الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

Rira bien qui rira le dernier

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
Rira bien qui rira le dernier
Rira bien qui rira le dernier
A+ A-

"حسناً" فعل رئيس جمهوريتنا حين استخدم أمس الأربعاء صلاحيته بتعليق عمل مجلس النواب لمدة شهر، مما حال اليوم الخميس دون انعقاد الجلسة التاريخية الميمونة المخصصة لـ"تشريع" التمديد المهين للمرة الثالثة. 

لولا ذلك، لكان انقسم البلد بين مسلم ومسيحي، أكثر مما هو منقسم، ولكان نُشِر غسيل "الثنائيات" المكروهة على السطوح، ولكان تَسَكّر البلد، بالإضراب والتظاهر، ولربما لكان انفلت الحبل السياسي والأمني على الغارب، ولما كنا تمكنّا بالتأكيد من الاجتماع للصلاة على سمير فرنجية.

"شكراً" لفخامة الرئيس.

أما بعد، فخلال هذا الشهر يؤمل أن يجترح أهل الفساد القيمي والأخلاقي والدستوري والوطني طريقة فاسدة (بالتأكيد) يتوصلون بواسطتها لإقرار قانون للانتخابات، يؤبّد وجودهم، ويلغي كلّ احتمالات "التغيير والإصلاح".

أعتقد بتواضع أنهم لن يتمكنوا من الوصول إلى مثل هذا الاجتراح الموبوء، إذا ظلّت الأمور على ما هي عليه راهناً.

لأن الذين "أكلوا الضرب" اليوم، لن يناموا على ضيم، بل هم سيردّون الصاع صاعين، وربّما أكثر.

هذا تنبّؤُ (وعدٌ) منّي. ولن أُخِلّ بهذا التنبّؤ – الوعد.

ما أستطيع أن أؤكده للبنانيين، أن لا أحد يدري إلى أين سيوصلنا فعل الضيم السياسي – الدستوري الذي مورس بين أمس واليوم، وإلى أين سيوصلنا ردّ الفعل السياسي - الدستوري المتمثل في عدم النوم على ضيم.

هناك شهرٌ، أقول للوزير المهندس المفوّه الذي ظنّ أن "فريقه" أحرز بين أمس واليوم نصراً مبيناً، إن هذا الشهر سيكون شهراً تحضيرياً للانقضاض والانتقام.

بشيء من الجدية والرصانة، أسأل: هل إرجاء عمل مجلس النوّاب سيغيّر شيئاً في المعادلة القائمة، وفي الأزمة السياسية المفتوحة على مصاريعها؟

إنه يهرّب المشكلة، ويؤخّرها لمدة شهر. لا أكثر ولا أقل.

هذا إذا استطاع فعلُ الإرجاء أن يهرّبها، ويؤجّلها.

وفي اعتقادي المتواضع، إن أيّ تغيير محتمل في المشهد السياسي المأزوم، لن يكون لصالح الديموقراطية، ولا لصالح الناس، بل فقط لصالح الطبقة السياسية الراهنة. أو في أقلّ الاحتمالات، لصالح فريق من أفرقائها.

وفي رأيي المتواضع جداً جداً، أن هذا الفريق لن يكون الفريق الذي يتنطّح وزير خارجيتنا المهول لامتطاء قيادته، بأناه المتضخمة، وبوقاحته السياسية غير المستحبة.

لو أُعطي للديموقراطيين أن يقترحوا، وأن يلقى اقتراحهم صدىً محترماً في عقول أهل الفساد، لاقترحوا حلاً مشرّفاً يعطي الناس ملء الحرية ليختاروا ممثليهم، وليكون لحريتهم هذه تأثير جوهري في النتائج الانتخابية المأمولة. لكن ذلك لن يحصل بالتأكيد. لأن لا أحد من أهل الطبقة السياسية "يثق" بالناس، أو يريد أن يعطي الناس هذه الحرية.

والحال هذه، فليكسّر أهل الطبقة السياسية – الطائفية بعضهم بعضاً. ولتظلّ الأمور معقّدة، وليظلّ باب الفرج مغلقاً في وجوه هؤلاء. إلى أن تقوم القيامة!

أكتب بالحبر الملآن: هذه الطبقة السياسية ليست وطنية.

الوطنية الحقيقية تفترض احترام المعايير والقوانين والدستاير والناس و... سلّم القيم.

لم يعد أحدٌ من أهل هذه الطبقة يتهّيب أمام القيم.

جميعهم يريدون أن يمرّغوها في الوحل. وأن يمرّغوا معها المعايير والقوانين والدساتير و... الناس.

والحال هذه، فإن العدم الوطني، والعدم السياسي، وما يعادلهما من خواء وفراغ، أشرف بكثير من تخريج بعض مشاريع الحلول الانتخابية المريضة التي تُدرَس في الكواليس والدهاليز، ويُعمل على توليدها قيصرياً بطريقة سوريالية معيبة، بهدف شلّ إرادة المدنيين والديموقراطيين من الناس، وتشويه أمانيهم، وكسر أحلامهم الأبيّة.

ما أحلى العدم والخواء والفراغ، أمام حلولٍ كهذه.

إلى أن يرعوي أحدٌ، أو الكلّ. لكن لا أحد يرعوي. ولا الكلّ!

علماً أن الجميع يعرف أن "ثنائياً" من بين الأفرقاء يتمنّى من كلّ قلبه وعقله أن تصل الأمور إلى مثل هذا الطريق المسدود، من أجل أن لا يبقى ثمّة حلّ وطني وسياسي ممكن... سوى "جهنّم المؤتمر التأسيسي".

نِعمَ جهنم. نِعمَ المؤتمر. ونِعمَ التأسيس.

عودٌ على بدء.

"حسناً" فعل رئيس الجمهورية أمس.

"شكراً" لرئيس الجمهورية.

والحال هذه، ليس علينا سوى أن ننتظر كيف سيردّ "الثنائي" الآخر الضربة التي صُفِع بها أمس.

يعزّ عليَّ أن أضرب مثلاً بالفرنسية: Rira bien qui rira le dernier

فأرجو أن لا يُعطى أحدٌ من هؤلاء أن يضحك، لا أولاً ولا أخيراً.

بل أرجو – حاملاً في رجائي هذا أوجاع لبنان كلّها- أرجو أن يبكوا جميعهم، البكاء المرّ كلّه.

وأن يُمسع بكاؤهم المرّ هذا، في أرجاء المعمورة!

إلى أن ينهض لبنان من القبر الذي هيّأوه له... ويقبرهم فيه.

فيكون لبنان الأمل والحرية هذا، هو الوحيد الذي يضحك أخيراً. وجيّداً.

والسلام!



[email protected]

 


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم