الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

نداء إلى اللبنانيين الفرنسيين لا تنتخبوا "الداعشية الفرنسية"

المصدر: "النهار"
عقل العويط
نداء إلى اللبنانيين الفرنسيين لا تنتخبوا "الداعشية الفرنسية"
نداء إلى اللبنانيين الفرنسيين لا تنتخبوا "الداعشية الفرنسية"
A+ A-

غداً الأحد تشاركون بصفتكم فرنسيين في انتخاب رئيسة أو رئيس للجمهورية الفرنسية. 

ليس لي أن أعظ أحداً، ولا أن أوحي إلى أحد بانتخاب مرشّحٍ ما.

لي فقط أن ألفتكم إلى أن فرنسا في خطرٍ وجودي، بسبب انهيار القيم التي قامت عليها الجمهورية الخامسة.

السبب، هو فقدان بوصلة الوعي النقدي السياسي في فرنسا بالذات، في أوروبا عموماً، بل في العالم الغربي برمّته، بل في العالم كلّه، بما يعني ذلك من تشوّهٍ في المفاهيم والمعايير، ومن استهزاء بسلّم القيم، ومن ماكيافيلية مريضة لا تشبع ولا ترتوي.

عندي رجاءٌ وحيد: هذه الفرنسا المهدَّدة في قيمها ووجودها، تستحقّ منكم الوفاء.

مثل هذا الوفاء يتجسد غداً، في أن يكون اقتراعكم "مفيداً"، بحيث ينمّ عن ممارسة ديموقراطية عالية، عاقلة، جوهرية، ومترفعة، لا عن ردّ فعلٍ مراهق... على الطريقة الغرائزية اللبنانية.

والحال هذه، من المفترض أن تشاركوا في حماية القيم التي قامت عليها الجمهورية الفرنسية.

لأن هذه القيم هي نفسها في خطر. ومن شأن هذا الخطر أن يطلق رصاصة الرحمة على هذا المثل النادر في الديموقراطيات الحديثة.

ولأن هذه القيم في خطر، من مسؤوليتكم غداً أن تساهموا في إبعاد شبحه المريع، من خلال وعيكم العميق لمعنى المشاركة في عملية الاقتراع، بحيث لا يشكّل اقتراعكم لمرشحةٍ أو مرشحٍ ما، مساهمة خطيرة في تعميق الانزلاق الفرنسي نحو الهاوية.

الثقافة "الداعشية" – وهي متعددة الوجوه والمعاني والدلالات و... الأديان - تغزو العالم كلّه، شرقه وغربه، شماله وجنوبه. فلا تسمحوا لهذه الثقافة بأن تستولي على فرنسا.

قبل يومين، تدخّل "داعش" مباشرةً في الانتخابات الفرنسية، من خلال العمل الإجرامي الشنيع المرتكَب في جادة الشانزيليزيه، بما تحمله هذه الجادة من رمزيةٍ غائرة في الوجدان الجمعي الفرنسي.

كيف يمكن "تجيير" هذا العمل الإجرامي في الانتخابات غداً؟ ولصالح مَن؟

لا يصعب على أيّ صاحب منطق، أن يدرك الفائدة التي يرتجيها "داعش" الإسلاموي من عملٍ كهذا، يؤدي إلى "تجيير" الاقتراع لصالح "الداعشية الفرنسية" المضادّة.

"الداعشية الفرنسية" ستقترع غداً لصالح التطرف الأرعن، فلا تكونوا أنتم جزءاً من هذه "الداعشية الفرنسية".

لا تنتخبوا كردّ فعل. بل حكِّموا الوعي السياسي البعيد المدى. وانظروا إلى مصالح فرنسا العليا، وإلى معنى وجود مثل هذه الدولة في العالم، بالقيم التي تؤمن بها، وتعمل على تعزيزها.

"داعش" شريكٌ أساسي في الانتخابات التي تجرى غداً. فلا تكونوا "داعشيين".

جنِّبوا فرنسا هذه الكأس المسمومة، بالقدْر المتاح لكم من أصوات المقترعين.

المرشّحون إلى الرئاسة الفرنسية ربما ليسوا بالمقام الذي ترتجيه فرنسا لنفسها.

ليس عليكم، والحال هذه، سوى أن "تمتنعوا" عن الاقتراع لـ"داعش" فرنسا.

هذا أولاً.

ثمّ أن تختاروا من بين المرشّحين الآخرين، مَن قد يكون الأكثر تمثيلاً للقيم الجمهورية الفرنسية.

[email protected]



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم