السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

كامل وسليم ورياض وسمير وجبران حكوا... برسم رجال الدولة

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
كامل وسليم ورياض وسمير وجبران حكوا... برسم رجال الدولة
كامل وسليم ورياض وسمير وجبران حكوا... برسم رجال الدولة
A+ A-

حكوا، بجرأة ثمنها غال جدا... "ع المكشوف". والحكي مع كامل مروة وسليم اللوزي ورياض طه وسمير قصير وجبران تويني عن أمر يشغل الجميع: تلك الجمهورية التي لا تزال غير مرتاحة، كما كانت القرن الماضي. الرائحة لا تزال كريهة في هواء لبنان، رائحة مؤامرات وفساد وفشل في الحكم وادارة شؤون الوطن، وتململ مسؤولين يتبرأون من المسؤولية! ولدى "شهداء الصحافة ما يقولونه، في يومهم، لرجال الحكم.   



إنه الصوت إياه يتردد في ارجاء ساحة الشهداء في وسط بيروت منذ نحو 101 عام. "حبذا الموت! حبذا المشنقة في سبيل الوطن"، هتف الشهداء عندما حانت الساعة. 6 ايار 1916. 7 صحافيين أُعدِموا معاً وتباعا، شنقًا (الى جانب 7 آخرين)، بأمر من والي الشام العثماني جمال باشا "السفاح"، في "ساحة الاتحاد" المعروفة لاحقا بـ"ساحة البرج" او "ساحة الشهداء".


"يا أرض الوطن"

6 ايار 2017، لا يبقى من مشهد اجساد الشهداء التي تدلت من مشانق نصبت جنبا الى جنب سوى هتاف اقوياء يتردد ليسمعه ابناء الوطن. "حبذا الموت في سبيل الوطن!"... "الدول لا تبنى على غير الجماجم، وستكون جماجمنا اساسا لاستقلال بلادنا"... "يا ارض الوطن، احفظي تذكارنا. عشنا من اجل الاستقلال، ونموت في سبيله".



كلمات تحفر محلها، تعاند لتبقى حية، عصية على كل زمن او مكان. ويعود شهداء الصحافة كلما اشرقت الشمس على لبنان، ويقرعون الضمائر، فاتحين دفاتر لم يتمكن المجرمون، ولا الرصاص، ولا المتفجرات من حرقها او تدميرها. ويرفعون الصوت بقوة الكلمة والموقف. لمن يهمه الامر، امر لبنان.

كلمة من كامل مروة الى "رجال الحكم"

وجها لوجه مع كامل مروة، "ع المكشوف". مقارعة، كباش القوي. ويعرف كل شيء عن سياسيي لبنان. نعم. "كلكم مسؤول! فكفوا اذا عن التهرب والمواربة! نشهد هذه الايام معركة اسمها "مش انا". فبين رجال الحكم، من أركان ووزراء ونواب، مسابقة فردية من نوعها، غايتها منع تحديد التبعات في الفساد الذي تشكوه البلاد بالتنصل منها دون تعيين المسؤولين... كلا ليس من يصدق مزاعمكم، فلا تتهربوا ولا يحاول كل منكم القاء التبعة على سواه. كلكم مسؤول، وكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته".



المهم "قل كلمتك وامش"، ويمضي فيها الى الاخير. "من لم يساعد الفساد او يغرق فيه تغاضى عنه او سكت. ومن لم يكن فاسدا، كان جبانا. والجبن لا يقل جرما عن الفساد نفسه، وليس بينكم من يستطيع القاء حجر على سواه! ان فشلكم في حكم البلاد ناشىء عن فساد عقليتكم. صفحاتكم جميعا سوداء، فاذهبوا جميعا. وان لم تذهبوا، فسيأتي يوم تندمون فيه على هذه الفرصة" ("مش انا"-1952)


مساء الإثنين 16 أيار 1966، "كان صاحب صحيفة "الحياة" كامل مروه يداوم كالعادة في مكتبه في الجريدة. دخل عليه عدنان سلطاني بحجة تسليمه رسالة خاصة. وما ان صار وحده وجها لوجه معه، حتى استل مسدسا واطلق عليه النار... كانت التاسعة إلا خمس دقائق ليلا. وسقط مروه صريعا برصاصتين أصابتاه في القلب".



سليم اللوزي يسأل: لماذا؟

لدى سليم اللوزي ما يقوله الى "مصاصي دماء الطبقة العاملة". "لماذا تغيب الدولة اللبنانية عن رعاية الصناعة؟ هل يجوز ان تبقى الدولة من دون سياسة صناعية؟" على ما يتساءل، مشيرا الى ان "ليس هناك من ينكر ان ثمة نقصا واضحا في التشريعات الموضوعة".


إنه همّ لبنان، اقتصاديا، صناعيا، عماليا، ماليا، سياسيا. "الدولة لا تزال تحصر هموم اقتصادها، عندما تتفاوض مع اي دولة اجنبية، في التفاح والحمضيات والتسهيلات السياحية!". طبعا، المسؤولية تشمل ايضا الصناعيين. "انهم يكتفون بالشكوى في غرفهم المقفلة" (ك1 1974).


في 4 آذار 1980، وُجدت جثة صاحب مجلة "الحوادث" الصحافي سليم اللوزي في أحراج بلدة عرمون قرب مواقع للقوات السورية، بعد 9 ايام على اعتراض سبيله" عند الحاجز الرئيسي لقوات الردع السورية" على طريق المطار. كان عائدا الى لندن، بعدما جاء الى لبنان ليدفن والدته، رغم علمه بأن ثمة خطرا يهدد حياته.


الى الحكومة... من رياض طه

الصراحة كلية مع رياض طه، لان الوضع لا يحتمل اي تراخ او ميوعة. والكلام موجه اولا الى الحكومة. "لا مناص لحكومتكم من ان تضع اسس التغيير في نطاق نظام الحكم القائم... ولعل ادنى حد للتغيير الممكن ينطلق من المبادىء الآتية: الشروع في الغاء الطائفية، العمل على وضع مشروع قانون للانتخابات النيابية يجعل لبنان دائرة واحدة، او يجعل الدوائر الانتخابيىة بعيدة عن التقسيم الطائفي..." (مذكرة -17/6/1975).


"العهد الجديد". وهي التساؤلات نفسها، والهموم اياها. "هل يتسنى (للعهد الجديد) ان يكون جديدا حقا؟ هل يتاح لقائد السفينة ان يتولى توجيه دفتها في الاتجاه الذي يريد، وسط العواصف والانواء والزعازع؟" والدرس الاحمر... حتى الموت يبقى الاسطع. الحرية، الصحافة الحرة. "لبنان بلا حرية دولة شبه ميتة لا تستحق ان تكون وطنا لشعب مستقل، صحافة لبنانية من دون هذا اللبنان الحر كدولة متحجرة مزروعة في صدر أمة مصابة بالشلل".


في 23 تموز 1980، أمطر مسلحون نقيب الصحافة رياض طه بوابل من الرصاص، في مكمن نصبوه له قرب فندق "كونتيننتال" في الروشة، في طريقه من مقر النقابة الى الدوحة لمقابلة رئيس الحكومة المستقيلة سليم الحص.


ضربة كفّ من سمير قصير

صفعة قوية من سمير قصير، محرّك "انتفاضة الاستقلال 2005" مطلق هذا الشعار، الصحافي في "النهار" سمير قصير. "الحديث عن إمكان العودة الى قانون 1960 معدلا... يتطلب غيابا قياسيا للنضج والحس السياسي. أصلا يلزم الكثير من السذاجة للاعتقاد ان قانون 1960 يستحق الدفاع عنه..."، يقول في مقالته "تريدون تمثيلا" (13/5/2005).


في 2 حزيران 2005، "صعقه" وحش الاغتيال بالضربة القاضية: قنبلة فُجِّرت في سيارته في الأشرفية. وايا يكن، لا يزال النبض حيا بعد 16 عاما على هذا الجريمة الشنيعة. "بعدما انسحبت سوريا"... و"التوافق لا يعني ان تغيب الشفافية مثلما تغيب الآن، فيما لبنان على باب صفحة جديدة. ليست المسألة في المبدأ فحسب، بل تطاول الآلية التي يفترض ان تفتح الصفحة الجديدة المرجوة، اي قانون الانتخاب. فغياب الشفافية هنا يهدد بفتح جراح كانت بدأت تندمل". (29/4/2005).



الى "الجيل الجديد"... من جبران تويني

يتألم جبران تويني لحال لبنان وسياسييه، ينتفض ليقف في وجه "دولة اللاقانون واللامؤسسات". "لا قيمة للانسان، حيا ام ميتا، في دولة القانون والمؤسسات في لبنان! ولا قيمة للمواطن المقيم ولا للمغترب، كما لا قيمة للقيم الاخلاقية، ولا للمؤسسات ولا للقانون في دولة... القانون والمؤسسات! في لبنان، في ظل عهد دولة القانون والمؤسسات، تبقى كل الاسئلة دون اجوبة، ويبقى الضباب، لئلا نقول الكذب سيد الموقف". (9/1/2004).


"صاحب قسم الاستقلال الشهير" يصارح "الجيل الجديد" بجرأة سيف قاطع. "المرض الحقيقي ليس في الطوائف، انما في الطبقة السياسية التي استغلت التعددية الدينية لاغراض فئوية". وتبقى الرسائل أقوى من اي زمن. "على الجيل الجديد ان يفهم انه في حاجة الى الخروج من عقد احزاب الماضي وفواتيره... والتحرك نحو تأسيس احزاب وحركات جديدة تجسد احلامه. مطلوب منه الخروج من حالة اليأس والاحباط والاستسلام، وادراك مسؤوليته في اعادة بناء الوطن من الصفر!" ("ثلاث رسائل في ذكرى 13 نيسان"- 15/4/2004).


نسر "النهار" جبران تويني سقط صريعا صباح 12 كانون الأول 2005، في تفجير استهدف سيارته في المنطقة الصناعية في المكلّس، وقُتل معه مرافقاه اندريه مراد ونقولا الفلوطي.


[email protected]



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم