الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بعد الـ"59"، كباش عون وبرّي هل سيبقى مستمراً؟

المصدر: "النهار"
سركيس نعوم
سركيس نعوم
بعد الـ"59"، كباش عون وبرّي هل سيبقى مستمراً؟
بعد الـ"59"، كباش عون وبرّي هل سيبقى مستمراً؟
A+ A-

حسناً فعل رئيس الجمهورية العماد ميشال #عون عندما قرّر اللجوء الى المادة 59 من الدستور لمنع الرئيس نبيه بري وعدد من الكتل النيابية والنواب المستقلين من تمديد ولاية مجلس النواب سنة واحدة خلافاً لإرادته. ذلك أن المادة المذكورة لا تحتمل تأويلات متناقضة ولا تحتاج الى احتمالات المختصين من رجال القانون ولا سيما بعدما صارت مهمة معظمهم إيجاد غطاء قانوني لكل ما يريده الحكّام في لبنان. وهم ثلاثة عملياً وإن كان في جوهره غير قانوني ودستوري في آن. فهي واضحة وصريحة. وكاد البعض من معارضي سلبية سيّد بعبدا من "التمديد" أن يذهب الى اجتهاد يجعل توقيع رئيس الحكومة على مرسوم أو قرار تعليق عمل مجلس النواب شهراً وفقاً للمادة 59. لكنه عدل عن ذلك عندما قيل له، وهو العارف أصلاً، أنه كان في إمكان واضعي الدستور النص على تلازم التوقيعين المُشار إليهما لو كانت هذه نيته، كما فعل عندما نصّ صراحة على ضرورة توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب. 

طبعاً لم يحلّ اللجوء الى المادة 59 الخلاف على التمديد جرّاء استمرار تعذّر الاتفاق على مشروع #قانون_انتخاب جديد. بل أرجأ حسمه شهراً كاملاً يعود بعدها الى الاحتدام في السياسة وفي الشارع إذا بقي كل من الأفرقاء السياسيين الوازنين راكباً رأسه ومتمسكاً بعناد بموقفه ومشروع قانون الانتخاب الذي يراه.

ماذا يحصل إذا فشل هؤلاء في الاتفاق على "مشروع قانون" يرضيهم كلهم أو بالأحرى يحفظ مصالحهم السياسية لا بل يعززها لأن الأولوية كانت لها دائماً عندهم لا مصالح ناخبيهم و"شعوبهم"؟

قد يعود البعض الى نظرية "استمرار المرفق العام" باعتبارها "مبدأً" تشريعياً يمكّن مجلس النواب من متابعة عمله التشريعي والرقابي – الحسابي رغم انتهاء ولايته الدستورية وعدم تمديدها بتعديل دستوري معروفة شروطه وقواعده. وهي نظرية "آمن" بها في وقت واحد طرفي "الصراع" الدائر حالياً حول قانون الانتخاب وهما الرئيس عون والرئيس برّي. لكن يبدو أن الأخير ضعف إيمانه المُشار اليه ولذلك بحث عن وسائل أخرى لتلافي الفراغ التشريعي، ويبدو أنه وجد ذلك. و"المبدأ التشريعي" هذا ليس قانونياً ولا دستورياً في نظر قانونيين لبنانيين كبار يرفضون أن يضعوا علومهم وخبرتهم القانونية لتحقيق مصالح سياسية لمن يعملون معهم وإن باجتهادات غير قانونية. فنظرية استمرار عمل المرفق العام ينطبق على القضايا الصادرة في شأنها قرارات عن المجلس الدستوري. وتطبيقها على مجلس النواب أمر خطير ومؤذ لأنه يخالف وفي وضوح النصوص التي تحدّد ولاية المجلس بشكل صريح وواضح وإن في قانون الانتخاب وليس في الدستور. وهي تستند الى مبدأ أساسي هو السيادة كما الى مقدمة الدستور. والسيادة تعود الى الشعب يمارسها عبر المؤسسات الدستورية. ومن الناحية الفقهية – الدستورية فإن سلطة التشريع مفوّضة الى مجلس النواب من الشعب وهو يمارسها بوكالة منه لمدة 4 سنوات. وعندما تنتهي الوكالة فإنها تعود الى الشعب. ولذلك لا يمكن تمديد ولاية المجلس من دون إرادته. ويعني ذلك ضرورة احترام دورية الانتخابات وهو مبدأ دستوري في الدول الديموقراطية. إلا طبعاً إذا حصلت ظروف استثنائية وقاصرة. ولبنان ليس في هذه الحال الآن رغم صعوباته الكثيرة.

انطلاقاً من ذلك يشير قانونيون جدّيون و"علماء" الى أن "الكباش" بين عون وبري مستمر، والى أن عدم توصلهما الى تفاهم على قانون انتخاب سيفتح باب صراع قانوني – سياسي داخل المجلس كما يشرّع باب الاحتجاجات في الشارع. واللبنانيون يعرفون أنه شوارع وأن اللجوء إليه يفتح الباب أمام تطورات أمنية – سياسية تضع البلاد كلها على كف عفريت. فمن الناحية السياسية القانونية سيلجأ #بري الى إعطاء صفة الاستعجال لمشروع قانون التمديد. ويعني ذلك أن رد رئيس الجمهورية له يجب أن يتم خلال خمسة أيام، وأن رئيس المجلس سيكون عنده وقت حتى 31 أيار لعرض القانون المُردّ وتحوّله نافذاً إذا نال ثقة نصف عدد النواب زائد واحد أي 65. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل هناك من يضمن نجاح بري في تأمين 65 نائب مؤيّدين لتأكيد التمديد ورفض "الردّ"؟ ولا أحد يمتلك جواباً جازماً عن هذا السؤال سلبياً كان أو إيجابياً. "فكسر" كلمة رئيس الجمهورية هنا ستكون لها انعكاسات خطيرة على العلاقة بينه (و"تياره الوطني الحر") وبين "حزب الله" حليفه الوثيق والمحقّق الأوحد لمكاسبه السياسية وغير السياسية منذ 2006 وشريك بري في الثنائية الشيعية. ومن يعرف قادة هذا "الحزب" يعرف أنهم ورغم صدمتهم بمواقف "ولي عهد" عون صهره الوزير جبران باسيل وأخيراً لتغطيته لها وتبنيها لن يكسروا الجرّة معه. فالوضع في البلاد والمنطقة يقتضي استمرار التحالف والحذر في وقت واحد. وهم قادرون بوسائل عدة على وقف أي "تحوّل" دراماتيكي له عنهم بأكثر من وسيلة سياسية وغير سياسية فضلاً عن وجود اقتناع عند كثيرين بأن فوضى الفراغ النيابي وفوضى الشارع سيصبان في غير مصلحته. فهما سيجعلان الهيئة التأسيسية حتمية رغم أن بلوغها لن يكون على البارد. وهو متهم من كثيرين بأنه يريدها، كما أنهما ستقربان السنّة والشيعة من بعضهما وهم الأكثرية ديموغرافياً في البلاد وسيكون ذلك على حساب المناصفة بين المسيحيين والمسلمين بل على حساب الدور المسيحي وخصوصاً إذا أثبتت التطورات المحلية والاقليمية للفريقين أي السني والشيعي أن الرهانات المسيحية التي رفضاها معاً في الماضي وقاتلاها لا تزال موجودة وستنتظر فرصة العودة الى الحياة في الوقت المناسب. والذي يدفع الى القلق والحذر هو المعلومات الموثوقة التي تفيد أن الرئيس عون ربما يتبنى نظرية "مجتهدون قانونيون" تفيد أن الفراغ لن يستمر أكثر من ثلاثة أشهر لأن إجراء الانتخابات سيكون ممكناً قانوناً عند تطبيق المادة الدستورية التي تتحدث عن حل مجلس النواب إذ يقولون أنه يمكن اعتبار المجلس المنتهية ولايته منحلاً. من هنا فإن مقولة التاريخ يعيد نفسه وبكل أخطائه قد لا تكون خاطئة تماماً.

[email protected]


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم