اشترِك في نشرتنا الإخبارية
فاطيما حيث ظهرت مريم و"رقصت الشمس"... المؤرخ إيف شيرون لـ"النهار: انها الاعجوبة الكبيرة!
#فاطيما في #البرتغال. في المكان نفسه الذي ظهرت فيه السيدة العذراء، قبل 100 عام، لثلاثة رعاة صغار، ياسينتا وفرانشيسكو ولوسيا، يقف #البابا_فرنسيس وسط مئات آلاف الحجاج (12-13 ايار 2017)، لاعلان قداسة اثنين من الرعاة: الطوباويان الشقيقان #ياسينتا (1910-1920) و#فرانشيسكو_مارتو (1908-1919)، في وقت تنتظر قريبتهما الاخت #لوسيا_دوس_سانتوس (1907-2005) اعلان تطويبها، بعد فتح ملفها العام 2008. لم يكن مضى على وفاتها سوى 3 اعوام.
(الرعاة الثلاثة الصغار)
"انا من السماء"
"من دون شك، فاطيما هي المكان الاكثر نبوية من كل الظهورات المعاصرة"، بتعبير البابا الفخري بندكتس السادس عشر. العام 1917، "ما امكن احد ان يتصور كل هذه الامور. لكن الرعاة الصغار في فاطيما رأوا كل هذا، وسمعوه، وحفظوه في ذاكرتهم"، يكتب(1). القصة المذهلة التي فاقت كل التوقعات بدأت العام 1915، ولم تنته بعد حتى اليوم. "ظهورات فاطيما هي الظهورات التي اثارت، منذ 1940 حتى اليوم، الجدل الاكثر حماوة والشائعات الاكثر خيالية"، يقول شيرون.
3 مرات ظهر ملاك العام 1915، "ملاك السلام"، على ما عَرَّف بنفسه، ثم 3 مرات العام 1916. في 13 ايار 1917، كان الظهور الاول للقديسة مريم العذراء على الرعاة الصغار الثلاثة. ما شاهدوه "سيدة تلبس الابيض يفوق لمعانها الشمس وتنشر نورا اكثر صفاء من كأس كريستال تملأها مياه بلورية تخرقها اشعة الشمس الاكثر توهجا"، تكتب الاخت لوسي في مذكراتها (2). "انا من السماء"، قالت لهم.
في المجموع، 6 ظهورات لها في فاطيما، توّجتها بـ"رقصة الشمس" في 13 ت1 1917، العلامة التي وعدت بها "كي يؤمن الجميع"، على قولها مرارا للاولاد. والى جانب ظهورات لها "شخصية" عدة في بونتيفيدرا وتوي (شمال غرب اسبانيا)، كانت عندها طلبات، لا سيما الصلاة والتوبة، واعطت سرا من 3 اقسام. واصبحت فاطيما قبلة ملايين الحجاج على مرّ العقود، اشهر المزارات الكاثوليكية على الاطلاق.
(أعجوبة الشمس)
السر الثالث... هذه "الرؤيا العصرية"
دروس من فاطيما. ويعرفها جيدا شيرون، الصحافي والمؤرخ الشهير في تاريخ البابوية والظهورات المريمية والعجائب وملفات التطويب والتقديس، مدير النشر لـ"قاموس السيرة الذاتية الفرنسية". ظهورات فاطيما تحتوي، على قوله، "على تذكير تقليدي، على حوافز للصلاة والتضحية. ومن خلالها ايضا، هناك دعوة الى تكريس الذات لقلب مريم الطاهر. وهذه ليست تقوى جديدة، بل لا تزال منتشرة قليلا. كذلك، طلبت مريم العذراء من البابا تكريس روسيا الشيوعية لقلبها الطاهر، كي تتوقف عن "نشر أخطائها في جميع أنحاء العالم". وهذا ما قام به، متأخرا، البابا يوحنا بولس الثاني في 25 آذار 1984. وقد بدأ سقوط الانظمة الشيوعية ابتداء من العام 1989".
احداث وتطورات كثيرة تراكمت على مرّ العقود. "سر فاطيما" بأقسامه الثلاثة، والذي اعطته السيدة العذراء الرعاة الصغار العام 1917، يبقى الأشهر، الاكثر استقطابا للاهتمام، كنسيا وشعبيا. "السر يتألف من 3 امور"، وفقا للاخت لوسي(2). قسمه الاول يتعلق برؤيا عن جهنم، والثاني بـ"حرب اكبر ستقع" وبـ"تكريس روسيا لقلب مريم الطاهر". وقد نشر القسمان العام 1941.
اما القسم الثالث من السر، او ما يسمى "السر الثالث"، فلم ينته الحديث عنه بعد، رغم ان الكنيسة حسمت امره بوضوح. شائعات، تكهنات، وصولا الى الكلام عن "سر رابع"، على قول شيرون. في حيثيات هذه الاجواء، وفقا لشرحه، ان السر الثالث الذي أُوحي للرؤاة في 13 تموز 1917 في فاطيما "أُرسِل الى الفاتيكان العام 1957. لكنه لم ينشر الا العام 2000. اذًا خلال عشرات الاعوام، كانت لدينا كل انواع التكهنات حول ما يمكن ان يحتويه هذا السر. بالنسبة الى بعضهم، كان ينبىء بحرب نووية، ولآخرين بكوارث طبيعية، ولغيرهم ايضا كان يشير الى الازمة التي مرت بها الكنيسة الكاثوليكية ابتداء من الستينات في القرن العشرين".
(المؤرخ الفرنسي ايف شيرون)
عندما نشر الفاتيكان السر العام 2000، "لم يتضمن اي شيء من كل هذا"، يلاحظ شيرون. "السر يصف رؤيا، حيث يمكن مشاهدة آلام بابا واساقفة عديدين وكهنة ورهبان وراهبات (ثم مقتلهم). وقد اعتبر البابا يوحنا بولس الثاني ان الامر يتعلق باعلان نبوي للاعتداء الذي كان هو ضحيته في 13 ايار 1981، وكاد ان يكلفه حياته".
ويتدارك: "هذا السر الثالث هو ايضا، وفي شكل اوسع، رؤيا عن مجموعة اضطهادات كان المسيحيون ضحيتها طوال القرن العشرين على يد مختلف الانظمة (الشيوعية، النازية، وغيرها من الايديولوجيات). وبهذا المعنى، لا تزال هذه الرؤيا عصرية، بما ان الكنيسة لا تزال تتألم بسبب اضطهادات، لا سيما من الاسلاميين".
امر آخر لمسه شيرون. "خيبة امل لدى بعضهم"، لان السر الثالث "لم يكن على قدر توقعاته"، على قوله، "من هنا الاطروحات المفرطة التي ذهبت الى القول ان هناك سرا رابعا لا يزال مخفيا، او ان النص الذي نشر العام 2000 ليس حقيقيا". شيرون استقصى طويلا الموضوع، وحصل من البابا الفخري بندكتس السادس عشر، على تأكيد "في رسالة وجهها اليّ ونشرتها في كتابي الاخير عن ظهورات فاطيما(3)، ان كل (السر) نُشِر، ولا يوجد نص مخفي".
عندما زار البابا بندكتس فاطيما العام 2010، اعلن منها (13 ايار) ان "رسالة فاطيما لا تزال راهنة". وقال: "من يعتقد ان المهمة التنبؤية لعذراء فاطيما أُنجِزت، فهو مخطىء". ومما اعلنه ايضا: "الرب قال لنا في السر الثالث ان الكنيسة ستتألم دائما وبطرق مختلفة حتى نهاية العالم" (أ ف ب 13/5/2010).
4 بابوات... وتواريخ
البابا بندكتس احد البابوات الاربعة الذين حجّوا الى فاطيما (2010). العام 1930، اعترفت الكنيسة رسميا بالظهورات. العام 1942، تجاوب البابا بيوس الثاني عشر مع طلب لوسيا التي اصبحت راهبة (1928)، "تكريس كل العالم لقلب مريم الطاهر"، بناء على طلب السيدة العذراء، "مع ذكر خاص لروسيا".
-العام 1967، كان البابا بولس السادس البابا الاول الذي يصلي في مكان الظهورات في فاطيما، في ذكراها الـ50.
-3 مرات، قصد البابا يوحنا بولس الثاني فاطيما (1982، 1991، و2000). وقد خصّ سيدة فاطيما بتقوى خاصة، مقتنعا بانها هي التي انقذت حياته من محاولة الاغتيال التي تعرض لها في الفاتيكان في 13 ايار 1981. وقدم الرصاصة التي اصابته الى مزار فاطيما، حيث وُضِعت في التاج الذي يعلو تمثال سيدة فاطيما.
(البابا يوحنا بولس الثاني ملتقيا الاخت لوسيا)
-البابا فرنسيس هو البابا الرابع الذي يحج الى فاطيما (12-13 ايار 2017)، في زيارة تستغرق 24 ساعة للمزار، يحتفل خلالها بالذكرى المئوية للظهورات، ويرفع ايضا الشقيقين فرانشيسكو وياسينتا مارتو الى مصاف القديسين.
العام 1952، فُتِحَت دعوى تطويبهما. واعلنهما البابا يوحنا بولس الثاني طوباويين العام 2000، خلال حجّه الخاص في مناسبة يوبيل السنة 2000، بعدما اعترف الفاتيكان بمعجزة اولى بشفاعتهما في 28 حزيران 1999. وتمثلت في شفاء ماريا إميليا سانتوس (ليريا- البرتغال) في 25 آذار 1987، بحيث استطاعت الوقوف على رجليها بعدما بدأت تصلّي إلى الولدين، وهي المصابة بشلل النصف السفلي من الجسم. والمعجزة الثانية بشفاعتهما، والتي فتحت الطريق امام إعلان قداستهما هي شفاء الطفل فيليبي مورا ماركيس الذي ولد مع مرض السكّري من النوع الأوّل، وذلك بعدما أحضرته أمّه وجدّته إلى قبرهما في فاطيما.
"بيداغوجيا فوق الطبيعة"
بالنسبة الى أسقف ليريا–فاطيما المطران أنطونيو دوس سانتوس مارتو، ما يعلّمه القديسان الصغيران فرانشيسكو وياسينتا العالم اليوم هو "القداسة اليومية. إنّهما مثال قداسة الشعب، تلك القداسة التي يمكن أيّ شخص من أيّ عمر أن يبلغها".
واذا كان فرانشيسكو وياسينتا ولوسيا من الوجوه التي تطبع الى الابد ظهورات فاطيما، فان ما يجذب شيرون اليها حتى اليوم هو "انها تتسم، على غرار ظهورات كبيرة سابقة (لا ساليت، لورد، الخ)، بطابع ذي بساطة كبيرة. العذراء مريم تتوجه الى اولاد، وتعطي رسالة في شكل متدرج. لدينا هنا بيداغوجيا فوق الطبيعة. كذلك هناك الجانب المشهدي المذهل. ظهورات فاطيما انتهت في 13 كانون الاول 1917 باعجوبة كبيرة، او ما نسميه "رقصة الشمس" التي شاهدها عشرات آلاف الناس، بينهم اشخاص غير مؤمنين. وتكلمت صحافة تلك الحقبة عن الامر كثيرا. فاطيما لديها ايضا طابع فريد. "انها الظهورات الاكثر نبوية"، على قول البابا بندكتس. العذراء مريم انبأت بوقوع حرب (الحرب العالمية الثانية)، وايضا بارتداد روسيا، وباضطهادات كبيرة كانت الكنيسة الكاثوليكية ضحيتها".
الحدث ضخم جدا في فاطيما. في الارقام، قد ينضم نحو مليون من الحجاج الى البابا فرنسيس في زياح المشاعل مساء الجمعة وقداس صباح السبت في المزار. 6 آلاف عنصر من قوات الامن واجهزة الاغاثة يؤمنون سلامة المكان. بلدة الـ12 الف نسمة تستقبل ايضا 4 آلاف حاج سيأتون مشيا، 2000 صحافي، 2000 كاهن، 71 اسقفا، 8 كرادلة، 350 مريضا، وفقا لاحدى المسؤولات في المزار (أ ف ب 10/5/2017).
(1) رسالة فاطيما، مجمع العقيدة والايمان، الفاتيكان، حزيران 2000، الكاردينال جوزف راتزينغر (البابا بندكتس السادس عشر).
(2)كتاب "فاطيما" من ذكريات الاخت لوسي، الناشر الاب لويس كوندور، نائب دعاوى تقديس الطوباويين فرنسوا وياسينت.
(3)Fatima Vérités et Légendes، Yves Chiron، ARTÈGE، 2017.
