الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لا أسوأ من الفراغ

المصدر: "النهار"
جميل محيدلي- طبيب جراح
لا أسوأ من الفراغ
لا أسوأ من الفراغ
A+ A-

لم يلحظ المشترع في الدستور اللبناني غياب المجلس النيابي عن النظام، والدليل على ذلك عدم وجود مواد دستورية تتحدث عن إنقضاء ولاية المجلس من دون إنتخابات. والدليل الأهم أنه عند حل المجلس من قبل رئيس الجمهورية بالتعاون مع الحكومة ورئيسها لأسباب محددة وضيقة جداً منصوص عنها في المادتين 65 و77 من الدستور حيث تستمر هيئة مكتب المجلس في تصريف الأعمال حتى انتخاب مجلس جديد، وفي حال لم تجر الإنتخابات النيابية خلال ثلاثة أشهر وفقاً للقانون النافذ )قانون الستين أو الدوحة(، يعتبر مرسوم الحل باطلاً وكأنه لم يكن ويستمر مجلس النواب في ممارسة سلطاته وفقاً لأحكام المادة الخامسة والخمسين من الدستور. وللمفارقة، ان القانون النافذ المنبوذ من الجميع سيعيد الطبقة الحاكمة نفسها إذا انجزت الإنتخابات خلال ثلاثة أشهر من الفراغ النيابي، مما يطرح السؤال: هل يصرّ البعض على الفراغ لفرض قانون الستين؟! 

كذلك تنص أحكام أساسية في مقدمة الدستور على التالي:

الفقرة ج: لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية.

الفقرة د: الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة.

الفقرة ه: النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها.

وتفسير هذه الأحكام أن الشعب اللبناني حصراً هو من ينتخب النواب، ولم يوكل لغير النواب سلطة وشرعية إقامة النظام ووضع القوانين وإنتخاب رئيس الجمهورية وتعيين رئيس حكومة عبر إستشارات نيابية ملزمة وإعطاء الثقة للحكومة، وبما أن النظام قائم على التوازن بين السلطات (الفقرة ه)، ألا يسقط النظام بغياب هذا التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بسبب الفراغ في السلطة التشريعية ممثلة الشعب الوحيدة ومصدر السلطات. وللتوضيح أن السلطة التنفيذية لم تغب يوماً حتى مع عدم وجود رئيس للجمهورية ومع إستقالة الحكومة لأن التوازن بين السلطات قائم ومحفوظ مع حكومة تصريف الأعمال، لذلك فقط وحصراً يسقط التوازن ويسقط النظام مع سقوط البرلمان، وهذا ما لم يختبره لبنان من قبل وقد تؤدي تداعيات ذلك إلى المطالبة بقيام نظام جديد.

ويكتمل المشهد مع تفسير هذه الأحكام وفقاً للتالي: النظام البرلماني هو نظام الدولة في لبنان، وفي غياب البرلمان وكيل الشعب تغيب الدولة، وفي غياب الوكيل يتولى الأصيل السلطة وهو الشعب اللبناني، ويمكن أن يشرّع بعض الناس لأنفسهم تصرفات ميليشياوية تأخذ لنفسها كل أشكال الدولة واللادولة، من إحتلال الوزارات والمؤسسات العامة وإقفال المطار وقطع الطرق. والأسوأ أن تستقل الطوائف بأمن ذاتي وقضاء خاص وتقتطع مناطق نفوذ وكانتونات مذهبية، وتكتمل المؤامرة على الوطن.

وللذاكرة ان أهوال الحرب الأهلية في لبنان انهاها بقية من مجلس نيابي ممدد له مرات عدة أوصل حينها الوطن إلى بر الطائف، وهو المجلس الذي صمد وانعقد تحت القصف ومنع تقسيم لبنان بالرغم من فرز أبناء الوطن بمن فيهم رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء.

لا نريد إختبار هذا النفق المظلم في عهد الرئيس عون ، بل نناشد فخامته تدارك الامور حتى لا نقع في المحظور.





حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم