"ليأتِ ملكوتُكَ"

الطلبة الثانية من الصلاة الربّيّة تتعلّق بما يجب أن يشكّل الأولويّة في اهتمامات الإنسان. وهي تعود بنا إلى ما قاله يسوع في العظة على الجبل: "لا تهتمّوا قائلين: ماذا نأكل؟ أو: ماذا نشرب؟ أو: ماذا نلبس؟ فإنّ هذا كلّه يطلبه الوثنيّون بدأب؛ وإنّ أباكم السماويّ يعلم أنّكم تحتاجون إلى هذا كلّه. فاطلبوا أوّلاً ملكوتَ الله وبرّه، وهذا كلّه يُزاد لكم" (متى 31:5-33). إنّ عبارة "ملكوتَ الله" تعني الله نفسَه. لقد جاء يسوع ليعرّفنا عن الله، ويوضح لنا كيف يجب أن تكون علاقة الإنسان بالله. فإله الوثنيّين هو ما يؤمّن لهم الأمور الماديّة. لذلك يطلبون منه ما يأكلون وما يشربون وما يلبسون. أمّا الإله الذي بشّر به يسوع فهو الذي يوصل الإنسان إلى كمال شخصيّته الإنسانيّة. فعندما نأتي للصلاة، ما نطلبه ليس الأمور الماديّة التي نرجو أن يمنحنا إيّاها الله، بل نأتي لنطلب الله نفسَه، أي لنتّحد به ويملك هو على فكرنا وعلى إرادتنا وعلى كلّ اهتماماتنا. فالله محبة والله سلام والله عدل والله رحمة، كما يقول بولس الرسول: "إنّ ملكوت الله ليس أكلاً ولا شربًا، بل هو برّ وسلامٌ وفرحٌ في الروح القدس" (روما 17:14). فعندما نطلب أن يأتي ملكوتُ الله،...