الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

حرب القانون

سمير عطاالله
Bookmark
حرب القانون
حرب القانون
A+ A-
بعد سقوط السوفيات، انقلبت حياة الناس في جمهوريات الاتحاد، وتزعزعت طمأنينتهم، وانهارَ مستوى المعيشة على نحو مرير. وعندما تكاثرت الجثث المرمية على الأرصفة ومداخل المباني في تصفيات المافيا، قال بعضهم: "ها هي الرأسمالية تعلن وصولها (1)". وحملت البيريسترويكا شيئاً من الأمل بالحرية، لكن الضرر المعيشي الذي لحق بالناس جعلهم يلعنون ميخائيل غورباتشوف، ويتهمونه بالعمالة لأميركا، والتآمر معها على تدمير الاستقرار. حتى في رومانيا، النظام الأكثر قمعاً في "المنظومة الاشتراكية"، شعر كثيرون بالندم لأنهم كسبوا الحرية وخسروا الكفاية. فالأنظمة الشيوعية كانت توفر للناس، ولو بغير وفر، الضمانات الجوهرية في العمل والعلاج والسقف. وكان ثمة ضيق كثير، ولكن من دون شعور باليأس، ومن دون مشردين يفترشون الأرصفة ويلتحفون أكياس الورق.كل مساء وأنا عائد الى الفندق في نيويورك، أمر أمام كاتدرائية سان باتريك، فأرى المشردين يتخذون الواحد بعد الآخر، فسحة منامهم أمام بوابتها الضخمة، وكل واحد منهم معه "كل" منزله، وهو عبارة عن صندوقة كرتون، للاستلقاء والاتقاء. ولكن ماذا يمكن أن تتقي في برد نيويورك أو في حرها؟وعلى مسافة قصيرة من "السان باتريك" تقع أفخم مخازن العالم. وتضاء أشهر محلات المجوهرات. ويقوم برج واحد على الأقل من "أبراج ترامب"، التي تملأ المدينة، وتسورها أيضاً. في موسكو السوفياتية، شاهدت شوارع وجادات ومحطات مترو نظيفة وناصعة. لكن الروس الذين دعيت الى زيارتهم كانوا يقطنون في بيت داخل بيت، وكأنهم في "كومونة". وكان الاستاذ الجامعي بينهم ينتظر دوره ست سنوات للحصول على سيارة "لادا". ولن يحصل عليها إذا لم يكن عضواً في الحزب. وليس من مكان، على مدى الكتلة الشرقية، تستطيع أن تذهب إليه وتختار سيارتك وتخرج بها، كما في آخر اصقاع الريف...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم