الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

اي حدود لوزير خارجية وهل يحق له التمايز في القمم العربية؟

المصدر: النهار
منال شعيا
منال شعيا
اي حدود لوزير خارجية وهل يحق له التمايز في القمم العربية؟
اي حدود لوزير خارجية وهل يحق له التمايز في القمم العربية؟
A+ A-

ربما هي ليست المرة الاولى التي ينفرد فيها وزير عن مجلس الوزراء مجتمعا. وربما هي ليست المرة الوحيدة التي يفاجىء وزير الرأي العام بموقف صادم، قد لا يعبر عن سياسة الحكومة او توجهها العام. وبالتأكيد هي ليست المرة الاولى التي يأخذ موقف وزير الخارجية جبران باسيل جدلا او نوعا من الاشكالية.

شارك باسيل في القمة العربية- الاسلامسة- الاميركية التي عقدت في الرياض اخيرا، وعلق في نهايتها على انه غير معني بالبيان الذي صدر عن القمة، وان التوجه السياسي العام للبنان رسم في خطاب القسم، وهذا ما نتبناه.

قال باسيل كلمته. تلته سلسلة ردود، من مختلف الجهات، وليس اقلّها ما قيل ان ان وجود باسيل في القمة من عدمه امر سيّان.

موقف رسمي مجتمعا

ولكن بعيدا من السياسة، هل يمكن او يحق لوزير خارجية ان يتمايز تجاه موقف ما من قمة اسلامية او عربية او حتى دولية، لا سيما ان رئيس الحكومة سعد الحريري كان مشاركا بذاته في القمة نفسها؟

وبمعزل عن الاشكالية التي طرحت من مشاركة الحريري وليس رئيس الجمهورية ميشال عون، وبمعزل عن الصورة التي يظهر بها لبنان الرسمي في القمم العربية، فأي حدود يمكن ان ترسم للوزير، وفق لغة الدستور؟

يشرح الاستاذ في القانون الدستوري عصام اسماعيل الاتي: "الوزير وإن كان هو رأس وزارته ،إلا أن الدستور والأنظمة اللبنانية لم تمنحه حرية التصرف كما يريد، ذلك أن مبدأ التضامن الوزاري المنصوص عنه في المادة 28 من مرسوم تنظيم أعمال مجلس الوزارء معطوفاً على المادة 66 من الدستور التي تتحدث عن تحمل الوزراء مجتمعا تجاه مجلس النواب، تبعة سياسة الحكومة العامة، هي للدلالة على ارتباط الوزير بقاعدة عمل جماعية وليست فردية".

اما في يتعلق بوزارة الخارجية والمغتربين ، فان المادة الأولى من قانون الوزارة تنص على مهمة الوزارة اعداد سياسة لبنان الخارجية وتنسيقها وتنفيذها، ولأهمية العلاقات الخارجية ،فإن التقرير بشأنها هو لمجلس الوزراء.

يقول اسماعيل لـ"النهار": "في إطار العلاقات الخارجية تحديداً، فإن وزير الخارجية كأي وزير آخر مقّيد بالبيان الوزاري ولا يستطيع أن يدلي بموقفٍ مغاير لهذا البيان، وهذه قاعدة من مسلّمات العلم الدستوري".

ويرى ان "هذا الالتزام هو حاسم لا يستطيع الوزير الخروج عنه أو مخالفته وإلا أمكن لمجلس النواب مساءلته شخصياً أو مساءلة الحكومة جماعياً عن موقف الوزير". 

من الواضح ان باسيل لم يخرج عن البيان الوزراي الذي اتى "نسخة منقحة" عن خطاب القسم، ولاعتبارات عديدة، ليس اقلّها "عدم تحد احد او اخراجه".

من هنا، قد يكون باسيل التزم مبدأ السياسة العامة للحكومة، لانه عندما يرسم مجلس الوزراء الخطوط العريضة للسياسة الخارجية، فإن وزير الخارجية لا يملك صلاحية إطلاق مواقف مغايرة لهذه السياسة أو متعارضة معها، وإن فعل "يكون مخلاً بواجباته الدستورية والوظيفية"، وفق اسماعيل.

وبالتالي، فان حرية وزير الخارجية في إطلاق المواقف ،مقيّدة بالضوابط الثلاثة، وهي البيان الوزاري، السياسة العامة الخارجية التي رسمها مجلس الوزراء، توجيهات رئيس الحكومة.

سوابق واحراج

ولكن هل موقف لبنان من بيان القمة، يعبرّ عنه وزير الخارجية ام رئيس الحكومة، بمعنى هل يحق لوزير الخارجية ان يقول ان لبنان غير معني بموقف صدر عن قمة عربية او اسلامية، ام ان ذلك يعود الى رئيس الحكومة، لاسيما ان الاخير كان مشاركا؟

يجيب اسماعيل: "يفترض عندما يكون هناك اجتماع قمة ويكون رئيس الوفد هو رئيس الحكومة، أن يعلن الموقف الرسمي رئيس الحكومة نفسه. أما إذا أعلن وزير الخارجية موقف مغاير فهو يكون قد أحرج رئيس الحكومة اي رئيس الوفد".

يعود اسماعيل الى سوابق في هذا الاطار، اذ كان عددا كبيرا من وزراء الخارجية يعلنون مواقف مغايرة لموقف رئيس الحكومة، ومنهم الوزيران علي الشامي وعدنان منصور، وذلك بسبب التباين في الانتماء إلى 8 اذار او 14 اذار.

لا بل، ففي القمة العربية الشهيرة في السودان في العام 2006، اخذ التباين بعدا اكثر حدة، حين خالف رئيس الحكومة فؤاد السنيورة رئيس الجمهورية اميل لحود، و"تحدّاه" بكلمة مغايرة ومناقضة لكلمته.

كل هذه الامور غير جائزة في دولة القانون، وفي لغة القانون الدستوري.

انما في لبنان، باتت الاستباحة عنوانا عريضا، لا بل نهجا. يتحدث وزير خارجية ويصمت رئيس حكومة، ولا من يبالي لصورة لبنان الرسمي.


[email protected]

Twitter:@MChaaya


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم