الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مساجد وقنوات تهاجم المسيحيين في مصر... الأقباط متضايقون من "التحريض" ضدّهم

المصدر: "أ ف ب "
مساجد وقنوات تهاجم المسيحيين في مصر... الأقباط متضايقون من "التحريض" ضدّهم
مساجد وقنوات تهاجم المسيحيين في مصر... الأقباط متضايقون من "التحريض" ضدّهم
A+ A-

طوال اعوام، سمع القبطي ميشيل فهمي بغضب خطيب المسجد المجاور لمنزله يدعو على المسيحيين بالسوء. وهو الآن يعتقد أن هذا "التحريض" سبب رئيسي في وجود انتحاريين مستعدين لمهاجمة الكنائس.  


فهمي (50 عاما) يدير مكتبة لبيع مقتنيات وتحف مسيحية في حي شبرا ذي الغالبية المسيحية. ويقول إن خطب الجمعة "في المسجد تدعو بالسوء على المسيحيين، وتحرض على العنف. الشباب يشحنون بالكراهية ضدنا، وينفذون ما يسمعونه". ويضيف بأسى: "بالطبع تضايقنا جميعا الاساءة الى المسيحيين في المساجد، وينتج منها إرهاب ضدنا".   


تتراصف صلبان خشبية كبيرة في واجهة المتجر الزجاجية الضيقة في جوار تماثيل متوسطة الحجم للمسيح والعذراء مريم. ويتابع فهمي: "المجتمع نفسه لا يعلّم الصغار أننا (المسلمون والاقباط) أخوة وأحباء وابناء وطن واحد. التنشئة لها دور كبير".  


أدعية ضد المسيحيين  

حزن ووجوم سيطرا على وجوه المارة #الأقباط الذين كانوا يتسوقون في صمت، استعدادا لعيد القيامة الأسبوع المقبل. ويشكو عدد من الاقباط من أنهم يسمعون أدعية ضد المسيحيين عبر مكبرات الصوت في خطب الجمعة، وفي القنوات الإسلامية الفضائية الخاصة التي تزايد عددها بعد الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك العام 2011.


لكن السلطات المصرية أغلقت هذه القنوات، وأوقفت بثها فور اطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي في تموز 2013. وتحاول وزارة الاوقاف ضبط خطب الجمعة، وتحدد سلفا المواضيع التي يتناولها الائمة في هذه الخطب. الا انها لا تستطيع السيطرة على كل المساجد، خصوصا ما يسمى بـ"الزوايا"، وهي مساجد صغيرة تنشأ بجهود ذاتية، خصوصا في المناطق الشعبية.   


في متجر ملابس مجاور، لا تزال البائعة القبطية ليليان أنيس (23 عاما) تتذكر بحزن تعرضها للمضايقة في المدرسة. وتقول: "كان البعض يرفض التكلم معي، لانني مسيحية. اتذكر ذلك جيدا، وبالطبع كان ذلك يضايقني". وتعتبر ان المشكلة تبدأ في المدرسة "عندما يتم التفريق بين الاطفال في المدارس. هذا مسلم وذاك مسيحي".   


أكثر من مرة، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى "تجديد الخطاب الديني"، معتبرا انه ينبغي مراجعته وتنقيته من الافكار المتطرفة التي تدعو الى العنف، والتي تشكل مرجعية للفكر الجهادي. لكن معارضيه يؤكدون ان هذه الدعوة بقيت حبرا على ورق، ويدللون على ذلك بالعديد من الاحكام التي صدرت خلال العامين الاخيرين بتهمة ازدراء الدين الاسلامي.  


ومن أبرز من حوكموا بهذه التهمة أخيرا، الباحث في الشؤون الاسلامية اسلام البحيري الذي قضت محكمة مصرية في نهاية كانون الاول 2015 بحبسه سنة، بعد سلسلة حلقات تلفزيونية قدم فيها تفسيرا للاسلام أغضب الازهر الذي اعتبره اساءة الى تراث السلف. وخرج البحيري من السجن نهاية العام الماضي بعفو رئاسي شمل كذلك 81 من الناشطين السياسيين الشباب.  


حصر احتفالات الفصح 

من جهة اخرى، قررت الكنيسة القبطية حصر احتفالات عيد الفصح في القداديس عبر انحاء البلاد، لاغية بذلك أية مظاهر إحتفالية او استقبال للمهنئين. وخصصت الاحد لاستقبال المعزين. وقال وكيل البطريركية الارثوذكسية القمص سيرجيوس: "سنكتفي بصلاة القداس فقط، من دون أي مظاهر احتفالية. لن نستقبل مهنئين بالعيد. نرحب فقط بالمعزين".

بدأ الخطاب الديني التحريضي ضد المسيحيين في مصر في سبعينيات القرن الماضي، حين سمح الرئيس الراحل أنور السادات للاسلاميين بممارسة النشاط السياسي مجددا، من اجل ضرب معارضيه اليساريين في ذلك الحين.  


وفي تسعينات القرن الماضي، تعرض الاقباط المصريون، خصوصا في الصعيد جنوب البلاد، لاعتداءات على يد جماعات إسلامية مسلحة كانت تستهدف كذلك رجال الشرطة في ذلك الحين. ويعتقد طالب الحقوق إبرام أنيس أن الإسلاميين الذين يمارسون العنف ضد الاقباط تعرضوا "لغسيل أدمغة نتيجة ما يسمعونه من تحريض ضد المسيحيين في الخطاب الديني الإسلامي في كل مكان".


وفيما كانت ترانيم كنسية تصدح من محل مجاور، يضيف: "أعرف أن الإسلام دين سلام وبريء من العنف. لكن هذا ما يحصل في نهاية المطاف".   


تحرشات طائفية 

تشكو قبطيات، مثل ليليان، من تعرضهن لمضايقات وتحرشات، مثل ألوف المصريات، لكن لها طابع طائفي. وتقول: "أسير خائفة في الشارع. أخشى أن يضايقني أحد بأي كلمة أو فعل. لم يعد هناك أمان".


بالنسبة الى العديد من المسيحيين، الحديث عن الوحدة الوطنية مجرد كلام لا يطبق. وفي طنطا، كان البعض يهتف، عقب تفجير الكنيسة: "مسلم ومسيحي ايد واحدة". ويعلّق مواطن قبطي رفض الافصاح عن اسمه: "هذا شعار أجوف، ولا معنى له، لان الدولة سلبية".  

ويضيف: "هناك هجوم علينا في الفضائيات. وهناك من يدعو الى عدم تهنئتنا في الاعياد، باعتبار ان ذلك محرم في الاسلام. ماذا فعلت الدولة لوقف ذلك؟"، وهو يقصد بذلك مواقف بعض قيادات التيار السلفي الذين يرفضون ان يهنىء المسلمون الاقباط في أعيادهم.

يعيش الاقباط توترا وقلقا من وقوع هجمات أخرى ضد كنائسهم. ويقول القمص سيرجيوس إنه "يتم التنسيق مع الأمن لزيادة تأمين سلامة الكنائس قبيل العيد".

وفيما كانت تمسك بيد ابنتها ماريا البالغة 5 اعوام، تقول الأم هالة بشرى باقتضاب: "أنا خائفة على ابنتي. الوضع مقلق". ويضيف أنيس، الشاب الذي يضع صليبا كبيرا حول رقبته: "نحلم في أن نعيش في #مصر في أمان لا أكثر ولا أقل". ويضيف: "لا نريد سوى أن نسير في الشوارع في أمان، من دون خوف من التعرض لنا او مضايقتنا".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم