الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مصدر أمني يكشف لـ"النهار" حقيقة الاشكال حول كوب النسكافيه

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
مصدر أمني يكشف لـ"النهار" حقيقة الاشكال حول كوب النسكافيه
مصدر أمني يكشف لـ"النهار" حقيقة الاشكال حول كوب النسكافيه
A+ A-

النار تغلي تحت الرماد في بلدة قب الياس، بعد يوم دامٍ شهد جريمة مزدوجة راح ضحيتها صاحب "اكسبرس" وزبون اعتاد ان يحتسي القهوة لديه. الأجواء تبدو هادئة بعد ردة فعل عاصفة لعائلتين خسرتا اثنين من ابنائهما، من خلال تحطيم محلين تعود ملكيتهما لعائلة الجاني مارك يميّن، الا أن بركان الغضب يشتعل في نفوس اقرباء الضحيتين طلال عوض وخليل القطان.

الساعة الخامسة صباحاً من يوم أمس لم تكن عادية لبلدة قب الياس، رصاصتان خرجتا من مسدس ابن الثالثة والعشرين ربيعاً أحدثتا صاعقة في البلدة، دماء سالت "لأسباب تافهة"، وضحيتان التحفتا التراب، لتبدأ حكاية مأسوية لا أحد يمكنه التكهن بنهايتها.

نديم يميّن، والد القاتل، سارع الى تسليم ابنه لامن الدولة في محاولة لتهدئة الاجواء وحماية حياة ولده من ثأر لا تحمد عقباه، ولفت في اتصال لـ "النهار" الى أن "ما حصل مصيبة في ساعة تخلّ، لكن ربط وسائل الاعلام الأمر بكوب نسكافيه أمر معيب، كأن الانسان بات رخيصاً الى هذه الدرجة". وأضاف: "أمس أغلق مارك المحل وانطلق مع اصدقائه للقيام بجولة في السيارة، قبل أن يقع الاشكال مع القتيلين، والى الآن لا أحد يعلم ما جرى الا من هم قيد التحقيق".



(الضحيتان)


سبب حمله السلاح

الجميع صوّب على السلاح المتلفت، اما عن سبب حمل يمين المسدس، فأجاب والده: "لم يحمل ابني السلاح الا قبل ثلاثة اشهر من الآن للدفاع عن نفسه، بعد اطلاق النار على محل الكحول الذي يملكه قبل يومين من عيد الميلاد، وكاد حينها ان يصاب. كل الأجهزة الأمنية من أدلة جنائية ومخابرات وقوى أمن لديها علم بما حصل حينها، كما تداولت وسائل الاعلام الخبر، ومع ذلك لا شيء يبرر ما جرى بالأمس".

العائلة أصدرت بياناً استنكرت فيه ما حصل بعد تسليم مارك. وقال والده: "سلمت مارك بيدي، كان هارباً ومصدوماً". وعن ردة فعل اهالي الضحيتين بتحطيم المحلين اللذين تعود ملكيتهما الى يميّن، قال: "لا ألومهم، فورة غضب على القتيلين، كل شيء بالمال يعوض، وكل ظفر للقتلى يساوي أموال العالم".


جريمة مقصودة

على العكس من يميّن، رأى ابن شقيق الضحية طلال عوض، زاهر العاصي ان "ما حصل كان مقصوداً، ولو ان الامر يتعلق بكوب نسكافيه لم يعجبه مذاقه كما يتم التداول، لكان في امكانه ان ينسحب ويبتاعه من مكان آخر، اما ان يردي رجلين بدم بارد فهذا امر لن نسكت عنه، واذا لم تأخذ العدالة مجراها، فسنأخذ حقنا بيدنا، لن نقبل بأقل من الاعدام ولو تدخل رئيس الجمهورية".

لا شيء سيعيد ابن الستين عاما الى ابنائه الثمانية، وهو كما قال عاصي "كرّس حياته لتربيتهم، كان هدفه تأمين مستقبل زاهر لهم، لم يرد ان يعانوا كما عانى في صغره، إذ دخل سوق العمل في سن مبكرة، فتح اكسبرس لبيع القهوة قبل خمس سنوات لتأمين مدخول اضافي لا يزيد على عشرين الف ليرة على راتبه من وظيفته لدى عائلة النخلاوي كسائق جرافة، كان يقصد الفان من الساعة الخامسة صباحاً الى السابع والربع، يوّزع القهوة اكثر مما يبيعها، وذلك قبل ان ينطلق الى عمله الآخر".

حصل عوض على الجنسية اللبنانية بعدما كان يملك اوراقا قيد الدرس، سكن في حي البحصاص، اما "الاحاديث التي يتم تداولها عن انه كان يبيع المخدرات فعارية من الصحة"، قال العاصي، قبل ان يضيف: "يريدون ان يشوّهوا صورته في مماته، هو الذي عاش حياته بما يرضي الله، قبل ان يقتل برصاصة في قلبه من ابن مسؤول مافيا في المنطقة".

أين الدولة من الزعران؟

كما عائلة عوض، اعتبرت عائلة القطان ان ما حصل لم يكن قضاء وقدراً. وبحسب نور، ابن عم خليل، "نرفض اي حديث عن ان ما حدث لم يكن مقصودا من شاب يعتبر نفسه "عنتر"، أنهى حياة رجلين بلحظات، واذا لم تربّه الدولة فسنفعل نحن ذلك". واضاف: "اعتاد خليل ان يحتسي القهوة يوميا عند عوض قبل ان يقصد عمله في كسارة بيت البص، كل ذلك انتهى برصاصة".

ابن بلدة بوراج والد لخمسة ابناء، هم شابان وثلاث فتيات. وقال نور: "طلب مارك ومعه اصدقاؤه الاربعة نسكافيه مع حليب، كان جواب عوض ان لا حليب عنده. حصل تلاسن بين الاثنين، فتدخل خليل لتهدئة الامور، ووقع ما لم يكن في الحسبان". وتساءل: "اين الدولة من امثال مارك، الذين يتغنون بحمل السلاح من خلال صور على فايسبوك؟ لقد حرم عائلة والدا يبلغ من العمر 55 عاما، كان يعمل 20 ساعة يوميا من اجل الحصول على رزقه بعرق جبينه".

رواية الامن

مصدر أمني أكد لـ"النهار" ان "لا خلفية قديمة للاشكال، مارك سأل عوض ماذا تضع في كوب النسكافيه، فكان جوابه "هذا عملي". حصل تلاسن بين الاثنين، عندها قال عوض لا نسكافيه عندي للبيع، قبل ان يبدأ الاشكال ويطلق الشاب رصاصتين من مسدس عيار 9 ملم ويردي عوض وخليل الذي تدخل لتهدئة الاجواء، ليسلم نفسه بعدها مع اصدقائه الاربعة الذين كانوا معه الى امن الدولة". واضاف: "سيتم تحويل مارك الى مفرزة زحلة القضائية للتوسع بالتحقيق، أما أصدقاؤه الاربعه فلا يزالون قيد التحقيق".


الخلفية النفسية للمجرم

"الوضع الأمني المتفلت وعدم وجود مؤسسات مسؤولة وعدم قيام القضاء بدوره"، أسباب مساعدة على ارتكاب الجرائم بحسب اختصاصية علم النفس الدكتورة منى فياض التي لفتت في اتصال لـ"النهار" الى انه "في الظروف العادية لن يرتكب الشاب جريمته، ومع هذا، فإن المسألة تتعدى الاشخاص، ليس كل شاب يرتكب جريمة في ظل الوضع الأمني المتردي، ومن يقدم على هذه الخطوة لديه استعداد وهشاشة في مكان ما، اضافة الى مشاكل داخل عائلته وفي بنيته النفسية، بما يجعله سريع الغضب".





(مكان الحادثة)


اما اختصاصية علم النفس هيفاء السيد فقالت: "يجب معرفة خلفية الشخص الذي ارتكب الجريمة، ان كان غير اجتماعي او ارتكب فعلته دون قصد"، واضافت: "يمكن ان تكون العدوانية وراثة تجعل الشخص يرتكب انحرافات اجتماعية، العدوانية يمكن ان تنقلب على ذاته فتتحول الى قلق واكتئاب وشعور بالذنب، او على الخارج من خلال ارتكاب جرائم قتل وسرقة وادمان".


لا علاقة للوضع المادي بارتكاب الجرائم. ولفتت السيد الى انه "حتى وان كان الشخص ميسور الحال، قد يشعر بالحرمان العاطفي واهمال العائلة له، وهو ما قد يدفعه الى تعاطي الكحول او المخدرات، وعندما يفقد وعيه وادراكه يرتكب اشكالات بتأثير من اسباب تافهة، كما ان الدلع المفرط من العائلة لولدها يؤدي الى النتائج نفسها، إذ تجعل منه شخصا عديم المسؤولية لا يهتم بمن حوله، بما يوّلد لديه نقمة على عائلته ومجتمعه لكونه شخصاً يتكل على غيره".


ايا تكن الأسباب الكامنة وراء ارتكاب مارك جريمته، يبقى السلاح المتلفت بين أيدي الناس السبب الرئيسي للجرائم التي تحصد دماء الابرياء!


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم