الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

قلعة عرفت في سجونها الظلامات فأُسميت "الباكية"

المصدر: النهار
طرابلس- رولا حميد
قلعة عرفت في سجونها الظلامات فأُسميت "الباكية"
قلعة عرفت في سجونها الظلامات فأُسميت "الباكية"
A+ A-

موقع يحمل اسمه المعنى الذي لعبه، فالباكية تشير إلى البكاء، حيث كانت النساء من أمهات وزوجات وشقيقات يزرن الموقع لتفقد أبنائهن السجناء تحت سلطة والي طرابلس في القرن السابع عشر بربر آغا. 

لم يكن الوالي رحيماً. كان السجين لأي سبب كان، يسجن في غرفة بلا أبواب منعاً لاحتمال الهرب، لكن فتحة في السقف يناهز ارتفاعها الستة امتار، كانت مدخل السجناء إلى السجن المقفل، ومنها يرمى الطعام والمشرب للسجناء بسلة أو وعاء.

ومتى دخل السجين إلى السجن، لم يعد خروجه سهلاً، هذا إذا لم يعدم. لذلك، كانت النسوة يزرن سجناءهن ويبكين عليهم، فعرف الموقع بـ "الباكية".

علاوة على كونه سجناً، كان الوالي بربر آغا، المقيم في قلعته في إيعال بقضاء زغرتا، ينتقل بين الحين والحين للاستراحة، والاستجمام في الباكية، حيث تحف بها بساتين الزيتون، وأصناف الفاكهة، وتتسم صيفاً بالنسيم يلف جنباتها قادماً من البحر القريب.


يقع الموقع في بلدة برسا في الكورة، ولا تتعدى مساحة عقاره الألف والثمانمئة متر مربع، ومبناه لا يتجاوز الستمئة متر مربع.

لا يعرف تاريخ بناء الموقع في برسا بالتحديد، رغم حداثة تاريخ حكم صاحبه. لكن كتاب "مصطفى آغا بربر" للأب إغناطيوس الخوري يشير إلى أن "نشأة مصطفى بربر كانت في برسا بعد وفاة والده، ولا تزال قلعة بربر أو "باكية" بربر، كما تلقب، قائمة الى اليوم وسط البلدة".

وصفه وواقعه


مع مرور الوقت، تحولت الباكية إلى ملك خاص. صاحبه حالياً هو مسعود شيا.

ويرجح الأب خوري في كتابه أن يكون "اللقب تسمية لما امتاز به حكم بربر من شدة وبطش، فكان السجن أو الشنق نصيب كل خصم أو خارج عن القانون، وبالتالي فإن النساء كن يقصدن القلعة ناحبات على مصير رجالهن".

في السقف فتحتان، تذكر الروايات الشعبية التي يتناقلها المواطنون أنهما استخدمتا في تنفيذ عمليات الإعدام شنقا.


المبنى طبقة واحدة على ما يبدو من الخارج، وفي جدرانه فتحات متطاولة وضيقة عموديا بأطوال مختلفة، لا تتعدى الخمسة عشر سنتمتراً عرضاً، هي فتحات للدفاع عن الموقع من الداخل في حال تعرضه للهجوم. الطويل منها استخدم فيه القوس والنشاب، والقصير استخدمت فيه بنادق صغيرة.



في الموقع صالات إقامة وردهات واسعة من الحجر المعقود، سماكة جداره تناهز المتر ونصف المتر.


له مدخل بسيط من الجهة الشرقية يفضي إلى سطح المبنى عبر درج حجر، وهو مغطى بعقد حجر مصقول. تتوسط السلم سفرة لباب يوصل مباشرة إلى صالة مضافة على الموقع، فيها قناطر حجر تسند السقف، وشبابيك إنارة وتهوئة، وموقد للطبخ والتدفئة، لها مدخنة توصل إلى الخارج عبر السطح.


ترتفع الصالة زهاء الأمتار الخمسة، وفيها فتحة جنوبية مرتفعة، تشبه "التتخيتة"، وعليها مقعد حجر طويل، ولها نافذتان، يذكر بعض الأهالي أن "الوالي استخدمها للاستراحة والاسترخاء، فهي مرتفعة، ومطلة على البساتين التي كانت تحف بالموقع قبل إنشاء المباني السكنية حولها في العصر الحديث".



السطح بات مغطى بطبقة من الباطون، تنتشر عليه بقايا حجارة، منها قاعدة عمود محفورة، وحجارة تتوسطها فتحات مصقولة، منها ما هو نافذ (مثقوب) بين وجهي الحجر، ومنها ما هو مسدود.


يتحدث العارفون بوظيفة الحجارة ذات الفتحات النافذة أنها استخدمت في رص المنتجات التي احتاجت إلى الضغط للحصول على عصيرها، كالزيتون والعنب، حيث كان الحجر يربط عبر الفتحة بحبل يساعد على الدق. أما المقفل من الفتحات فاستخدم لممارسة هوية اللعب، حيث كان الرجال يتنافسون برمي الحصى فيها.


الموقع مهمل، ويستخدمه صاحبه كمستودع لأغراضه الخاصة. إلا أن جولة في الموقع تظهر غناه الأثري رغم إزالة قسم منه لتوسيع طريق البلدة العام.






حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم