الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

مطلوب تطبيق اللامركزية الإدارية والمالية - يشوعي: المعالجة عبر حكومة أمنيين واقتصاديين

هيثم العجم
A+ A-

يشهد النمو الاقتصادي في لبنان تراجعا للمرة الأولى منذ 25 عاما حيال انتاجه السنوي للسلع والخدمات (تراجع الكميات المنتجة والمعروضة في الاقتصاد الوطني في نهاية 2013)، فيما يشهد النمو الحقيقي نموا سلبيا لافتا. علما ان النمو الاسمي يُحتسب بالاسعار الجارية، في حين يُحتسب النمو الحقيقي بالأسعار الثابتة التي تعبّر عن الكمية. فما هي الاسباب الجوهرية لهذا التراجع واين تكمن الحلول، وما هي الاقتراحات الناجعة في سبيل خروج هذه الازمة من دوامة التداعيات السياسية والارتدادات الامنية واثرها السلبي في اكثر من قطاع؟


يعود هذا التراجع في النمو الى اخطاء في السياسات النقدية والمالية والاجتماعية التي تراكمت بعد اتفاق الطائف، في حين غطى الشق الخارجي للاقتصاد عبر التجارة مع سوريا، وتحويلات اللبنانيين من الخارج، اخطاء الداخل التي تمثلت بالفائض في ميزان المدفوعات الذي بدأ يشكو عجوزات سنوية تتخطى الملياري دولار.
في هذا السياق، يلفت الخبير المالي والاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي "النهار" الى ان الحركة الصامتة للرساميل مع لبنان "تراجعت من 12 مليار دولار في 2009 الى مليارين وفق ما هو متوقع لها في نهاية 2013، فضلا عن عجز تجاري متنام يفوق الـ15 مليارا، اذ سيستمر في التسبب بعجز ميزان المدفوعات الذي سيؤثر في الدخل الاسري والاستقرار النقدي".
ولأن الاقتصاد يقوم اساسا على الاستهلاك والاستيراد اكثر بكثير من الاستثمار والتصدير، اللذين يعتبران المكونين الرئيسيين لأي نمو اقتصادي حقيقي، يعزو يشوعي اسباب تراجع النمو الى "تراجع الشق الخارجي للاقتصاد (التحويلات، الصادرات)، والاخطاء الداخلية، وعدم تحويل النمو تنمية وانماء"، مشيرا الى "ان النمو الاقتصادي كان مرتفعا قبل 2010، اي قبل حوادث المنطقة (سوريا، مصر والعراق) وتأثيراتها المباشرة في لبنان، فضلا عن الفصول المستجدة اخيرا التي "وترت" العلاقات مع تركيا، كأن لبنان صار اقتصاديا "اسرائيل ثانية معزولة"، اضافة الى تراجع الحركة السياحية الى اكثر من 25% سنويا".


3 حلول ناجعة
ما هي الحلول المقترحة للخروج من نفق الازمة الاقتصادية التي تتوالى فصولا من جراء الحوادث الاقليمية وانعكاساتها في اكثر من منطقة؟ يرى يشوعي ان لبنان اقحم نفسه في صراعات المنطقة، مما ادى الى ارتدادات امنية، مما يؤثر في توقعات المستثمر، المصدّر والمستهلك، فضلا عن النشاط الاقتصادي وعجز الموازنة (في ظل انعدام الواردات الضريبية الناجعة). لذا، ثمة 3 حلول اساسية ينبغي المضي بها للخروج من ازمة تراجع النمو "اولها، المطالبة بحكومة تضم امنيين واقتصاديين (بدل مطالبتنا السابقة بحكومة تضم سياسيين واقتصاديين)، وليرتاح السياسيون قليلا".
يضيف: "ثانيها، لا خروج من هذه الازمة الاقتصادية والمالية الخانقة، المرشحة لأن تزيد حدة وان ترتفع تأثيراتها السلبية على لبنان وشعبه، الا بتطبيق عاجل للامركزية الادارية والمالية المدروسة في لبنان، وانجاز انظمتها التطبيقية بسرعة فائقة، على ان تهتم مجالس الاقضية بجغرافيات جديدة وادارة القضاء وجباية كل انواع الضرائب (شخصية، املاك مبنية، ارباح الشركات، الاستهلاك، القيمة المضافة وغيرها)، وان تحول جزءا منها الى الخزينة المركزية كي تمول الاخيرة الاعمال المشتركة (امن، دفاع، نقد، تربية، سياسة خارجية، صحة عامة وغيرها). اما الجزء المتبقي فينفقه مجلس القضاء على المشاريع التنموية التي تحسّن شروط حياة الناس، فتنجح في تحويل النمو الكمي على صعيد الوطن الى تنمية اجتماعية داخل القضاء، وانماء كامل جغرافيا القضاء، اي ان تتوافر على كامل مساحة القضاء والوطن كل البنى التحتية اللازمة من خدمات اساسية بغية تحفيز الانتاج وتحسين نمو حياة الناس، وان تنتخب مجالس الاقضية من القيمين داخل القضاء، وهذه افضل طريقة لمحاربة اهدار المال العام، والتعجيل في تأليف الحكومات المركزية التي تبعد عنها النزاعات الخفية حول الانتفاعات الكبيرة من تمويل الخدمات العامة وادارتها".
أما الحل الثالث، وفق يشوعي، فيكمن "عبر تطبيق اللامركزية الادارية والمالية التي ستحل تلقائيا مشكلات الخدمات العامة التي نعانيها في لبنان، كالكهرباء، المياه، النقل، البيئة، البنى التحتية الصحية، تكرير النفط وغيرها. ويمكن مجالس الاقضية اما ان تستعين بالقطاع الخاص داخل القضاء او خارجه بغية انتاج هذه الخدمات وتحديثها وعصرنتها، على ان تبقى ملكيتها للدولة، واما ان يتفق مجلس القضاء مع اقضية اخرى بغية تطبيق مشروع اوسع وتحقيق امكانات مالية اوسع. علما انه يبقى للحكومة المركزية ان ترسم السياسات العامة (الطاقة، الصحة، المياه، النقل)، وتلزم كل مجالس الاقضية سياساتها، ولا سيما عندما توقع مع القطاع الخاص عقود الاستثمار والادارة في شتى مجالات الخدمات العامة، يمكن عندئذ ان تحل مشكلات كثيرة، منها التوتر العالي جدا في لبنان الذي يُستعمل لنقل الكهرباء لمسافات طويلة. عندها يكلف مجلس القضاء شركة خاصة لانتاج الطاقة في القضاء عبر توتر متوسط، فلا يكون عندنا مسافات طويلة لنقل الكهرباء، فنوفر على الناس والبيئة هذه الاعمدة التي تنطح السحاب في ظل توتر يفوق الـ250 الف فولط في احيان كثيرة، التي تؤثر حتما في الصحة العامة".


قابلة للتطبيق؟
هل تعتبر هذه الحلول قابلة للتطبيق؟ يؤكد يشوعي "ان هذه الحلول قابلة للتطبيق بسبب الاموال المتوافرة، والمعطلة في الوقت عينه في صناديق مصرف لبنان التي يمثل فائضها على الاحتياط الالزامي ما لا يقل عن 30 مليار دولار والتي يبلغ مجموع ودائعها في المركزي نحو 55 مليارا، اذ بدل ان تشكل هذه الرساميل "مالا نائما" لا جدوى منه في صناديق المركزي، فإنه يمكن ان نستخدمها في تنفيذ مشاريع خصخصة مدروسة، كما اسلفت، من دون المس بملكيتها للدولة، فنخلق فرص عمل ونحد من الهجرة الاقتصادية للشباب الذين تضيق أمامهم فرص العمل خارج لبنان، ونعزز النمو الداخلي، ونحقق التنمية الاجتماعية والبشرية، والانماء المتوازن، رغم الحوادث العاصفة التي تضرب المنطقة فتشل اللبنانيين ما لا يقل عن 10 سنوات، فضلا عن المعوقات الخارجية، في ظل حكومة امنية – اقتصادية من الواجب تأليفها".
واخيرا، ينبغي وقف تعقيم الرساميل المودعة في البنك المركزي وتشغيلها في الاقتصاد بغية تحقيق نمو افضل، وتنمية اشمل وانماء اوسع، فضلا عن محاربة الفقر، الهجرة والامية التي تؤسس للآفات الاجتماعية الخطرة. الشعب ينتظر تأليف الحكومة لتدير شؤونه الحياتية الملحة. لكن متى؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم