلهاء الشعب كي لا يثور على واقعه. أما وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون أعلن بالفم الملآن عدم تطبيقه للقانون، ولو كنا في دولة محترمة لوضع في السجن. في حين يدخن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق داخل مجلس الوزراء".

نسبة تطبيق القانون وصلت الى 90% خلال الأشهر الثلاثة ما دفع بمنظمة الصحة العالمية الى التنويه بهذا الإنجاز التاريخي. وتأمل بارود " تفعيل تطبيق القانون من خلال وزير الصحة غسان حاصباني الذي أبدى اهتماماً كبيراً في متابعة الموضوع، وكان اول وزير صحة يتجاوب معنا. كما نعوّل على رئيس الجمهورية ميشال عون الذي كان من الداعمين الأساسيين لهذا القانون وكان قد وقع على عريضتين لتمرير القانون في المجلس".

وتشير رئيسة جمعية "حياة حرّة بلا تدخين" الى ان الحملة وحدها لا تكفي، لذلك نأمل في اتخاذ تدابير حازمة في تطبيق القانون. كنا في صدد اطلاق حملة في هذا اليوم العالمي للإمتناع عن التبغ إلا ان ظروفاً قاهرة وحزينة حتمت علينا تأجيلها بعد وفاة المؤسسة والرئيسة الفخرية للجمعية ميرفا كيروز التي كرّست حياتها لتوعية الأطفال على آفة التدخين. كيروز الذي انتقلت الى العيش في لبنان بعد وفاة زوجها بسرطان الرئة في سويسرا، نذرت حياتها في العام 2000 الى حماية الأطفال وتوعيتهم على مخاطر التدخين حيث عملت مع أكثر من مئة ألف طفل في هذا الشأن".

ورأى وزير الصحة غسان حاصباني في حديث لـ "النهار" أن "التدخين من المسببات الاولية للوفاة لا سيما امراض السرطان، وأكثره كلفة على القطاع الصحي. لذلك كان الهدف من إقتراح رفع الضريبة على علبة الدخان، التخفيف من نسبة المدخنين من جهة وتخفيف كلفة الطبابة (لما تدخله من اموال على الخزينة) على الاشخاص الذين يعانون الأمراض الناتجة من التدخين من جهة اخرى. إلا ان هذا الإقتراح قوبل بالمعارضة من بعض الوزراء خوفاً من تشجيع التهريب".

ويشدد حاصباني على ان "الخوف من التهريب لا علاقة له بضبط أسعار السلعة، وانما بضبط التهريب من خلال الإدارات المختصة. ان القوانين مفعّلة بشكل واسع، لكن التحدي الأكبر يكمن في تطبيق المطاعم للقانون. وهنا على الجهات المعنية (وزارتيّ الداخلية والسياحة) ان تتحمل مسؤوليتها في هذا الموضوع، فوزارة الصحة وحدها لن توقف التدخين وانما على كافة الوزارات العمل أيضاً في تطبيق قانون حظر التدخين في الأماكن العامة".

يحرص حاصباني على "تطبيق القانون والتحضير جدياً لإتخاذ خطوات صارمة ضمن نطاق عمله ونتمنى على المطاعم الإلتزام بالقانون وتطبيقه، كما طلب من وزارة الداخلية والبلديات متابعة الموضوع حتى نصل الى النتيجة المرجوة وبالتالي الحدّ من نسبة الوفيات التي أصبحت مخيفة الى حدّ كبير".

آمال كثيرة معلقة على الوزير حاصباني الذي طالب سابقاً في رفع الضريبة على الدخان لكنه جوبه بالمعارضة الشديدة من بعض النواب والوزراء. فهل ينجح الوزير في إعادة النظر في آلية تطبيق القانون والعمل به جدياً؟







حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم