الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

المسؤولية الإجتماعية للقطاع المصرفي في لبنان

جورج طانيوس الزغبي
المسؤولية الإجتماعية للقطاع المصرفي في لبنان
المسؤولية الإجتماعية للقطاع المصرفي في لبنان
A+ A-

من المؤسف هذا الإتجاه في السلبية وطريق الهدم الذي يسلكه أهل السياسة والمشرفون على شؤون الدولة.  

فالنظام عندنا يرتكز على الحرية والليبرالية والتنافس الإقتصادي والفكري. انما الفارق كبير بين الكلمة الحرة المسؤولة التي تقال بكل موضوعية وتقدير لمفعولها، وبين الشتائم أو العنتريات التي لا تفيد بشيء بل تخلق جواً ثقيلاً من عدم الثقة عند الناس في الداخل وعند الأمم التي تنظر إلينا وتتابع أعمالنا لا سيما تلك التي تريد مد يد العون والمساعدة.

لقد شاهدنا في الفترة الأخيرة طفرة من الكلام والإتهامات وأخبار الفضائح والفساد وبخاصة من السادة النواب والوزراء وكأن المسؤولية تقع على المواطن.

وقد طاولت الإتهامات العديد من الجهات وبخاصة القطاع المصرفي. فالدولة بحاجة إلى المال وعلى الذي يملك أن يدفع ملبّياً الطلب لأنه حقق أرباحاً مرتفعة... هنا يطرح السؤال الأساس: هل يحق للحكومة أن تمد يدها الى خزائن الناس متى كانت في ضيق وحاجة؟ هل يعتبر هذا الأمر تغييراً لنظامنا الحر؟

فبلدنا يرتكز على حرية العمل في شتى القطاعات وفقاً لقوانين محددة ومعروفة على أن تُدفع الضرائب أيضاً كما تفرض القوانين؟ والمصارف عندنا جزء أساس من هذا النظام وداعمة كبيرة للإقتصاد ومحركة للنمو. فلماذا كل هذا الضجيج حولها؟

إذا كانت في عملية ما ومرحلة ما قد حققت أرباحاً تجاوزت المعقول والمسموح فلتفتش الحكومة عن المسؤولين وتحاكمهم بعدل وحق؟. وليكن هذا درس ومثال لمختلف القضايا التي تثار حولها شبهات الهدر والصفقات... لماذا اللجوء دائماً إلى الشتيمة؟

فإذا كنا مع كل الحريات ومع فكرة قيام المؤسسات، فهذا يفرض إحترام مبدأ الحق في العمل والربح وتقديم المساهمات كما يقرر صاحبها شرط أن تتم مختلف هذه العمليات بالطرق السلمية والشرعية.

كأننا اليوم في مرحلة تبديل النظام الليبرالي الحر! وهذا هو الخطر الأكبر على البلد. فإذا كانت المصارف تعمل وتربح وتساهم في تبرعات لدعم قضايا المجتمع العديدة فهذا من حقها ومن ضمن ما يسمح به نظامنا الذي يقوم ويستمر على فلسفة الحريات ومن ضمنها حرية الفرد المقدسة.

من هنا نعود إلى نقطة مهمة في مقالة الصحافية سلوى بعلبكي التي تتناول مختلف المواضيع المالية والإقتصادية بجرأة وإندفاع. إن الصحافية ركزت في مقالتها على دور القطاع في دعم حركة المجتمع من حيث التوظيف، والتأمينات المتعددة لعدد كبير من الناس وتسجيلهم في الضمان وتطبيق القوانين. لكن المستغرب أن يتحول الموضوع من هذا الإطار إلى الإشادة والتحليل لأصحاب المصارف لأنهم يوظفون الناس ويدفعون لهم لتدبير شؤون أعمالهم. فلا منّة من أحد على أحد لأن التعاقد يتم بالتراخي والتوافق ويؤدي الموظفون أعمالاً لازمة لنجاح كل مصرف وتقدمه ونموه وإرتفاع ارباحه! وهذا حق من حقوق كل من رب العمل والموظف. ثم أوليس على رب العمل، أي رب عمل، أن يؤمّن لموظفيه العدالة في الأجور والمعاملة والتقدير؟!

أما من ناحية ما تقدمه المصارف لعدد كبير من الجمعيات والمؤسسات من دعم مالي لتيسير اعمالها ونشاطاتها الإنسانية والبيئية وغيرها، فهذا عمل وطني لائق ولازم وواجب. لكن هناك من يعطي لمصلحة له في هذا العطاء.

وهم يعطون القليل من فائض فائض أرباحهم أو حتى من فائدة أموالهم. وهذا حق لهم علينا أن نحترمه أيضاً. إلا أن الذين يتعاطون شؤون تنظيم النشاطات الثقافية والفنية والرياضية يعرفون كم صعب أن يحصل على دعم من أي بنك (بصفة SPONSOR) حين لا تكون لهم مصلحة أو فائدة لهم بالتحديد. وهذا ما يدعو أهل الربط في هذه المصارف الى بعض التعديل في سياستهم والإنفتاح أكثر على شؤون الناس والبلد.

وإذا كان بعض رواد المصارف يشعرون بمواقف الناس منهم أفلا يفرض عليهم هذا الوضع تبدلاً في المعاطاة لمزيد من العدالة والدعم!؟ أفلا يدعو الوضع الصعب اليوم منهم تحركاً واستراتيجية واضحة لدور لهم في عملية تشجيع ودعم المشاريع الثقافية والفنية والتربوية؟ وأن يفتحوا قلوبهم وعقولهم وعيونهم أكثر على الناس والبلد. إن دور كل مؤسسة في كل قطاع هو العمل بكل جهد لإعادة الثقة بالبلد والمساهمة في إيجاد حلول للأزمات الإقتصادية والمعيشية ودفع البلد إلى الأمام.

فالقاعدة الذهبية التي ما زال مفعولها قائماً تقول أن لبنان ما صمد وازدهر يوماً إلا بفضل المبادرات الفردية ونجاحها.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم