الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مجلسٌ يمدّد لنفسه ليس سيّد نفسه

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
مجلسٌ يمدّد لنفسه ليس سيّد نفسه
مجلسٌ يمدّد لنفسه ليس سيّد نفسه
A+ A-

سأفترض أن مجلس النوّاب مدعوّ إلى التمديد مرةً جديدة لنفسه. 

فإذا اجتمع مجلس النوّاب، وصوّت على اقتراح قانون يمدّد فيه لنفسه، سنةً كاملة، أو أقلّ، أو أكثر، فهو بذلك يكون يؤكد أن من يفعل ذلك لا يكون سيّد نفسه.

سأفترض افتراضاً أنه سيفعل ذلك، وأنه لن يطبّق الدستور، بإجراء الانتخابات في مواعيدها، أو في إقرار قانون جديد لهذه الانتخابات.

افتراضٌ كهذا – وخصوصاً إذا تحقّق - ينزع عنه سيادته لنفسه. لأنه لو كان سيّد نفسه حقاً، لكان جعل الديموقراطية فوق كلّ اعتبار، ولكان نفّذ بالقوة الدستورية المتاحة له مبدأ تداول السلطة، ولكان فرض بسلطان القانون الذي هو حارسه، تطبيق المواعيد الدستورية التي تحتّم إجراء الانتخابات في مواعيدها المعروفة.

لا يملك المراقب حيال الوقائع السياسية المتلاحقة، سوى أن يستنتج هذا الاستنتاج، الذي لا استنتاج سواه: مجلس النوّاب ليس سيّد نفسه.

لو كان سيّد نفسه، حقاً، لكان اجتمع في هذا اليوم بالذات، وأقرّ قانوناً ديموقراطياً جديداً للانتخاب، يتيح للناخبين اختيار ممثليهم، الذين يُفترَض بهم أن يكونوا ضمير الأمة، ووجدان الشعب.

وما دام هذا المجلس لا يجتمع على الفور، أي قبل فوات الأوان الدستوري، فكيف يكون يمثّل ضمير الأمة، ووجدان الشعب، إذا كان يحول عملانياً دون أن تسائل الأمة ودون أن يسائل الشعب وجدانهما وضميرهما في المواعيد الدستورية؟

يعتريني الخجل لأني أكتشف كل يوم أن لا مكان للكرامة الوطنية لدى الطبقة السياسية في هذه البلاد.

أستخلص هذا الاستخلاص، وأعلنه، من دون تعميم طبعاً، وهو استخلاصٌ لا ينفكّ يقدّم البراهين تلو البراهين على صحته المذهلة. ذلك أن المجلس مستقيلٌ من القيام بوظيفته الأساسية، وهي حراسة الدستور.

حارس الدستور لا يطبّق الدستور، ولا يحرسه.

بل على العكس، يثبّت العكس.

كيف؟

لا بدّ أن الناس عرفوا أن نائباً ما، تمثل خلفه مجموعة نوّاب، وهذه المجموعة تمثل خلفها جهات سياسية وحزبية متنوعة، قدّم مشروع قانون معجلاً مكرّراً يقضي بالتمديد لمجلس النوّاب، "بسبب الظروف الاستثنائية المبيّنة في الأسباب الموجبة". فأيّ ظروفٍ استثنائية، وأيّ أسباب موجبة؟!

إن محض التفكير فحسب في أمر كهذا، يمثل جريمةً ضدّ الوطن، بل يمثّل في رأيي "خيانة عظمى". فكيف بالتجرؤ على طلب التمديد رسمياً وعلناً، و"بسبب الظروف الاستثنائية المبيّنة في الأسباب الموجبة"؟


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم