الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

ليلة فرنسية مجنونة لا مثيل لها... الجميع خاسرون

المصدر: "النهار"
ليلة فرنسية مجنونة لا مثيل لها... الجميع خاسرون
ليلة فرنسية مجنونة لا مثيل لها... الجميع خاسرون
A+ A-

على مدى ساعتين ونصف ساعة، استخدم المرشحان اللذان يفترض أنهما يمثلان النسيج الجديد للحياة السياسية الفرنسية، بعيداً من المؤسسة التقليدية، كل أنواع الاسلحة. بالشتائم والتحقير والسخرية، تبادل المرشحان "القصف" بلا هوادة من دون أن يتمكن أي منهما من اسقاط خصمه بالضربة القاضية، تاركَين الفرنسيين الذين لم يحسموا خياراتهم بعد أكثر تردداً والمشاهدين حول العالم مصدومين أمام مناظرة في دولة عريقة وحريصة على اللياقات، تتحول حوار طرشان. 

منذ عام 1974 تحولت المناظرات الرئاسية في فرنسا تقليدا استمر العمل به بصورة منتظمة حتى عام 2002، عندما رفض شيراك مواجهة جان-ماري لوبان الذي فاجأ العالم بوصوله الى الدورة الثانية في الانتخابات الرئاسية عامذاك. وقد أثبتت المواجهة التي حصلت أمس أن شيراك كان محقاً في رفضه، وأن النقاش مع الجبهة الوطنية صعب، إن لم يكن مستحيلاً.

وتقول صحيفة "الموند" أنه حتى الان، كانت المناظرة الرئاسية بين الدورتين الانتخابتين في الجمهورية الخامسة، منافسة تلفزيونية ذات قوانين تنطبق على المرشحين ويمكن أن تميل لصالح أحدهما تحت تأثير هجوم حاذق من أحدهما أو ضربة جيدة من الآخر.

ولكن يوم أمس، لم يحصل أي من هذا، لا بل حولت الخطة التي اعتمدتها لوبن المواجهة بينها وبين ماكرون تبادلاً طويلاً من الابتسامات الفجة والعنف والحجج المقتطعة والتلميحات غير الصحيحة.

ما حصل بتوصيف صحيفة "الفيغارو" "حوار طرشان"، "لم يُر مثيل له، ولم يسمع مثيل له".

  منذ بداية المناظرة، بدا أن لوبن المتأخرة في الاستطلاعات، تعتمد استراتيجية هجومية محاولة اخراج خصمها عن طورها، بهدف إضعافه. 

فما أن أعطيت الكلام حتى أمطرته بأوصاف تهدف خصوصاً الى تصوير الوزير السابق على أنه استمرار لولاية فرنسوا هولاند، وتقديم نفسها على أنها "مرشحة الشعب". اتهمته بأنه مرشح "العولمة المتوحشة" والوحشية الاجتماعية" و"الدمار الاقتصادي" و"تقطيع أوصال فرنسا" و"الطائفية"، و"كل ذلك بزعامة فرنسوا هولاند".
 أما ماكرون الذي حاول الاحتفاظ بهدوئه، فقد أخفق أحياناً في اخفاء غيظه، مخاطباً اياها مراراً بقول:"لا تكذبي مرة جديدة"، "هذا هراء.. تتفوهين بتفاهات.. أكاذيب كبيرة". واتهمهما مرات عدة بعدم التحضير جيداً، ومحاولة اللعب على خوف الناخبين وغضبهم، واضفاً اياها بأنها تمثل"روح الهزيمة". 

وعلى رغم الملفات التي حملتها معها المرشحة الى المناظرة، سجلت لها صحيفة "ليبراسيون" 25 معلومة خاطئة في ما يتعلق بحصة مساهمة فرنسا للاتحاد الاوروبي، أو بحديثها عن تراجع القدرة الشرائية للفرنسيين مع الاورو وغيرهما.

أخطأت لوبن في فتح النار عشوائياً على خصمها، الامر الذي أفقدها كثيراً من الصدقية، وخصوصاً عند محاولتها عبثاً خلط الحابل بالنابل لاحراج خصمها.

 وخلافاً للصورة" الرئاسية" التي حاولت اعطاءها عن نفسها قبل الدورة الاولى، بدت أمس بعيدة عن المستوى المطلوب لتولي المنصب الاول في فرنسا، متهمة خصمها بأنه "مرشح الاذعان"، وأنه "سيمثل فرنسا المستسلمة".

والأسوأ أنها لم تتردد في اللعب على وتر الحياة الخاصة لمنافسها، قائلة: "أرى أنك تلعب لعبة التلميذ والاستاذ، ولكن هذا الامر لا ينجح معي"، في إشارة الى زوجته بريجيت ماكرون التي كانت معلمة ماكرون في أميان.

 ولكن على رغم كل ذلك، لم تنجح لوبان في الاقناع بقدرتها على الاضطلاع بدور رئيسة لفرنسا ولا على طمأنة الفرنسيين في شأن خروج محتمل من الاورو.

 ولئن بدا ماكرون مقتضباً في ملف الارهاب، يمكن القول إنه سجل نقاطه الابرز في الملف الاقتصادي، وخصوصاً عندما حاولت مرشحة اليمين المتطرف شرح فكرتها عن التوفيق بين الاحتفاظ بالاورو  واستعادة الفرنك، فأسكتها قائلاً: "ما تقولينه ترهات كبيرة".

 بالنسبة الى الاستطلاعات، كان ماكرون الاكثر اقناعاً للناخبين وسجل نقاطاً كثيرة عليها في المناظرة التي لم تشهد فرنسا مثيلاً لها، الا أن صحيفة "الموند" رأت أن الرئيس العتيد لفرنسا خرج متضرراً من المناظرة أيضاً نتيجة المواجهة العنيفة والكلمات السفيهة التي تبادلها مع لوبن على مدى ساعتين.

[email protected]

twitter: @monalisaf

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم