الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

إن الرجال... قليل

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
إن الرجال... قليل
إن الرجال... قليل
A+ A-

أما وقد انتهت "فترة السماح" المرافقة لزمن العيد، فإن الأسئلة التي ينتظر المواطنون أجوبةً صريحة عنها هي الآتية: 

هل تعمل السلطتان التنفيذية والتشريعية فعلاً على إنتاج قانون للانتخاب... أم لا؟

هل تعملان على إنتاج قانون للإنتخاب يأخذ في الاعتبار أحلام الناس في التغيير، وتوقهم إلى الديموقراطية الحقيقية... أم لا؟

إذا كانتا تعملان فعلاً على التوصل إلى قانون كهذا، أما كان ينبغي لهما التوصل إلى هذا القانون الموعود ضمن المواعيد الدستورية المعلومة، كي لا "يضطر" الرئيس، رئيس البلاد، إلى استخدام صلاحيته الدستورية بتعليق عمل مجلس النواب شهراً كاملاً، علماً أن هذا المجلس الكريم كان في تلك اللحظة يتحضّر بشغفٍ مَرَضيٍّ مريبٍ للغاية إلى التمديد لنفسه للمرة الثالثة؟

في ظل العجز الفاضح عن إنتاج القانون الموعود، وفي ظلّ التصريحات السياسية التي يطلقها الأطراف، كلّ الأطراف، والتي لا تغني ولا تسمن، يجد المواطن نفسه أمام الحقيقة الآتية: هاتان السلطتان لا تمثلاّن توق الناس إلى ممارسة حقّهم الديموقراطي في اختيار ممثّليهم. تالياً، هما سلطتان غير شرعيتين. والحال هذه، ومن أجل أن لا يتفاقم الوضع العام في البلاد، لا بدّ من ممارسة الضغوط الديموقراطية الموجعة لإنتاج شرعيتين، برلمانية وحكومية، تمثّلان الوجدان الجمعي للناس.

واضحٌ من هذا كلّه، أن الطبقة السياسية، في شقّيها التنفيذي والتشريعي، غير صادقة. لو أردتُ أن أكون "قليل التهذيب" – وأنا لا أريد – لاستخدمتُ تعبيراً تقنياً دقيقاً يعبّر عن مقتضى الحال، ويقدّم الوصف الحسي الملموس لطبيعة هاتين السلطتين، ولـ"مزاياهما الأخلاقية".

القضية وما فيها أن لا أحد في هاتين السلطتين يقيم لـ"الرجولة" السياسية والوطنية شأناً، فيعمل على كشف المستور، ونشر الغسيل الوسخ على السطوح، ويفضح معطّلي التوصل إلى قانون جديد للانتخاب يتلاءم وتطلّعات الناس المدنيين الديموقراطيين الأحرار. أقول "الرجولة"، وأنا لا أقصد "الذكورة" طبعاً، بل أعني قيم الشرف والكرامة والصدق والنزاهة والشفافية والإخلاص... والمسؤولية التي يفرضها مبدأ تمثيل المواطنين، وحماية مصالحهم الوطنية العامة.

ترى، أتكون قد انعدمت هذه القيم لدى مجمل أهل هاتين السلطتين "الكريمتين" اللتين تغتصبان التشريع والتنفيذ والحكم اغتصاباً، وتحولان دون تداول السلطة تداولاً طبيعياً، أياً تكن النتائج التي يفرضها هذا التداول؟

قيل "الكذب ملح الرجال". لا. هذا ليس صحيحاً. فالكذب ليس ملح الرجال. لو كان بين أهل السلطتين "رجال" حقيقيون لكان ينبغي لهم أن يقولوا الصدق، ويعلنوا الحقيقة على الملأ.

قيل أيضاً إن الكرام قليل. الحقيقة أن المسألة ليست مسألة كرم، بل كرامة. والرجال في هذا المعنى... قليل.

[email protected]


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم