افتتاح مهرجان كانّ: 70 دورة من الإبهار!
شكّل "أشباح إسمايل" لآرنو دبلشان، خيبة عند العديد من الذين شاهدوه صباح اليوم ضمن عرضه الصحافي. جديد المخرج الفرنسي القدير الذي يفتتح الدورة السبعين من #مهرجان_كانّ (١٧ - ٢٨ الجاري) بدا مخربطاً، ينطوي على الكثير من الحوادث المتداخلة التي تفضي إلى نهاية باهتة. من خلال نصّ مشتت، وتقلبات غير منطقية، واختزالات زمنية حادة، قدّم دبلشان عملاً يفتقد الترابط، ويمكن وصفه بالمفتعل بعض الشيء، بعيداً من معظم ما سبق أن قدّمه صاحب "قصّة ميلادية"، الذي يقول إنّ كلّ جديد له يأتي ضد ما سبق أن قدمه.
الفيلم من تمثيل ماتيو أمالريك، الذي سبق أن انخرط غير مرة في أفلام دبلشان، وهو يعتبر كنوع من أناه الآخر للمخرج. أما الشخصياتان النسائيتان فهما ماريون كوتيار وشارلوت غاينسبور. ينضم إلى هؤلاء الثلاثة كلّ من لوي غاريل وهيبوليت جيراردو وألبا رورفاكر. الفيلم يخرج في الصالات الفرنسية بالتزامن مع عرضه في كانّ، التظاهرة التي من المتوقع أن يقصدها الآلاف، خصوصاً أننا في صدد الاحتفاء بدورتها السبعين.
دبلشان يعتبر "أشباح اسمايل" بورتريهاً لايفان، وهو ديبلوماسي يعبر العالم من دون أن يفهم منه شيئاً، وهو في الحين عينه بورتريهاً لاسمايل، المخرج الذي ينكب على حياته من دون أن يفقه هو الآخر أي شيء ممّا يحلّ به. ثم هناك عودة امرأة من بين الأموات. هذا كله يعالجه دبلشان حيناً كدراما رومنطيقية، وحيناً كفيلم غارق في فرنسيته التي تجعل من مثلث غرامي مركز الكون، وفي أحايين أخرى كفيلم تجسّس، وهذا الجزء الأخير هو الأضعف وينسف احتمالات الفيلم كلها. صحيح أنّ أمالريك يضفي بأدائه الجنوني بُعداً وجودياً على النصّ، كما فعل دائماً، إلا أنّ الأمر ليس كافياً هنا. فالفيلم يحتاج إلى أكثر من ذلك ليتم إنقاذه من طموحات دبلشان الذي يغوص في العلاقات الإنسانية والعاطفية المتشابكة.
المونتاج ممتاز يحمل تعبيراً خاصاً به، ما يجعل الفيلم برمته يبدو كأنه كابوس يعيشه المرء بعينيه المتفتحتين. الرحيل تيمة يتبلور داخلها دبلشان وفيلمه هذا الذي له قدرة معينة على استيعاب هناته وعيوبه. فهو يعرف على أي مسافة من الحدث يبقى. على السجادة الحمراء، سمعناه يقول إنه ابن جيل جاكوب (الرئيس الأسبق للمهرجان) الذي غيّر حياته، وهو يشعر بانفعال شديد لوجوده هنا، واعترف أنه غير قادر على البقاء داخل الصالة لرصد ردود أفعال الصحافة، لشدة خوفه.
حفل الافتتاح في مسرح "لوميير" (٢٢٠٠ كرسي) قدمته الممثلة الايطالية مونيكا بيللوتشي. حفل بسيط لم يدم أكثر من نصف ساعة قدّم خلاله أعضاء لجنة التحكيم التي يترأسها هذه السنة المخرج الاسباني الكبير بدرو ألمودوفار. بعد مونتاج عن أبرز أفلامه، عُرضت على الحضور لقطات من الأفلام الـ١٩ التي تتسابق على "السعفة الذهب" لهذه السنة، علماً أنّ المسابقة تضمّ قامات كبيرة مثل النمسوي ميشائيل هانيكه والفرنسي جاك دوايون والأميركي تود هاينز والألماني فاتي أكين وغيرهم كثر. وأعلن المهرجان نشاطات خاصة لمناسبة بلوغه سبعين دورة، منها حفل ستقدمه إيزابيل أوبير وسيجري خلاله استذكار محطات مهمة من تاريخ كانّ. كلينت ايستوود سيكون حاضراً ليقدّم درساً سينمائياً، وسيتم ابتكار جائزة تُمنح لأفضل مصوّر. كلّ هذا والمزيد ستغطيه "النهار" خلال الأيام الـ١٢ التي يستغرقه المهرجان السينمائي الأكبر في العالم.