الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"يوم أوروبا" هذه السنة نكهته فرنسية

المصدر: "النهار"
نيويورك - علي بردى:
"يوم أوروبا" هذه السنة نكهته فرنسية
"يوم أوروبا" هذه السنة نكهته فرنسية
A+ A-

اكتسب "يوم أوروبا" الذي احتفل به العالم أمس، طعماً آخر بانتصار ايمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية في فرنسا. كبح الى حد بعيد صعود الموجة الشعبوية المفاجئة التي أدت الى "البريكسيت" البريطاني، وما يعنيه خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وأوصلت دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية الى البيت الأبيض، وما تبعه من ارتدادات على التوازنات الدولية. 9 أيار يترك أثراً عميقاً أيضاً في العلاقة بين الضفتين الغربية - المغاربية والشرقية - المشرقية من البحر الأبيض المتوسط. 

قبل ذهابها الثلثاء الى الأمم المتحدة، كانت رسالة الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موغيريني واضحة في هذا اليوم. غير أنها لم تفوت الفرصة أيضاً في الأمم المتحدة لكي تقول للعالم إن "الاعتقاد الذي ساد خلال الأشهر الأخيرة بأن الذكرى السنوية الـ60 لتأسيس الاتحاد الأوروبي ستكون مناسبة لبدء اضمحلاله وتفككه" بسبب قرار البريطانيين الخروج منه وغيره من المناسبات والأحداث الدولية، إنما كان اعتقاداً خاطئاً. وأوضحت أن الأوروبيين باقون معاً والاتحاد "سيكون شريكاً قويّاً لا غنى عنه في العالم، وخصوصاً لجيراننا"، مشيرة الى التعاون مع دول البلقان.

على رغم ارتباط مرحلة إنشاء الاتحاد الأوروبي ومؤسساته بنتائج الحرب العالمية الثانية، لم يكن لبنان يوماً بعيداً من الهموم الأوروبية، وخصوصاً الفرنسية. وكذلك تتطلع أوروبا عموماً بنظرة مختلفة الى أزمات الشرق الأوسط ومشاكل العالم العربي. وهذا ما قد يكون دافعاً جوهرياً كي يقدر اللبنانيون، وكذلك العرب، هذه النكهة الفرنسية التي تجلّت مجدداً غداة الانتخابات الفرنسية الأخيرة، ومثّلت مفترقاً مهماً آخر لمصير الاتحاد الذي تأسس عملياً قبل 60 عاماً بالتحديد من نواة كانت فيها فرنسا وإيطاليا وألمانيا وهولندا واللوكسمبور وبلجيكا. جاء ذلك بعد سنوات من الخطاب التاريخي في 9 أيار 1950 لوزير الخارجية الفرنسي روبير شومان. يصادف هذا التاريخ أيضاً احتفالات "يوم النصر" ضد النازيين في الحرب العالمية الثانية.

جلسة مجلس الأمن

بالتزامن مع هذا اليوم، اختار مجلس الأمن عقد جلسة عن "التعاون بين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في صون السلم والأمن الدوليين"، إذ كررت فيديريكا موغريني تأييد مذهب الأمم المتحدة في ايجاد "مساحة تتقدم فيها المساومة دائماً على المواجهة"، محذرة من أن "سياسة القوة" ما هي إلا وصفة لزعزعة الإستقرار في كل أنحاء العالم، لأن "الطريقة الفضلى لتحقيق سلام وأمن دائمين ليس بالإعتماد فقط على القوة العسكرية، بل بالتركيز على التطوير والتنمية وحقوق الإنسان". وقالت: "أعتقد أن أكبر انقسام في عالم اليوم هو بين أولئك الذين يعتقدون أن السياسة الدولية هي لعبة صفرية، وأولئك الذين يريدون بناء حلول مربحة للجانبين على أرضية مشتركة"، مشددة على أن "الطريقة الأوروبية هي البحث المستمر عن حلول مربحة للجانبين، وجوهر الأمم المتحدة هو أن تمثل مساحة يمكن أن تسود فيها المساومة التوفيقية دائماً على المواجهة. ولهذا السبب أقول إن الطريقة الأوروبية هي طريقة الأمم المتحدة".

حملت موغيريني رسائل عدة الى الولايات المتحدة، داعية اياها الى عدم قطع التمويل عن أي من المنظمات الدولية لأنه "على غرار الإنفاق الدفاعي، مهم للسلم والأمن العالميين"، الى مواصلة التزامات اتفاق باريس في شأن تغير المناخ. وكذلك حملت رسائل مشابهة حيال الشرق الأوسط. ولفتت الى خطوات اتخذت بين إسرائيل وفلسطين، ومنها إحياء اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، داعية الى المزيد من التعاون بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، وبين اللجنة الرباعية والدول العربية. ورأت أن مصر أحد اللاعبين الرئيسيين، قائلة: "نحن بحاجة إلى الإسرائيليين والفلسطينيين أولاً وقبل كل شيء للتفاوض مباشرة مع الجهود المصاحبة للمجتمع الدولي بدءاً بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة وكل من يؤمن بأن السلام يحتاج الى مشاركة مباشرة للطرفين". وقالت إن "السلام في سوريا يمكن أن يأتي فقط من المفاوضات بين الأطراف السوريين في جنيف"، مشيرة الى جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دو ميستورا". أما بالنسبة الى السلام في اليمن، أضافت أن "الاتحاد الأوروبي يرعى المسار الثاني ومبادرات بناء السلام ولكن هذا يجب أن ينصب في عملية ترعاها الأمم المتحدة". ولفتت الى ليبيا حيث "انفتحت نافذة من الفرص، ونحن نؤيدها بشدة، ونعتقد أن على الليبيين أن يغتنموا هذه اللحظة". وخلصت الى أنه "أيا كان شكل الأزمة وأيا كانت المبادرة، فإننا نعتقد أن الأمم المتحدة يجب أن تكون مركز جميع جهود بناء السلام بطريقة فعالة" لأن الأمم المتحدة "هي فقط من يمكن أن يضمن تماسك العملية السياسية وقوة النتائج والتنفيذ".

الخيار الأوروبي

في رسالتها لهذا اليوم، قالت موغيريني إن "مستقبل الاتحاد الاوروبى خيار - خيار يملكه كل مواطن أوروبي ويهم العالم بأسره. وأضافت أن عمر الاتحاد الأوروبي بلغ هذه السنة الـ60 عاماً من السلام، والحماية لعمالنا، والفرص لأعمالنا وحريتنا وحقوقنا". واستدركت أن "مستقبل أوروبا ليس شيئاً نرثه من آبائنا وأمهاتنا المؤسسين. والاتحاد الأوروبي هو القيم التي نؤمن بها، والشراكات التي نبنيها في العالم، وهي مرآة مجتمعنا الأوروبي. أوروبا هي ما نصنعه نحن، الأوروبيون - كل يوم واحد، كل واحد منا". وإذ أشارت الى "التزام" الأوروبيين البقاء معاً لمواجهة تحديات العصر"، عددت الخطوات التي اتخذت خلال العام الماضي لتعزيز الأمن والدفاع في الإتحاد الأوروبي، معتبرة أن "أصدقاءنا في كل أنحاء العالم ينظرون الينا، الى الاتحاد الأوروبي كقوة عظمى ربما الوحيدة الموثوق بها للسلام والتنمية البشرية"، معترفة مع ذلك بأن "التغيير في الاتحاد الأوروبي ضروري". وأكدت أن "اختيار أوروبا أكثر عدلاً وأكثر أمناً وأكثر مساواة هو ملك لنا، لنا جميعا". وختمت أن "يوم أوروبا: ليس مستقبل مؤسسات الإتحاد الأوروبي، بل مستقبل كل مواطن أوروبي".


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم