الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"الفوضى عارمة والحل مستحيل"...العمالة السورية في طرابلس تحت المجهر

المصدر: "االنهار"
رولا حميد
"الفوضى عارمة والحل مستحيل"...العمالة السورية في طرابلس تحت المجهر
"الفوضى عارمة والحل مستحيل"...العمالة السورية في طرابلس تحت المجهر
A+ A-




طرابلس- رولا حميد


الاستعصاء هو السمة الأصح والأكثر ملاءمة لوصف واقع العمالة السورية. فالسوريون لم يأتوا لبنان طوعاً، وبملء إرادتهم، وبحثاً عن رفاهية، بل جاءوا قسراً نتيجة الأزمة التي تعصف بوطنهم 2011.


مئات الآلاف نزحوا في مأساة قل نظيرها تاريخياً، حاول كثيرون استغلالها لمآرب سياسية. لكن السوري، وإن انجرف بالكثير منها، فإنه يريد حقه في الحياة، وبالتالي العمل.


ويرى معنيون اقتصاديون في شأن الأسواق اللبنانية أن عمل السوري الذي لا مفر منه، انعكس مضاربة على عمل اللبناني على صعد مختلفة، أقلها اليد العاملة، لكنها تمتد لتطاول مختلف الأعمال من مطاعم ومتاجر وصناعات خصوصاً منها الحلويات.



يرهق غلاء المعيشة اللبناني، بينما لم يرتفع أجره، ولا مداخيله، وينوء تحت وطأة تفاقم الأزمة حيث يتراجع العمل وحركة الأسواق، وتقل المداخيل، ويبحث عن أي طريقة تحل أزمته.


وما تسببت به العمالة السورية دفعت اللبناني الى رفع الصوت عالياً والمطالبة بضبط وتنظيم سوق العمل وتطبيق القوانين اللبنانية على هذا الوافد الجديد الذي أضيف الى مثيله من العمال السوريين المقيمين في لبنان قبل بدء الازمة السورية.


وبالرغم من الاجراءات الرسمية لضبط العمالة السورية، فإن الانفلاش السوري في مختلف المناطق اللبنانية يتطلب إجراءات حازمة تتيح للبناني العمل في وطنه دون مزاحمة وتسمح بتأمين لقمة العيش.


كيف يبدو الوضع في طرابلس التي تحتضن أعداداً كبيرة جداً من النازحين السوريين؟


محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا تحدث لـ "النهار" حول الإجراءات التي تقوم بها المحافظة بشأن العمالة الاجنبية غير المرخصة، فقال انه "في كل أسبوع، تقريباً، يصدر قرار بإقفال عدد كبير من المحال التي يديرها ويملكها سوريون، وذلك من خلال وزارة العمل، حيث يكشف مفتشو الوزارة عليها، وبناء عليه نتخذ قراراً بإقفالها بالشمع الاحمر، لان القانون ينص على ان يمنع على الاجنبي العمل في عشرات المهن في لبنان، وهناك اجانب، خصوصاً سوريين، يمارسون هذه المهن مخالفين القانون، وهم بذلك يشكلون مضاربة لليد العاملة اللبنانية، ولم يعد اللبناني يجد عملا لان السوري يؤدي هذا العمل وبأجر ارخص ويبيعون باسعار رخيصة، مما يدفع المواطنين، وخصوصاً في المناطق الفقيرة للتوجه نحو الاوفر، اي السوري. كما ان الاجنبي لا يدفع نفس الضرائب والرسوم المتوجبة على اللبناني، لذلك يستطيع ادارة اي مهنة وممارسة التجارة بشكل ارخص".


واستطرد بقوله انه "بناء عليه بادرنا بالتنسيق مع وزارة العمل لمكافحة العمالة الاجنبية غير الشرعية في طرابلس والشمال، كما في لبنان، ويمنع على اي اجنبي ادارة او استثمار أي مصلحة الا اذا كانت تنطبق عليه الشروط واستحصل على الاجازات المطلوبة".


واكد نهرا "مواصلة التفتيش وضبط الاوضاع واتخاذ الاجراءات اللازمة في الشمال من ملاحقة وإقفال، وبسبب تدني عدد المفتشين يحصل بعض التأخير، ولكننا مستمرون بالمتابعة في تطبيق القانون واحالة المخالفات على القوى الامنية التي تتخذ الاجراءات اللازمة، ويهمنا حماية العمالة اللبنانية وايقاف المنافسة غير الشرعية، مع التأكيد على اننا لسنا عنصريين، ونرحب بالسوريين في لبنان، ولكننا معنيون بحماية اقتصادنا الوطني وعمالنا وعائلاتنا".


محمود حجازي نقيب تجار الألبسة والنوفوتيه في طرابلس، اعتبر ان "النازح السوري يستثمر محلاً ويعمل فيه مع عائلته، لا ضرائب، لا رسوم، لا كهرباء، ولا رسم مياه لا اقامات، ويحصل على كامل المساعدات من الهيئات المانحة، وينافس في البيع لأنه غير مطلوب منه ان يدفع لأحد، لذلك مطلوب التنظيم والتشريع، تنظم اوضاعهم ويدفعون ما عليهم ويتساوون باللبنانيين وهذا موقت ريثما يعودون الى ديارهم".


وأضاف ان "صاحب المحل او المؤسسة السوري او اي نازح آخر يجب ان يكون عماله لبنانيين ما نسبته 50 في المئة واكثر، والمطلوب التنظيم ودفع الضرائب والرسوم اسوة باللبنانيين".


ومن جهته، يصف أمين سر جمعية تجار طرابلس غسان الحسامي الحل بـ"المستحيل"، ويقول: "قضية النزوح السوري أثرت على لبنان على صعيدين، أرباب العمل والعمالة، فالغني منهم، أسس عملا في لبنان ونافس التجار اللبنانيين، والصناعيين على مختلف الأعمال، وكذلك العمالة. مع العلم أن لبنان قبل الأحداث السورية كان يعتمد على العمالة السورية كثيرا، ولكنها كانت تتجه نحو اختصاصات لا تؤذي سوق العمل اللبناني وهي في الزراعة والقطاع العقاري، وهناك أرقام كثيرة من العمالة السورية، وكان العمل قائما".


ما زاد الطين بلة بعد 2011، أن العمالة اصبحت تتدخل بكل الأمور، بحسب الحسامي، واصبح "العمل يجري بصورة فوضوية، مما ادى إلى منافسة شرسة بحق مصلحة العامل اللبناني". وقال إن "هناك الكثير من المؤسسات التي استبدلت العمالة السورية بدلا من اللبنانية، لأن الأجر أرخص. والعامل السوري لا يترتب عليه دخول الضمان الاجتماعي، إلى ما هنالك".


ويستدرك بقوله: "لكن سوق العمل يحتاج إلى تنظيم، ويجب أن يستوفي أي عامل الشروط القانونية للعمل، وأن يحمل إجازة عمل، وإقامة، وتترتب عليه إجراءات قانونية".


واستبعد وجود أي حل، موضحاً "اننا نعيش في ظل مزيد من العبء الاقتصادي والاجتماعي الذي يواجهه لبنان بعد الأحداث السورية، والمؤسف أن المجتمع الدولي يشارك بالضغط على لبنان للقبول بالأمر الواقع، لا بل يتجه إلى الحكومة اللبنانية أم الوزارات المعنية، لفرض أمر واقع ويقول أنه يريد تقديم مساعدات للبنان. لا بل عنده أولوية، لكنها مشروطة بتأمين فرص عمل للسوريين، واللبناني يصبح تحصيلاً حاصلاً. ونحن لا شك نتحسس واقعهم، والمعاناة، وعندنا وقائع أن نصف الشعب السوري هو خارج أراضيه".


وفي جولة لـ "النهار" في الأسواق، قال رامي نعيمي، صاحب محل للساعات ان "الفوضى عارمة وكثرت محلات " الدولار الواحد" 1$ والبسطات التي تبيع كل شيء تؤثر سلباً على عملنا. فايجار محالنا مرتفع، اضافة الى اننا ندفع معاشات للموظفين، فهم يضروننا بعملنا، وارى الحل ان على الدولة ان تنظم العمل وتقفل هذه المحال لنعيش".


منذر ب. قال انه "كان يجب منذ البدء تنظيم وضع اللاجئين، فهم يزاحموننا في لقمة عيشنا، وعلى سبيل المثال شقيقي عنده مقهى صغير كان يبيع 70 فنجان قهوة في النهار وبسبب كثرة البسطات والباعة السوريين لا يبيع اليوم سوى عشرة فناجين".


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم