الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

في طرابلس محبّو سينما يتحدّون التعصّب الديني وإهمال الدولة!

المصدر: "النهار"
Bookmark
في طرابلس محبّو سينما يتحدّون التعصّب الديني وإهمال الدولة!
في طرابلس محبّو سينما يتحدّون التعصّب الديني وإهمال الدولة!
A+ A-
في شارع فرعي صغير محاذٍ للبحر، يقع فندق "ڤيا مينا" الذي يؤوي حفنة من الضيوف. حركة غير اعتيادية يشهدها المكان في هذه الفترة من السنة. جدل وصخب يعلوان من الباحة الخارجية للنزل الأنيق، كاسرين رتابة الحيّ الهادئ. الدورة الرابعة من مهرجان طرابلس السينمائي (27 نيسان - 4 أيار) هي سبب هذه "الدوشة"، إذ تستضيف في المدينة أناساً يتعاطون الشأن السينمائي من مختلف أنحاء العالم.انه حلم حققه الياس خلاط، ابن طرابلس (مدير المهرجان)، ويطمح من خلاله إلى وضع مدينته المنكوبة التي شهدت تحوّلات اجتماعية منذ انتهاء الحرب، على خريطة السينما. اهمال، تقاتل مذهبي، صعود للاصولية الدينية، فقر مدقع، تراجع للذوق العام، غياب المشاريع الانمائية، وتهميش رسمي، هذا كله مدّه بطاقة لفعل شيء ما للمكان الذي ولد فيه.قبله بستين سنة، سافر الطرابلسي جورج نصر إلى مهرجان كانّ ليشارك بفيلمه "إلى أين؟" الذي يُعتبر الانطلاقة الحقيقية للسينما اللبنانية. هو أيضاً أراد وضع طرابلس على الخريطة السينمائية. كان نصر صاحب مبادرة في ايصال صوت أصيل من الريف اللبناني إلى منصّة دولية. وها انه يعود إلى مسقطه، محمّلاً سنواته التسعين، ليلقى تكريماً من أهل مدينته، ويُحتفى بسيرة سينمائية لم تنطوِ للأسف سوى على ثلاثة أفلام روائية طويلة، قبل ان ينقطع صاحبها عن الشاشة. فأهمية نصر تاريخية أكثر منها فنية؛ انه أول مخرج يمثّل لبنان في كانّ (حينها كانت الدول هي التي ترسل الأفلام)، آنذاك في دورته العاشرة. في افتتاح مهرجان طرابلس الذي جرى في مركز الرابطة الثقافية، تم الاحتفاء بنصر واستقباله بالحبّ والعناق وكلمات الاشادة الرقيقة. فهو، في هذا المعنى، انعكاس للبيئة التي خرج منها، حلم أحلاماً كبيرة في مرحلة، ولكن سرعان ما حجّمه الاتجاه الذي سارت فيه الأشياء. وبعد 60 عاماً على العرض الأول في كانّ، سيعود "إلى أين؟" إلى الـ"كروازيت"، في فقرة الكلاسيكيات، بعد أيام قليلة.  جورج نصر خلال تكريمه في مهرجان طرابلس، دورةً رابعة. مهرجان طرابلس الذي ضمّ إلى برنامجه 45 فيلماً وُلد من حاجة. فالمتسكع في شوارع المدينة، من ساحة التلّ إلى ساحة النور (حيث ترتفع كلمة الله) ومحيطهما، يشهد على عشوائية وتقهقر في الذوق لا مثيل لهما. صالات السينما القديمة التي كانت يوماً الواجهة الحضارية للمدينة، ذابت على مرأى من روادها السابقين، وباتت أماكن يسكنها العفن والذكريات. الاهمال البيئي تراكم في أماكن كثيرة، مظاهر التدين والأسلمة اشتدت، لكلّ زعيم بؤرته وزلمه وناخبوه، لافتات ضخمة لقادة سياسيين ارتفعت على المباني العالية وفي الساحات. لم توفر صور "منقذي" الطرابلسيين وكرامتهم، لا ساحة ولا زقاقاً ولا جداراً من تلوث بصري رهيب. وكم تبدو كئيبة وخارج الزمن مدينة أُقفلت فيها دور العرض التي تُعتبر في العالم المتحضّر وسيلة تسلية راقية ونافذة يطلّ عبرها الناس على حيوات الآخرين. ولكن، هنا في طرابلس، شأنها شأن مناطق لبنانية اخرى، المرجعيات الدينية والسياسية تستثمر في الجهل كي تستمر في فرض قبضتها على الناس والتحكم بمصائرهم. بعض الأقطاب والمتمولين يرعون نشاطات ثقافية، ولكن في اطار ما يتوافق مع تطلعاتهم الضيقة ومصالحهم.  أمام احدى دور العرض التي أصبحت "معرضاً" لصور زعيم سياسي راحل وابنه، يجلس بعض "الحيطيست". أدخلها لإلتقاط صور للأفيشات القديمة المصفرة التي لا تزال تزيّن الجدران المتهالكة. يسمح لي المسؤول بالتقاط البعض منها بحذر وريبة شديدين. ثم، خلال مرورنا بالسيارة أمام الصالة عينها، يخطر لي التقاط صورة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم