الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

وصية الضحية سارة: خذوا من جسدي لينعم الآخرون

المصدر: "النهار"
بعلبك- وسام إسماعيل
وصية الضحية سارة: خذوا من جسدي لينعم الآخرون
وصية الضحية سارة: خذوا من جسدي لينعم الآخرون
A+ A-

"لا تسمّوا هذا فراش الموت بل ليكن فراش الحياة وتعالوا خذوا من جسدي لكي ينعم الاخرون بحياة أكمل ... فإذا فعلتم كل ما طلبت ... سأبقى حيا الى الأبد ... وإذا كان لا بد من دفن شيء فادفنوا خطاياي وضعفي وكل أحقادي وأعطوا روحي لله". 

هذه امنية الشابة سارة عصام سليمان (24 عاما) التي تُوفيت فجر الاحد متأثرة بجروحها بعد اصابتها بطلق ناري امام ملهى "blue bar" في زحلة، والتي ارادت الحياة بعد موتها بجسد آخرين كأنها تيّقنت بأن وفاتها قريبة لتثبت توقها الدائم الى فعل الخير طوال حياتها، ولثتثبت لقاتلها ان الرصاصة التي استقرت في رأسها لم تأخذ منها فرحها في الحياة بل اعطت للحياة فرحاً واملاً حين قررت وهب اعضاء جسدها بعد الوفاة باقتناع منها فوهبت الحياة لستة مرضى.

سيراها اهلها في ستة اشخاص، غير ان موت سارة ووهبها اعضاءها ايقظ الكثير من المواطنين بعد ان اصبح موتها سببا لاحياء آخرين، فكانت قدوة وحافزا لمجموعة من الشبان والشابات الذين قرروا التوجه الى مراكز وهب الاعضاء ليحذوا حذوها.

ساعات قليلة تفصلنا عن موعد دفن سارة حيث من المقرر ان يكون بعد ظهر اليوم في بلدتها بدنايل غرب بعلبك. ولا تزال قضية مقتلها تتفاعل حيث سيلي الدفن اعتصاما من اهالي البلدة ومحبّي الضحية في ساحة البلدة، استنكارا للحادثة ولمطالبة الاجهزة الامنية بتوقيف الجاني الفار خصوصا ان هويته باتت معروفة.

والد الضحية عصام ووالدتها غيدا سليمان (مراقب اول في مجلس الخدمة المدنية) الى جانب شقيقها نايف وشقيقتها تمارة، ما زالوا في حال من الصدمة في وقت يعج منزل العائلة المجاور لمدافن البلدة بالمعزين. وتبقى عدسات الكاميرات بعيدة من العائلة لرغبة منهم، كما افاد احد اقرباء الضحية الذين يرفضون رفضا باتا الادلاء بأي تصريح. 

 واستبقت سارة موتها بمخاطبة اهلها والاصدقاء وكل من احبها، برسالة ارسلتها لهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها تركت اثرها في قلوبهم حيث ارفقتها بكلمات معبّرة وانتشرت بين اصدقائها وجاء فيها: "سيأتي يوم يرقد فيه جسدي فوق فرشة بيضاء طويت بعناية بين زوايا السرير الاربع في مستشفى مليء برائحة الولادة والموت.

في لحظة ما سيعلن الطبيب ان دماغي توقف عن العمل وان حياتي انتهت. فمتى حلّ ذلك، لا تحاولوا بث روح اصطناعية في جسدي ولا تستخدموا الالات، ولا تسمّوا هذا فراش الموت بل ليكن فراش الحياة وتعالوا خذوا من جسدي لكي ينعم الاخرون بحياة اكمل.


امنحوا عيني لمن لم ير في حياته شروق الشمس او وجه طفل او حب في عيني امرأة.

وهبوا قلبي لمن لم يحظ من قلبه بغير ايام الالم الدائم.

اعطوا دمي لمراهق انتزع من حطام سيارته لعله يعيش حتى يرى احفاده يمرحون.

اهدوا كليتي الى من يعتمد على آلة تساعده على الاستمرار من يوم الى يوم.

وخذوا عظامي وكل عضلة ونسيج وابحثواعن وسيلة تجعل طفلا مشلولا يسير.

استكشفوا كل زاوية من دماغي وخذوا كل خلية ان اقتضى الامر ودعوها تنمو لعلها تساعد يوما ما صبيا اخرس على الصراخ او فتاة صمّاء على السمع صوت المطر يرشق نافذتها. احرقوا ما يتبقى مني ولكن اذا كان لا بد من دفن شيء، فادفنوا خطاياي وضعفي وكل احقادي واعطوا روحي لله.

وان رغبتم عرضا ان تتذكروني، فتذكروني بعمل طيب او كلمة رقيقة لمن يحتاج اليها.

فإذا فعلتم كل ما طلبت... سأبقى حية الى الابد".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم