الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

كانّ 70 - "العشيق المزدوج" لأوزون: مارينا هيتشكوكية حتى رموشها!

المصدر: "النهار"
كانّ 70 - "العشيق المزدوج" لأوزون: مارينا هيتشكوكية حتى رموشها!
كانّ 70 - "العشيق المزدوج" لأوزون: مارينا هيتشكوكية حتى رموشها!
A+ A-

فرنسوا أوزون ونحن، كبرنا معاً. شهدنا على تحولاته، نزواته، عطشه المتواصل للتصوير فيلماً بعد فيلم. كبر أمامنا بالعمر والأهمية. كثر منّا يذكرون بداياته، ويستطيعون أن يعدّدوا على الأقل نصف أعماله. 17 فيلماً في 20 سنة، طال خلالها أنواعاً سينمائية عدة. ديناميكية يُحسد عليها، وهو لم يبلغ بعد الخمسين من عمره.  


أوزون، الذي يعني اسمه بالفرنسية (صوتياً) “نتجرأ”، يُخرج أفلاماً غير متوقعة، مليئة بالحياة والوجوه المعبّرة والشغف والسينيكية. ثمة دائماً ما يمكن أن نحبّه في كلّ جديد له. التمثيل أو الإخراج أو البنية السردية أو ببساطة النحو الجذّاب الذي يحملنا بواسطته إلى حقب وأماكن مختلفة. 


هذه السنة، يُشارك في #مهرجان_كانّ السبعين (١٧-٢٨ الجاري) بـ”العشيق المزدوج” (ثالث مشاركة له في المسابقة الرسمية) بعدما كان في أيلول الفائت يعرض “فرانتز” في البندقية، واحد من أبرع أعماله. تردّد في ردهات المهرجان أنّ الفيلم ينطوي على مَشاهد جنس فاضحة، من تلك التي يحبّها كانّ ويعتمد عليها لإثارة النعرات وجذب الأضواء. بعد المعاينة، يُمكن القول إنّه ما من شيء يتجاوز الحدّ. تبقى معالجة أوزون هنا أقل “استفزازاً للأخلاق الحميدة” من “شابة وجميلة” الذي جاء به إلى هنا في العام 2013. 

في “العشيق المزدوج”، وهو فيلم “جانر”، يستعين أوزون بمارينا فاكت، “الشابة والجميلة” في فيلمه السابق. لكنها “نضجت” أكثر واكتملت أنوثتها وصارت امرأة في منتصف العشرينات تهزّ العروش بجمالها الأندروجيني. لم تعد تلك اللوليتّا التي كانت تؤجر جسدها لرجال أعمال في غرف الفنادق الفخمة. الفيلم ينطلق من الشخصية التي تجسّدها. إنها كلويه التي تعاني ألماً في المعدة. فتزور طبيبة، تنصحها بزيارة معالج نفسي (جيريمي رينييه)، ما تفعله بلا تردد. في عيادته، تروي كلّ شيء، مجريات حياتها المتأزمة، ليتبين لنا أنّها “حالة صعبة”. مع ذلك، كلويه شابة ساحرة، يتمنى المرء أن يمسك يدها ثانية واحدة. تفاصيل وجهها لا تشي بأي سرّ، يصعب اختراقها، مغلقة حتى إشعار آخر. أوزون يعرف من أين يأتي بممثليه. لا يمزح مع الشكل الخارجي. المظهر بأهمية المغزى. سينماه وحدة متكاملة. مارينا فاكت ستكون اللوحة البيضاء التي سيرسم عليها أوزون كلّ أفكاره وأهوائه وانحرافاته. إنّها هيتشكوكية حتى رموشها. طبعاً، لن تطول الحكاية قبل أن يقع المعالج النفسي في عشقها. ثم، فجأة، وهي تعود من وظيفتها إلى المنزل، تكتشف كلويه أنّ لهذا الرجل الذي انتقلت للعيش معه، شقيقاً توأماً يمارس المهنة نفسها. اكتشاف سيغيّر كلّ شيء!

كيف نروي هذا الفيلم من دون أن نحرق بعض الأحداث؟ الأفضل الاكتفاء بالحد الأدنى، والقول إنّه حكاية متداخلة ومتشعّبة تحملنا إلى ذروة المشهدية خطوة خطوة. الإحالات واضحة على ألفرد هيتشكوك… وبراين دو بالما، الابن الروحي للأخير. تلاعب بالأحاسيس، تلصّص، ازدواجية، سادية، هذه كلّه مفردات من عالم المعلّمين الذي يتجسَّد هنا خير تجسيد. لا يتوقّف الفيلم عند هذا الحدّ: حتى شكلياً، الفيلم يفيض بالغمزات: كادر يذكّر بـ”النافذة الخلفية”، سلالم حلزونية تخرج مباشرة من مخيلة هيتش. أما في تعامله مع التوأم والجسد، فيظهر أيضاً حسّاً كروننبرغياً. تضاف إلى ما سبق، حرفة المخرج الممتازة التي تضبط هنا إيقاع الفيلم ضبطاً جهنمياً، نعيش بواسطته خضّات عاطفية وهزّات نفسية ومفاجأت تقضّ المضاجع. اقتبس أوزون رواية “حيوات التوائم” لجويس كارول واتس، محوّلاً رواية فيها تفاصيل علمية إلى نصّ نفسي مملوء بالبارانويا والقلق والوسواس، حيث الشخصيات ترى نفسها في المرآة وتتفاجأ.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم